بانتظار كوشنير وصحبه

بانتظار كوشنير وصحبه

المغرب اليوم -

بانتظار كوشنير وصحبه

بقلم - عريب الرنتاوي

مع نهاية الشهر الجاري، سيكون الوفد الأمريكي الثلاثي (جارد كوشنير، جيسون جرينبلات ودينا باول) قد أتم جولة في المنطقة، تشمل فلسطين وإسرائيل إلى جانب الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر، هدف الجولة وضع الأطراف الفاعلة في المنطقة، في صورة التصورات التي شكلتها إدارة دونالد ترامب للحل النهائي لقضية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

لم يتسرب الكثير عمّا يحمله الوفد في جعبته من أفكار وتصورات، لكن ما صدر عن الإدارة من مواقف مسبقة، والقليل مما تسرب عن مهمة الوفد، يكفي لأن نبني على الشيء مقتضاه، ولأن ندعو منذ الآن، إلى الهبوط بسقف التوقعات والآمال والرهانات ... ونوجز تقديراتنا وقناعاتنا “المسبقة” على النحو التالي:

على المسار الثنائي الفلسطيني – الإسرائيلي، ليس لدى كوشنير وصحبه ما يعرضونه سوى رزمتين اثنتين: الأولى، مزيد من التنسيق والتعاون الأمني خدمة لسلطات الاحتلال ومستوطناتها وجدرانها ومشاريعها التوسعية الاحتلالية...  والثانية، عروض اقتصادية للفلسطينيين قد تتخطى منطق “جوائز الترضية”، وقد تكون سخية نسبياً، تعويضا لهم عن تغييب المسار السياسي، ومساهمة من الوفد بتسهيل مشروع “السلام الاقتصادي” القديم – الجديد لنتنياهو.

والحقيقة أن كوشنير وصحبه لا يأتون بجديد على هذا المسار، فمنذ أكثر من عشر سنوات، سعى الجنرال كيت دايتون في ترجمة نظرية “الانسان الفلسطيني الجديد”، والتي ترتفع بالتنسيق الأمني من مستوى التعاون وتبادل المعلومات بين أجهزة أمنية واستخبارية، إلى خلق انسان فلسطيني جديد، يؤمن بأن عدوه هو من يحمل السلاح ضد الاحتلال، حتى وإن كان حجراً أو سكين مطبخ، وليس الاحتلال نفسه ... أما طوني بلير، مجرم الحرب في العراق، وممثل الرباعية المجلل بعار الصفقات المشبوهة والسمسرة والذهب الأسود، فهو الذي رعى ترجمة نظرية نتنياهو للسلام الاقتصادي مع الفلسطينيين، وهو مع دايتون عرابا مشروع “بناء الدولة تحت جلد الاحتلال”، لينتهي الأمر إلى بقاء الاحتلال وتبديد مشروع الدولة.

على المسار الإقليمي، سيبحث الوفد الأمريكي مع القادة الذين سيلتقيهم في مشروع “السلام الإقليمي”، أو “الإطار الإقليمي للسلام في الشرق الأوسط”... هنا لن يجد الوفد كبير عناء، سيما وأن قمم الرياض الثلاث التي التأمت احتفاء بزيارة ترامب للمملكة العربية السعودية، سبق وأن أرست قواعد هذا الإطار، بل وذهبت حد الدعوة لإقامة “حلف شرق أوسطي جديد”، مفتوح للمشاركة الإسرائيلية، ويتولى حصراً مواجهة “التهديدات الإرهابية والإيرانية”.

التطبيع قبل السلام، أو نظرية “التطبيع هو القاطرة التي ستجر السلام وراءها”، هو فلسفة ترامب لحل القضية الفلسطينية، والأصل أنها مقاربة تتناقض مع جوهر ونص وروح مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت 2002، التي اشترطت إنهاء الاحتلال وحل القضية الفلسطينية، توطئة للسلام الشامل والتطبيع الكامل .

الفلسطينيون بخبراتهم المتراكمة مع المبادرات والمشاريع التي تعاقبت على إطلاقها إدارات أمريكية عديدة، ومن وحي خبرتهم القاسية مع احتلال اقتلاعي – عنصري، يدركون تمام الإدراك، إن باب التطبيع الرسمي العربي إن فتح مع إسرائيل، فلن يغلق ثانية، بل وسيفتح على مصاريعه كافة، وأنهم سيُترَكون وحدهم في نهاية المطاف في مواجهة الحليفتين الاستراتيجيتين، بل وتنتابهم أشد المخاوف، من انضمام مزيد من العواصم العربية، إلى تل أبيب وواشنطن، في ممارسة الضغوط عليهم للتماهي والتساوق مع ترامب ومشاريع إدارته... والحقيقة أن هذه المخاوف قد تكشفت مبكراً، وأن هذا المسار قد بدأ قبل أن تنتهي الإدارة الأمريكية من بلورة أفكارها للحل النهائي للمسألة الفلسطينية، فسيل “النصائح” والضغوط العربية على رام الله لم ينقطع، وبعض العرب أتبعوا القول بالفعل، إن بوقف المساعدات المالية أو بمحاولة فرض رموز وشخصيات متهافتة على القيادة الفلسطينية.

ولأن الوفد الأمريكي، كما تشير الدلائل الأولية، سيأتي بأفكار وتصورات يصعب على أي قيادي فلسطيني القبول بها، واعتبارها أساساً صالحاً للحل النهائي، فإن من المتوقع أن تنتهي هذه الجولة لا إلى الفشل فحسب، بل وإلى وضع قيادة السلطة والمنظمة في خانة صعبة للغاية، ومن غير المستبعد أن تسهم في زيادة حدة التوتر والتصعيد، بدل أن تعمل على تخفيف الاحتقان وبناء الثقة واستعادة التفاوض وتقريب الحل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بانتظار كوشنير وصحبه بانتظار كوشنير وصحبه



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya