المصالحة في السياقين الإقليمي والدولي

المصالحة في السياقين الإقليمي والدولي

المغرب اليوم -

المصالحة في السياقين الإقليمي والدولي

بقلم - عريب الرنتاوي

المصالحة، كما الانقسام في الأصل، لم تكن فعلاً خارجياً، لكنها كما الانقسام أيضاً، تأثرت بتطورات المشهد الإقليمي من حولنا، وتفاعلت مع اتجاهات تطور السياسات الدولية للعواصم النافذة ... مصر، قادت جهود الوساطة بين فريقي الانقسام، وهي نجحت في مسعاها الأخير، إلى الآن على أقل تقدير، وهي مدفوعة بمصالح عديدة منها: (1) فلسطين، وغزة، بوابة مصر لاستعادة دورها الإقليمي خصوصاً في المشرق، بعد أن عانى هذا الدور من الغياب والتغييب ... (2) التهديد الأمني الذي يضرب مصر ويلحق بها أفدح الخسائر، في سيناء ومنها إلى الوادي، وثمة تداخلات أمنية غير خافية على أحد، بين القطاع الفلسطيني وشبه الجزيرة المصرية ... (3) رغبة تعبر عن مصلحة مشتركة مع عواصم ثلاث أخرى في دول الرباعي العربي المعادي لقطر، بعزل حماس عن الدوحة، واحتواء تأثير الثانية على الأولى.
إسرائيل المستفيد الأول من الانقسام، باتت تخشى “انفجار القطاع” بما فيه ومن فيه، بعد أن بلغ السيل الزبى، وهي لا تريد حرباً على حدودها الجنوبية ولا تستعجلها، في ضوء تفاقم التهديدات من الشمال، وتزايد احتمالات التورط في مواجهة مع حزب الله في لبنان أو سوريا، أو على كلتا الساحتين معاً ... التقارير الأمنية الإسرائيلية، لطالما حذرت مؤخراً من خطر انفجار وشيك، في القطاع، ومنه إلى الداخل الإسرائيلي ... المصالحة تبدو مطلوبة لتنفيس حدة الاحتقان وتبديد موجات الانفجار قبل وقوعه... لكن الرهان الإسرائيلي، وهذا ما يجب التنبيه له، سيظل معقوداً على عودة الانقسام في أي لحظة تقتضيها المصلحة وأولويات “نظرية الأمن الإسرائيلية”.
الولايات المتحدة ليست بعيدة المسألة برمتها، صحيح أنها ليست طرفاً مباشراً فيها، لكن الصحيح أنها لم تعد تشهر حق النقض “الفيتو” في وجه المصالحة، وإلا لكانت أوعزت للوسيط بالكف عن وساطته، وحرضت إسرائيل على جعل المصالحة مستحيلة، ولما كانت استدعت “الرباعية الدولية” من “الأرشيف” لتصدر بيان المباركة والتبريك للجهود المصرية وللمصالحة ولعودة القطاع تحت مظلة السلطة الشرعية، متغافلة عمداً، وعن سبق الترصد والإصرار عن سرديتها المتكررة والممقوتة حول حماس كمنظمة إرهابية.
وحين يسقط “الفيتو” الأمريكي عن مسألة ما، يتوالى سقوط “الفيتوات” التي يشهرها حلفاء واشنطن في عموم المنطقة، بل وليس مستبعداً أن نرى تدافعاً في تأييد الجهد المصري ومباركة الخطوة الفلسطينية .
لماذا أصبحت المصالحة الصعبة ممكنة، والمرفوض مرغوباً؟
سؤال يصعب العثور على جواب عنه من خارج إطار “صفقة القرن” ومبادرة دونالد ترامب، ولعل سفير الإدارة في تل أبيب ديفيد فريدمان، هو أفضل من شرح المبادرة وقدّم أهدافها ومراميها وعناصرها، من دون “رتوش” ولا “تشفير” ... لا دولة فلسطينية بالمفهوم الشائع لكلمة دولة، والدولة لم تعد الحل الذي يرضي جميع الأطراف، ولا فرق بين إسرائيل ومستوطناتها، ولا فرق بين استيطان واستيطان، ومن حق إسرائيل أن تستوطن وأن توسع مستوطناتها، والضفة مهمة لأمن إسرائيل وفقاً لمنطوق القرار 242 كما يفهمه فريدمان، وإسرائيل ستضم أجزاء واسعة من الضفة من الغربية، بما يخدم أمنها، وستبقي على ما لا تراه حيوياً لها ... والحل، وفقاً لمبادرة ترامب، كما كشف عنه كوشنر لرئيس السلطة، ليس سوى تغيير مسمى السلطة إلى دولة، وعلى المساحة ذاتها من الضفة، بزيادة أو نقصان لا يذكران، وربط بقايا الضفة وكانتوناتها بالقطاع المحاصر ... ولهذه الغاية تبدو إعادة السلطة للقطاع مهمة، توطئة لإعلان الدولة بحدودها “التدريجية” وفقاً للسفير الأمريكي الذي تضيق بأطروحاته فصائل اليسار الصهيوني ذاتها، ولا يسعد بها سوى من هم على شاكلة بينت وليبرمان ونتنياهو.
بهذا المعنى، ستبدو المصالحة “سيرورة” وليست خطوة واحدة، ليس لأن إتمام جميع حلقاتها أمراً متعذراً بعد سنوات عشر عجاف من مأسسة الانقسام، بل لأن المصالحة سترتبط بمصائر مشروع ترامب دولياً، وبالتقدم على جبهة محاربة في سيناء مصرياً، وبالأزمة الخليجية سعودياً وإماراتياً ... لكل طرف من أطراف الإقليم والعواصم ذات الصلة، مصالحه وحساباته في المصالحة، وهو سيرقبها باهتمام، وفي ضوء التقدم لتحقيقها والحفاظ عليها، ستتقرر وتائر التقدم أو التراجع على مسار المصالحة، وسيظل الحال على هذا المنوال، ما لم يقرر الجانبان المحتربان فلسطينياً، أن الوقت قد حان للعمل بشعار “فلسطين أولاً”، وهو ما لا يبدو متوفراً حتى اللحظة في ظل هيمنة الحسابات الفصائلية والفئوية، وتفاقم تأثير الإقليم على الساحة السياسية الفلسطينية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة في السياقين الإقليمي والدولي المصالحة في السياقين الإقليمي والدولي



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 17:49 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

GMT 19:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الدلو

GMT 19:31 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب

GMT 04:30 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

باتاكي ترتدي بكيني أحمر متوهج وتتباهى بجسدها

GMT 06:55 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية معرفة الفرق بين الألماس الحقيقي والصناعي

GMT 02:40 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الأعمال الفنية الحديثة تخلو من الراقصة الممثلة الموهوبة

GMT 02:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

استكمال جمال سليمان ومنة فضالي وياسر فرج "أفراح إبليس2"

GMT 13:55 2016 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

استنفار أمني في زايو بعد العثور على فتاة مقيدة

GMT 23:33 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنضم إلى فريق عمل "اللهم إني صائم"

GMT 22:37 2017 الإثنين ,16 كانون الثاني / يناير

"بنات خارقات" يجمع شيري ويسرا وريهام على MBC مصر

GMT 23:37 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

"سابع جار" للممثلة هيدي كرم قريبًا على CBC
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya