لبنان ينتفض على «التابوهات»

لبنان ينتفض على «التابوهات»

المغرب اليوم -

لبنان ينتفض على «التابوهات»

بقلم - عريب الرنتاوي

على نحو عفوي ومن دون سابق إنذار، خرج اللبنانيون واللبنانيات، بمئات الآلاف إلى الشوارع والميادين، في أوسع وأشمل حركة احتجاج يعرفها لبنان منذ سنوات طوال ... خرجوا من مختلف الطوائف والمذاهب والأحزاب، وهتفوا ضد نظام «المحاصصة الطائفية» الفاسد والعاجز ... خرجوا من دون رغبة من أحزابهم التقليدية الكبرى، بل وبالضد من هذه الأحزاب وزعاماتها، زعامات العوائل والاقطاع السياسي.
أذهل حراك الشباب الطبقة السياسية اللبنانية برمتها، ودفع زعماءها وفرسانها للتقافز من «سفينة الحكم» المتصدّعة، وتفاقمت حرب الاتهامات والاتهامات المتبادلة فيما بينهم ... حتى أن رئيس الحكومة، لم يستطع أن يطلب أكثر من مهلة 72 ساعة لكي «يبق البحصة»، وينطق بالقول الفصل، والقول الفصل هنا، هو الاستقالة الفردية والجماعية لحكومة «الديمقراطية التوافقية»، إن لم يتمكن من إعادة ترميم التحالف والصفقة اللذين جاءا به.
لكننا نحن الذين نراقب المشهد من بعد، كانت دهشتنا أشد هولاً... فمن كان يتوقع أن يرى قواعد زعماء الحرب والسلام وأمراء الطوائف، وقد حُرّقت صورهم في قراهم و»ضيعهم» ومن قبل أشخاص لم يصوتوا لأحد غيرهم من سنوات وعقود؟ ... من كان يظن أن المتظاهرين سينزعون «ثوب القداسة» عن رموز طائفية، مزجت الديني بالدنيوي والسياسي بالشرعي ... من كان يعتقد أن أقدام اللبنانيين ستدوس صوراً لزعماء توارثوا السلطة والثورة، جيلاً بعد جيل، وكابراً عن كابر ... هكذا هم اللبنانيون، لقد تمردوا على هذه «التابوهات» بل وداسوها بالأقدام.
«كِلّن يعني كِلّن» ... شعار تردد في طرابلس وصيدا والنبطية وبعبدا والدورة، رددته حناجر اللبنانيين من مسلمين ومسيحين، سنة وشيعة ودروز وأرمن ... في إشارة إلى تورط جميع أبناء الطبقة السياسية في مستنقع الفساد والإفلاس، في بلد ينفرد فيه «حزب الفساد» بكونه الحزب الوحيد العابر للطوائف والمناطق والمذاهب.
لقد داهمت الأحداث الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، وهي في لحظة دقيقة وحرجة، تتميز بإعادة الحسابات، وإعادة رسم خريطة التوازنات والتحالفات، وهي لحظة أملتها واستعجلتها، تطورات الإقليم المحيط بلبنان، حيث يشعر فريق من اللبنانيين بأنه انتصر في سوريا والإقليم، وأن الوقت قد حان، لتحجيم وتهميش الفريق الخاسر، الذي راهن على سقوط الأسد واندلاع الحرب على إيران لتقليم أنيابها وتقليع أظافرها ... هذا الفريق، أصيب بالخذلان والتخلي، امتداداً لما أصاب رعاته الإقليميين من خيبات وسقوط رهانات على إدارة ترامب وسياساتها الانسحابية من سوريا والشرق الأوسط برمته.
وليس مستبعداً في ضوء تفاقم الأزمة، إن يعاد ترسيم «الصفقة الرئاسية» التي جاءت بميشيل عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للوزراء، وهي الصفقة التي انخرط فيها بنشاط، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والزعيم الدرزي وليد جنبلاط ... يبدو أن تطورات سوريا والإقليم، لم تعد تُبقي الكثير لهذين الزعمين، هامشاً واسعاً للمناورة، ولا ثقلاً مناسباً في عملية صنع القرار والسياسة، وليس مستبعداً أبداً، أن يدخل لبنان من جديد، مرحلة التحالف الرباعي (المستقبل، التيار الوطني الحر، أمل وحزب الله)، وربما كانت مهلة الساعات الـ»72» التي طلبها الحريري، هي آخر فرصة له لكي يستطلع مع «حلفاء الضرورة» ما إذا كان بالإمكان الاستمرار في «الصيغة الرئاسية»، حتى وإن جرى تعديلها، وما هي حدود هذا التعديل وآفاقه؟.
لطالما كان لبنان بحساباته وتوازناته، «رجع صدى» لما يجري في سوريا والإقليم ... ومجريات الإقليم وبالأخص سوريا، لم تعد صديقة للخصوم الأشد لدمشق وطهران، ولهذا السبب بالذات، سنجد القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي في صفوف المعارضة إلى جانب حزب الكتائب اللبنانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ينتفض على «التابوهات» لبنان ينتفض على «التابوهات»



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 10:48 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج الأسد

GMT 10:10 2020 الأحد ,29 آذار/ مارس

الشباب والرياضة صبراتة يطلق حملة توعية

GMT 21:42 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

فوائد الخميرة للبشرة وأفضل الأقنعة المجربة

GMT 18:25 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

العُثور على جُثة شاب مقطوع "الأنف" في القنيطرة

GMT 04:04 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر معالم السياحة في مدينة لوكا الإيطالية

GMT 05:58 2018 السبت ,22 أيلول / سبتمبر

ديكورات منزل عطلات ناتالي بورتمان

GMT 07:42 2018 الجمعة ,23 آذار/ مارس

أفخم الفنادق في وسط لندن لتجربة مختلفة

GMT 04:52 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق "عسكري" يستنفر أمن تازة

GMT 09:27 2014 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"رجل بورتون" يختبر ملابس صدّ الهجمات البيولوجيّة

GMT 12:33 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تفكيك شبكة دعارة والقبض على مسيّرتها في مدينة مراكش

GMT 05:06 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الدرهم العائم
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya