ملامح «الحل الإقليمي» ومقتضياته

ملامح «الحل الإقليمي» ومقتضياته

المغرب اليوم -

ملامح «الحل الإقليمي» ومقتضياته

بقلم - عريب الرنتاوي

تتولى صحف أمريكية وإسرائيلية مهمة الكشف عن بعض جوانب مشروع “الحل الإقليمي” لإدارة الرئيس دونالد ترامب، تزامناً مع ارتفاع وتائر التطبيع بين دول عربية ذات الصلة وإسرائيل، وانتقال بعض خطواته وإجراءاته من السر إلى العلن... طلائع المطبعين العرب لا يكتفون بالترويج للمسألة على شبكات التواصل الاجتماعي، بل ويتخذون مبادرات في هذا الاتجاه، ويقدمون “تنظيراً” و”تبريراً” متهافتين.

و”الحل الإقليمي” بحكم طبيعته، يتخطى حكاية “الممثل الشرعي الوحيد”، ويعيد للأنظمة والحكومات العربية مسؤولية التحدث نيابة عن الفلسطينيين والنطق باسمهم، من دون أن يعني ذلك التخلي عن “ديكور فلسطيني” يحيط بالمفاوضات والاتصالات السرية والمعلنة الجارية على قدم وساق، فإن تعذر انخراط القيادة الفلسطينية الشرعية في هذا المشروع، “التصفوي” بطبيعته، فلا بأس من محاولة فرض قيادات بديلة، بدلالة ما نشهده في قطاع غزة من ترتيبات وتفاهمات وسياسات برعاية إقليمية وازنة.

“الحل الإقليمي” يفترض التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل،  من التمثيل الدبلوماسي الكامل، إلى التعاون في شتى المجالات، يصاحبه إجراءات “بناء ثقة” بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تسير على مسارين متوازيين: أمني لحفظ أمن إسرائيل ومستوطناتها ومستوطنيها، واقتصادي لتهدئة الشارع الفلسطيني وتوفير فرص عمل للشباب وتحريك عجلة الاقتصاد ... ليس في الأفق مساراً سياسياً ذا مغزى، أو هكذا تفكر الولايات المتحدة وإسرائيل على أقل تقدير.

والهدف الأعلى لـ “الحل الإقليمي” هو التخلص من الديموغرافيا الفلسطينية، بعد أن احتفلت إسرائيل قبل أيام بالذكرى الخمسين لسيطرتها واحتلالها لكامل الجغرافيا الفلسطينية... هنا يجري التحرك على تقزيم مشروع “الدولة الفلسطينية” إلى إمارة في قطاع غزة، وقد تصبح إمارة موسعة إن أمكن إحياء مشروع جيوراآيدلاند للتبادل الإقليمي للأراضي.

و”الحل الإقليمي” يفترض دوراً رئيساً للدول العربية في حل قضية اللاجئين، حيث سيطلب من الدول المضيفة، بما فيها دول الخليج العربية، تجنيس المقيمين الفلسطينيين، ومنح اللاجئين جنسيات بلدانها ... فلا مطرح في إطار هذا الحل، لممارسة حق العودة والتعويض، ولا حتى لإدراجه على موائد البحث والتفاوض في هذا الإطار ... توريط الدول العربية بملف اللاجئين، هو الثمن الذي ستدفعه هذه الدول، نظير انخراطها في عملية تصفية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

و”الحل الإقليمي” يلحظ دوراً رئيساً لمصر والأردن في سياقاته ومندرجاته، فلا قطاع غزة بمقدوره العيش مستقلاً عن مصر وإسرائيل، ولا بقايا الضفة الغربية مؤهلة للتحول إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة ... هنا بالذات، وفي ملف اللاجئين، يأتي دور الأردن، بصرف النظر عن “السيناريو والإخراج” الذي سينتظم العملية برمتها.

و”الحل الإقليمي” سيجري تسويقه وتسويغه بوصفه حلاً مقبولاً بالنسبة للفلسطينيين، وسيكون بمقدور أكثر الحكومات والشخصيات هرولة وتهافتاً على مضمار التطبيع، القول إننا سنقبل ما يقبل به الفلسطينيون ... والمؤكد أنهم لا يقصدون بذلك خيار الصمود والمقاومة، وإلا واجهوا اتهامات بدعم الإرهاب والإرهابيين ... وإن تعذر تمرير هذا الحل على منظمة التحرير وقواها وفصائلها وسلطتها الوطنية، فلا بأس بـ “فبركة” و”تفصيل” قيادة فلسطينية بديلة، وعلى أي حال، فإن هذه العملية جارية على قدم وساق ويجري تحضير أكثر الشخصيات الفلسطينية تهافتاً لتتولى أدواراً قيادية في قادمات الأيام.

الحرب على الإرهاب التي تنخرط فيها دول عربية عديدة، تأخذ مساراً جديداً، وتتحول شيئاً فشيئاً إلى حرب على القوى المناهضة لـ “الحل الإقليمي”، ليس فقط من خلال إدراج حماس والإخوان وحزب الله في لوائح الإرهاب، بل وملاحقة القوى والدول التي تحتفظ بأي علاقة من أي نوع مع هذه القوى، وليس مستبعداً أن تشمل لائحة الأهداف السلطة الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير إن هي لم تتساوق مع مراميها ... الحرب على الإرهاب، في تداعياتها اللاحقة وتطوراتها المتشعبة، تتحول إلى مشروع تصفية للقضية الفلسطينية، التي ما زالت تحول دون إدراج إسرائيل في “تحالف الشرق الأوسط الجديد”، المنوط به محاربة إيران أولاً وقبل أي شيء آخر ... وفي هذه الحرب، كل الأدوات والوسائل مشروعة، بل وقد تصبح ضرورة من ضرورات حفظ الأمن القومي!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملامح «الحل الإقليمي» ومقتضياته ملامح «الحل الإقليمي» ومقتضياته



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya