صالح–الحوثي هل تسقط القلعة من الداخل

صالح–الحوثي: هل تسقط القلعة من الداخل؟

المغرب اليوم -

صالح–الحوثي هل تسقط القلعة من الداخل

بقلم - عريب الرنتاوي

تحتدم الخلافات بين “المخلوع” علي عبد الله صالح وحزبه من جهة وجماعة أنصار الله – الحوثيين من جهة ثانية، وبات يصعب على الطرفين حفظها في الغرف المغلقة، أو النظر إليها بوصفها أمراً ثانوياً، أو صراعاً “فيسبوكياً” وفقاً لوصف الرئيس صالح.
صالح يتهم الحوثيين بالهيمنة والاستئثار على مفاصل الحكومة والمجلس السياسي، ويحمّل لجنتهم الثورية المسؤولية عن التردي في علاقات الحليفين اللذين صمدا لما يقرب من ثلاث سنوات في مواجهة حرب عاتية، شنها تحالف عريض ومدجج بأحدث ما انتجته الترسانة الحربية الغربية ... فيما يتهم الحوثيون صالح، بخيانتهم والغدر بهم، من خلال التساوق مع مشاريع ، تسعى في خلق الشقاق بين الحليفين واستمالة صالح ونجله وحزبه إلى جانب التحالف العربي ، ودائماً على حساب الحوثيين وبالضد من حليفتهم الإقليمية: إيران.
لا تتوقف حرب الاتهامات بين الجانبين، صالح ومنذ عدة أشهر، يلقي باللائمة على الحوثيين في كل ما يصيب المناطق التي تقع تحت سيطرتهما المشتركة من “كوارث وأزمات”، سوء الإدارة وفسادها والتلاعب بأموال البنك المركزي وأزمة الرواتب، وغيرها ... في المقابل، يتهم الحوثيون صالح، بأن لا يحشد ما يكفي من رجال وأسلحة للزج بها في الميادين، وأنه يفضل التظاهرات الاستعراضية التي تجدد البيعة والولاء لشخصه وحزبه، على الزج بالمزيد من المتطوعين والمجندين في ساحات القتال ضد قوات التحالف وأنصارها المحليين... أكثر من ذلك، يتهم الحوثيون صالح، تصريحاً وتلميحاً، بأنه يسعى في طردهم من صنعاء وفتح بواباتها للقبائل الموالية له من بوابة الاحتفاء بذكرى تأسيس حزبه، توطئة لتسليمها للتحالف السعودي – الإماراتي.
والحقيقة أن متابعة آخر مشهد للخلاف المحتدم والعلني بين حليفي الأمس، يستدعي جملة من المواقف والتطورات التي رافقت الأزمة اليمنية وسبقتها، وبما يعطي معنى ودلالة للخلاف الطافي على السطح بين الأطراف الآن، ومن ضمنها:
أولاً: أن الإمارات بخلاف السعودية، تبنت مبكراً فكرة “فك الارتباك” بين صالح والحوثي، وقد كشفت تسريبات “غلوبال لييكس”، عن بعض جوانب الموقف الإماراتي، الذي يعتقد أن اللعب مع صالح ممكن، وأن التهديد الأهم يأتي من الحوثي، وربما لهذا السبب استبْقت أبو ظبي نجل الرئيس المخلوع لديها، كقناة تواصل مع أبيه وورقة مساومة، ويبدو أن الوعد بدور مستقبل لأحمد علي عبد الله صالح، هو ما يغري “المخلوع” بالتخلي عن حليفه الحوثي ... في المقابل، تعاملت المملكة مع الرئيس صالح بوصفه رجلاً ليس موضع ثقة، وأنه تنكر لخدمات الرياض ومساعدتها له، بل وإنقاذه من الموت بعد أن تعرض لحروق وإصابات بليغة قبل عدة سنوات، وهي حرصت على وضعه في سلة واحدة مع أنصار الله حتى الأمس القريب ... يبدو أن وجهة النظر الإماراتية تفوقت على التحفظات السعودية، وأن باب المساومة مع صالح قد فتح على مصراعيه.
ثانياً: أن “زواج المتعة” بين صالح والحوثي، طال واستطال بأكثر مما ينبغي على ما يبدو، وأن الجانبين وجدا نفسيهما في علاقة اضطرارية لا مندوحة عنها، علماً بأن تاريخياً دامياً يجمع الفريقين، والرئيس صالح سبق وأن شنّ ستة حروب على أنصار الله والحوثي في صعدة والحديدة، خلال الفترة من 2004 -2009، وأنه لم يترك طرفاً إلا وتحالف معه ضد هذه الجماعة، ، دع عنك الأحمر والتجمع اليمني والمدرسة الإخوانية ... يبدو أن الجمر عاد للاتقاد تحت الرماد من جديد، وأن الجانبين استيقظا من نشوة اللحظة واستعادا بعضاً من فصول تاريخهما الدامي المشترك.
ثالثاً: ليس للرئيس صالح مواقف ومبادئ ثابتة، الرجل الذي حكم اليمن لثلث قرن، وكما لم يفعل غيره من قبل ومن بعد، لم يكن ساذجاً كما يحاول البعض تسخيفه وتسفيهه، وأظهر أنه ثعلب السياسة اليمنية الماكر، وأنه قادر بخفة عالية وانتهازية شديدة، على تبديل جلده وثوبه، تحالف مع السعودية وحاربها، تحالف مع السلفية الجهادية وحاربها، تحالف مع الحوثي بعد أن حاربه، قرب العشائر وأبعدها، لعب على مختلف الأطراف ورقص على كل الدفوف والحبال، هذا هو علي عبد الله صالح، الرجل الذي لا بوصلة توجه سلوكه سوى مصالحه الشخصية وشبقه الشديد بالسلطة والثروة ... ومن غير المستبعد على رجل بهذه المواصفات أن يتساوق مع عروض وصفقات مجزية، من نوع تلميع نجله العقيد أحمد، وتصديره الصفوف، بل وأن يسعى في جعل أمر كهذا ممكناً.
رابعاً: في المقابل، ليس غريباً على حركة دينية من طراز أنصار الله وشاكلتها، أن تتكشف عن نزعات للهيمنة والاستئثار، وثمة الكثير من الشكاوى موثقة في سجل الحركة وتجربتها في السنوات الثلاث الأخيرة، وتذكرنا اللجنة الثورية في اليمن بلجنة حماس الإدارية في غزة، وعلينا أن نتذكر أن الحوثيين لم يصغوا لكافة النصائح التي وجهت إليهم بعد النزول إلى عدن والمحافظات الجنوبية، ولكنهم مع ذلك لم يصغوا لأحد، وظنوا أن بمقدورهم بسط سلطتهم على اليمن كله، إلى أن فقدوا صداقات وتحالفات كانت متعاطفة مع “مظلوميتهم” حتى الأمس القريب، وهم شأن كافة حركات الإسلام السياسي، السياسية والمسلحة، لديهم ميل جارف للهيمنة والإقصاء والاستئثار، لذلك سيجد الباحث في أرشيف تجربتهم القصيرة في الحكم، ما يكفي من مبررات وذرائع، إن هو قرر الاستدارة أو نقل البندقية من كتف إلى آخر.
إن استمر الخلاف والتراشق على هذا المنوال، فإن مصيراً أسود ينتظر هذا الثنائي، وقد يصبح الحسم سيد الموقف، وقد يفضي إلى “سقوط القلعة من الداخل” بعد أن أعيت خصومها الخارجيين ... والمفارقة أن أمراً كهذا يحدث في وقت تنعقد فيه الرهانات على قرب انتهاء الحرب مع وصول مشروع التحالف العربي إلى طريق مسدودة، وعدم قدرته بعد ثلاث سنوات على حسمها، وهو الذي وعد بالانتصار في غضون أسابيع ثلاثة ... الطموح الشخصي لصالح ونزوع الهيمنة للحوثي سيوفران للتحالف البضاعة التي لم يستطع الحصول عليها بقوة الطائرات والدبابات والحصار والتجويع... مسكين هذا الشعب اليمني، المنكوب بالكوليرا وبقياداته وأحزابه وجيرانه الأقربين والأبعدين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صالح–الحوثي هل تسقط القلعة من الداخل صالح–الحوثي هل تسقط القلعة من الداخل



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة

GMT 17:22 2019 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

احصلى على أسنان ناصعة البياض فى المنزل

GMT 13:30 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عربية السيدات تعتمد جوائز خاصة للفرق الرياضية

GMT 23:33 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موعد الكشف عن "بوجاتي تشيرون سوبر سبورت" الجديدة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya