تغيير سلوك النظام أم إسقاطه

تغيير سلوك النظام أم إسقاطه؟

المغرب اليوم -

تغيير سلوك النظام أم إسقاطه

بقلم - عريب الرنتاوي

«واشنطن لا تريد إسقاط النظام في إيران، بل تسعى إلى تغيير سلوكه»... هذا هو ملخص الاستراتيجية الأمريكية المعلنة حيال إيران، جرى الحديث عنه، وإعادة تأكيده أكثر من مرة ... وهو تلخيص صحيح وتوصيف دقيق حين يتعلق الأمر بتغيير النظام عن طريق القوة الغاشمة ... ولكنه لن يبقى كذلك، حين نمر بمختلف فصول الاستراتيجية الأمريكية حيال إيران، هناك سيتضح أن واشنطن معنية أكثر من غيرها، بتغيير النظام، ولكنها تريد لهذا التغيير أن يأتي حصيلة الحصار والتجويع والعقوبات، وليس كنتيجة لحرب خليجية رابعة، مكلفة وغير محسوبة.
في التقدير السائد في أوساط العديد من الباحثين والمحللين ومراكز البحث والتفكير، أن التغيير في إيران قد يتخذ شكل التغيير الذي أطاح بالاتحاد السوفياتي، وأحاله من قوة دولية عظمى، إلى دولة متوسطة الحجم، ملحقة بالركب الأمريكي زمن بوريس يتلسين، قبل أن يصعد فلاديمير بوتين إلى سدة القيادة، ويعيد بعث شعور الاعتزاز القومي للأمة الروسية، بل ويعيد تموضع روسياً على الخريطة الدولية بوصفها لاعباً رئيساً.
و»النموذج» السوفياتي للتغيير، تشكل تاريخياً من مزيج من «سباق التسلح» و»المباراة الاقتصادية»، والعقوبات والحصار، والتطور اللا-متوازن بين الصناعات الثقيلة والحربية من جهة والصناعات الاستهلاكية والخدمية من جهة ثانية ... العزلة عن المجتمع الدولي وعن منجزات العلم والتكنولوجيا... اللعب على ورقة القوميات والكيانات والمكونات... مطاردة حلفائه وشن أوسع حروب الوكالة عليه....الاستخدام الكثيف لمنظومة القيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان، بوصفها أدوات لنزع الشرعية عن النظام، وروافع لتأجيج الغضب الشعبي المتراكم ضده.
كل هذه الأدوات تستخدم الآن في حروب التطويق والحصار التي تشنها واشنطن وحلفاؤها الأقربون، ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، على أمل أن تنتهي إلى ما انتهت إليه تجربة الاتحاد السوفياتي: التفكيك وسقوط النظام والانتقال من خندق العداء للغرب الإمبريالي، إلى موقع دولة صديقة، دائرة في فلك الولايات المتحدة والغرب، وإسرائيل استتباعا إن أمكن ذلك.
في ظني أن واشنطن حين تدّعي أنها لا تريد إسقاط النظام الإيراني، فإن ادعاءاتها تستبطن خلاف ما تعلن، وأن ثمة «تورية» من نوع حذق ومخادع يميز هذه التصريحات ... سلسلة العقوبات غير المسبوقة في التاريخ التي فرضت وسيتوالى فرضها موجة إثر أخرى، والتلويح بجعل إيرادات إيران النفطية تلامس خط الصفر، واللعب على وتر المكونات القومية والاحتجاجات الشعبية والمعارضات الخارجية، كل ذلك يؤشر إلى أن الهدف الفعلي للولايات المتحدة، هو إسقاط النظام والإطاحة بتجربة الجهورية الإسلامية، وانهاء ظاهرة «تصدير الثورة» وتقويض الدور الإقليمي للبلاد.
مثل هذا التكتيك، يوفر للولايات المتحدة فرضة الحصول على «تفهم أفضل» لمواقفها وسياساتها، فكثير من دول العالم التي لا تسعى في استعداء إيران، لا تبدي ارتياحاً لسياسات ومقاربتها الخارجية، وثمة كثير من الدول كذلك، تريد لطهران تغيير سلوكها وإن كانت لا تضمر، لا في السر ولا في العلن، مشاريع من طراز «إسقاط النظام» ... مثل هذا التكتيك، الموارب، يتيح لواشنطن هوامش حركة ومناورة أوسع، إذ بمقدورها أن تظل على موقفها المتعنت ضد طهران، وأن تصعده أو تتراجع عنه في الوقت الذي تريد، وحيثما يكون الأمر ممكناً أو مرغوباً.
حتى بعض أصدقاء طهران وحلفائها، ابتلعوا «الطُعم»، بل وبدأوا يروجون التقديرات عن سقف خفيض للموقف الأمريكي من طهران، حتى أن صحفاً محسوبة على «محور المقاومة»، تورطت في التبشير باتساع الشقة بين الولايات المتحدة وكل من السعودية والإمارات حول الموقف من إيران، وبلغة لا تخلو من التشفي بإخفاق إسرائيل ودول خليجية في جر واشنطن إلى خندق العمل الهادف إطاحة نظام الولي الفقيه، مع أن التدقيق في المواقف الأمريكية، يجب أن يقودنا إلى الاستنتاج بأن إسقاط النظام هو الهدف الأسمى للسياسة الأمريكية حيال إيران، حتى وإن تلطى خلف شعارات «مُخففة» من نوع تغيير السلوك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغيير سلوك النظام أم إسقاطه تغيير سلوك النظام أم إسقاطه



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya