هل من فارق بين ترامب وأون، غير السن

هل من فارق بين ترامب وأون، غير السن؟

المغرب اليوم -

هل من فارق بين ترامب وأون، غير السن

بقلم : عريب الرنتاوي

لم يعد الأمر مسلياً على الإطلاق، فالقصص والحكايات التي كانت تثير الابتسام والسخرية، باتت تثير القشعريرة والخوف والقلق ... دونالد ترامب ليس رئيساً تقليدياً، وسلوكه غير متوقع على الإطلاق، ومواقفه متقلبة بصورة مضجرة، يقول الشيء ونقيضه في أقل من 24 ساعة، ليس في القضايا الصغيرة أو التفصيلية، بل في المواقف الكبرى والاستراتيجيات ... اليوم يتهم الصين وغداً يمتدح رئيسها حد الغزل... يمتدح بوتين ويهبط بالعلاقة مع بلاده لأدنى مستوى منذ الحرب الباردة، ثم يعود فيغرد معرباً عن ثقته بأن العلاقة مع روسيا ستكون على ما يرام ... يسخر من الأطلسي قبل أن يعود للدعوة إلى إحيائه... لا يمانع من بقاء الأسد في السلطة، قبل أن يصفه بالسفاح و"الحيوان".

هاجسه الأول والأخير، البرهنة على أنه رئيس قوي، نقيض أوباما ... مقارنات نسمعها صبح مساء ... شبح أوباما وصورته، يطاردان الرجل في حلّه وترحاله... السياسة الخارجية والدفاعية باتت تُشتق من نظرته لنفسه، كل شيء يدور حوله، والباقي تفاصيل، يتذكر قطعة "الكيك" التي تناولها كأفضل ما مر به،  وينسى اسم البلد الذي قصفه للتو بـ 59 صاروخ توما هوك ... لا نعرف أين يبدأ "العائلي" وأين يبداً "المؤسسي" في سلوكه وقراراته وإدارته... قيل أنه اتخذ قرار ضرب سوريا، بتأثير من ابنته إيفانكا ... صهره أقرب إليه من أركان الإدارة الكبار، وهو مستعد للإطاحة بهم الواحد تلو الآخر، إن تطلب الأمر، وتسبب ذلك بإراحة الصهر المدلل، والابنة التي تنافس على لقب السيدة الأولى... وبعد مائة يوم من "حكمه السعيد" لا تزال الوظائف الكبرى في الإدارة شاغرة (130 موقع رفيع شاغر في البيت الأبيض وحده كما تقول مصادر).

هذا الرجل بات يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، خلال أسابيع قلائل، ضرب سوريا لأول مرة منذ اندلاع أزمتها، وقبل التحقق والتحقيق في هوية من ضرب الكيماوي، ووضع العالم بأسره على شفا حافة من المواجهة الكبرى غير المحمودة ... استخدم أكبر قنبلة غير نووية في الترسانة الأمريكية في أفغانستان ... يحشد الصواريخ المجنحة وحاملات الطائرات والمدمرات حول كوريا الشمالية ... هو من ذات طينة كيم جونغ أون، الديكتاتور الأحمق الغر، الذي يختطف 25 مليون كوري كرهائن ... لا فرق بين الرجلين، كلاهما يشف عن ضحالة في التفكير، منقطعة النظير، وكلاهما مهجوس بصورته وهواجسه ... ورغم فارق السن الهائل بينهما، إلا أن الحماقة والسلوك غير العقلاني وغير القابل للتوقع والتكهن، يجمعهما ويجعلهما خطرين للغاية.

العالم يحبس أنفاسه وتتسمر أنظاره صوب شبه الجزيرة الكورية ... ولا أحد يدري أين ستتجه التطورات وأية مفاجآت ستقع هناك، لا أحد يدري كيف لشرارة، أي شرارة، أن تشعل سهلاً، بل وربما تحدث حريقاً عالمياً .... لا أحد يعرف كيف يتصرف ديكتاتور بيونغيانغ، ولا أحد يعرف من "يحرك" رئيس الدولة الأعظم: الابنة والصهر، العقد الشخصية، هاجس أوباما، الصورة المرضية التي يسعى في تبديدها... لا نحتاج لـ "التحليل السياسي" لفهم وتتبع سلوك الرجل، نحن بحاجة لـ "التحليل النفسي" ... كارل ماركس سيقف عاجزاً عن تحليل ظاهرة ترامب، ربما سيغموند فرويد سينجح في ذلك لو بُعث حيّاً.

ظاهرة الديكتاتور الصغير في كوريا الشمالية، مفهومة في سياق نظام شمولي قاسي، انتقل من الجد للابن للحفيد، امتداداً لنظام امبراطوري – آسيوي – شرقي، رفع الحكام إلى مستوى "الآلهة" ... لكن ظاهرة ترامب، عصية على الفهم، في أكبر بلد صناعي، وحاضنة من حواضن الديمقراطية العالمية ... ظاهرة ترامب أفدح ضرراً وأكثر إساءة لا لمنظومة القيم والمبادئ التي جرى إلصاقها بـ "العالم المتحضر" وزعيمته ... الآن باتت الظاهرة تشكل تهديداً جدياً للأمن والسلم العالميين.

هو قال إنه سيتصرف منفردا ضد بيونغيانغ إن لم تتحرك الصين ... كيف سيتصرف، وما هي أوراقه؟ ... لم تبق في جعبة العقوبات ما يمكن استلاله في الأيام القادمة ... لم يبق سوى العمل العسكري الذي قد يشعل ذلك الجزء من العالم ... ولأن الخصم على الجبهة المقابلة، من القماشة ذاتها، فليس مستبعداً أن ينزلق الجميع إلى ما لا تحمد عقباه من سيناريوهات، حتى وإن لم يردها أي منهم أو يسعى إليها ، ومن الحمق بناء تصور عقلاني عن سلوك قادة حمقى من هذا النوع، وهذه رسالة لكل المطمئنين لبقاء الوضع تحت السيطرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من فارق بين ترامب وأون، غير السن هل من فارق بين ترامب وأون، غير السن



GMT 11:57 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

دفاعًا عن السودانيين ... وثورتهم

GMT 07:56 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

الفرصة من رحم الكارثة

GMT 16:30 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 13:12 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

التراجع عن فك الارتباط .. مزحة سمجة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya