عن الانتفاضة التي لم تندلع حتى الآن

عن الانتفاضة التي لم تندلع حتى الآن

المغرب اليوم -

عن الانتفاضة التي لم تندلع حتى الآن

بقلم - عريب الرنتاوي

كشف السيد حسن نصر الله في لقائه الأخير مع الميادين، معلومات عن لقاءات جمعت الحزب بقادة الفصائل الفلسطينية «جميعها»، وأن اتفاقاً قد تم التوصل إليه، يقضي بنتيجته، العمل على إشعال «انتفاضة ثالثة»، رداً على قرارات ترامب بشأن القدس، وتعبيراً عن فشل مسار التفاوض والتسوية ... فهل الانتفاضة يمكن أن تنطلق بـ»قرار إداري» تتخذه الفصائل في حاضرة حزب الله؟ ... وماذا عن موقف أكبر الفصائل وأكثرها نفوذا وتأثيراً في الضفة الغربية على وجه التحديد، وأعني بها حركة فتح، وهل من حضر الاجتماع يمثل الحركة بأجنحتها المختلفة ولديه تفويض بالتوقيع على «بيان الانتفاضة الأول»؟ ... وعن أي شكل من أشكال «الانتفاضة» نتحدث ويتحدثون، 1987 أم 2000 أم شكل بديل آخر؟ ... ما هي وسائل هذه الانتفاضة وأي أدوات كفاحية سيجري اللجوء إلى استخدامها؟ 
أبدأ بالقول، إن الانتفاضة فعل شعبي عفوي بالغالب، يجري تنظيمه وقيادته لاحقاً، إنْ من قبل رياديين شباب اضطلعوا بمسؤولية إطلاق الشرارة الأولى، والأرجح من قبل قوى منظمة، لا تجد صعوبة في «امتطاء» موجة العمل السياسي واغتنام اللحظة التاريخية التي قد تكون سبباً في تشكلها وقد لا تكون، وهذا الفعل الشعبي الجارف، تختمر جملة من العوامل والأسباب والظروف، في تشكيله وتطويره، وهي  - الانتفاضة - ليست قراراً بيروقراطياً أو مرسوماً يهبط من علٍ فيتلقفه الشعب المتلهف ويحيله إلى زلزال جماهيري جارف ... فهل الأوضاع في الضفة الغربية، وبعد ربع قرن على أوسلو، مهيأة لانتفاضة ثالثة؟ ... الجواب على هذا السؤال، بالنفي أو الإيجاب، ينطوي على قدر من المجازفة، وإن كنّا بعد مرور شهر على قرارات ترامب، نميل إلى التريث بالتبشير بانتفاضة جديدة.
موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الضفة الغربية إثر إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، توفر فرصة للقوى المنظمة للعمل على «تطوير» هذا الفعل الشعبي، المحدود في الزمان والمكان ومن حيث أعداد المشاركين فيه، إلى فعل أوسع وأشمل ... لكن هذه القوى ذاتها، بحاجة «لانتفاضة» في دواخلها لتجديد شبابها وضخ دماء جديدة في عروقها وتجديد حضورها، دع عنك تجاوز انقسامها المؤذي، بل والمدمر للحركة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطينيين.
تستطيع الفصائل مجتمعة، وبالذات فتح وحماس، أن تحدث فرقاً هائلاً إن هما قررتا العمل سوية، وفي الميدان، لتطوير أشكال من المقاومة الشعبية المستمرة والمتصاعدة ضد الاحتلال والاستيطان ... لكن من قال إن توافقاً كهذا يبدو أمراً ممكنا، لا بسبب الخلافات السياسية فحسب، بل وبفعل انعدام الثقة وهيمنة مشاعر القلق من الآخر، والتي تحظى في كثير من الأحيان بأولوية على جدول أعمال هذين الفصلين، تتخطى أولوية محاربة الاحتلال... هذه هي الحقيقة، إن أردنا توصيفها من دون «نفاق» أو «تكاذب» كما دأب على ذلك «خطاب الاستهلاك المحلي».
هل ثمة تقدير مشترك لأدوات النضال ووسائله الكفاحية التي يمكن اعتمادها في الضفة الغربية حصراً، وما هو موقع قطاع غزة ودوره في الانتفاضة الثالثة؟
في السجال الدائر حالياً حول هذه العناوين، تبدو الغلبة لفكرة المقاومة الشعبية، من دون أن تغيب فكرة «الكفاح المسلح» عن التداول، في غياب شبه كامل لأي مراجعة أو تقييم جديين لانتفاضتي الشعب الفلسطيني الكبريين، الأولى والثانية، إذ مقابل النظرية المؤسسة على مبدأ «المفاوضات حياة» والتي لا ترى سوى كارثية النتائج المترتبة على «عسكرة الانتفاضة»، يكتفي الفريق الآخر، بكيل الاتهامات لسلطة أوسلو ونهجها السياسي، وتحميله كامل تبعات المآلات الصعبة التي انتهت إليها القضية الفلسطينية ... ثمة حاجة لحوار فلسطيني حقيقي، ينطلق أولاً من القناعة بحاجة الشعب لتصعيد مقاومته الشعبية (أو انتفاضته)، ويمر ثانياً بتوافقات عريضة حول شكل هذه الانتفاضة وأدواتها، ولا ينتهي ثالثاً، بتوسيع وتنويع مشاركة الشعب الفلسطيني في مختلف أمكان تواجده، تحت الاحتلال وخارجه وفي المنافي والشتات ... مثل هذه العملية لم تبدأ فلسطينياً حتى يمكن التكهن كيف ستنتهي وكيف يمكن التنبؤ بالنتائج وقياسها.
ثمة ما يمكن وصفه بشعور عام بالإحباط يخيم على أوساط الشعب الفلسطيني ونخبه الحديثة، ناجم عن «محدودية» ردة الفعل الشعبية والجماهيرية على قرارات ترامب ... فالرهانات كانت منعقدة على أن قضية بحجم القدس ورمزيتها، كفيلة بتفجير طاقة الغضب الشعبي الفلسطيني إلى حدودها القصوى ... شيء من هذا القبيل لم يحدث حتى الآن ... الأمر الذي سيفضي إن استمرت الحال على هذا المنوال، إلى مزيد من «التراخي»، ويشجع بعض القوى الفلسطينية المتنفذة، على البحث عن سلم آمن للهبوط عن قمة الشجرة التي صعدت إليها، وفي المقابل، فإن وضعاً كهذا، قد ينمي اتجاهات المغامرة و»المقامرة» عند شرائح وفئات أخرى، تكون فقدت الأمل بإمكانية مسار تطور الأحداث... وفي كلتا الحالتين تكون الأبواب الفلسطينية فتحت على مصراعيها، للتدخلات الإقليمية واسعة النطاق، تارة تحت ستار «الواقعية» و»العقلانية» وأخرى تحت راية «المقاومة» و»الممانعة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الانتفاضة التي لم تندلع حتى الآن عن الانتفاضة التي لم تندلع حتى الآن



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya