الحرب على «المنظمة» حين تأتي من الفلسطينيين أنفسهم

الحرب على «المنظمة» حين تأتي من الفلسطينيين أنفسهم؟!

المغرب اليوم -

الحرب على «المنظمة» حين تأتي من الفلسطينيين أنفسهم

بقلم : عريب الرنتاوي

في موسكو اختلف الفلسطينيون حول مسألتين لا يجوز الاختلاف حولهما: الأولى، وحدانية التمثيل الفلسطيني وحصريته في إطار منظمة التحرير الفلسطينية... والثانية، مرجعية الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة بالقضية... ونقول لا يجوز الاختلاف حول هاتين القضيتين، ليس لأن جعبتنا خالية من الملاحظات والانتقادات عليهما كتليهما، بل لأننا لا نمتلك بدائل ومظلات أخرى، نلوذ إليها ونستظل بها... سنتناول في هذه المقالة، المسألة الأولى، ونضرب صفحاً عن الثانية.

الجهاد الإسلامي، سيراً على سنة «غير حميدة» اختطتها حماس لسنوات طوال، رفضت الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، حجتها في ذلك، أنها لا تضم تحت جناحيها الفصائل كافة، ولم تجر انتخابات حرة ونزيهة لمجلسها الوطني ومؤسساتها التمثيلية المختلفة.

حسناً، نحن نشاطر الجهاد، ومن قبلها حماس، الملاحظات ذاتها، ولدينا ما هو أكثر منها وأعمق، ولطالما خضنا صراعات ضد الهيمنة والتفرد والاستفراد والتحكم، وضد منطق «الكوتا الفصائلية»، ولطالما دعونا إلى أطر تمثيلية تلحظ تمثيل الجيلين الثاني والثالث للنكبة، وكم تحدثنا عن «شيخوخة» الحركة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، وطعنا في شرعية أدواتها ووسائلها للاستمرار في السلطة، والعمل بمبدأ التمديد والتجديد (لم نصل للتوريث من لطف الله ورعايته)، ولكن كل ذلك لم يمنعنا من الدفاع عن المنظمة بوصفها الممثل الشرعي الوحيد، ببساطة لانعدام البدائل، وخطورة (وفشل) محاولات تشكيل أطر بديلة وموازية، سيما حين تكون مدفوعة بحسابات هذا المحور الإقليمي أو ذاك.

هل تقترح الجهاد مثلا، أنها هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني؟... أو هي وحماس؟... أو الإدارة المنتظرة لقطاع غزة، أو غرفة العمليات المشتركة، أو الهيئة الوطنية لمسيرات العودة، أو نادي فصائل دمشق؟... هل تقترح الجهاد، تسليم راية التمثيل الفلسطيني لمحور إقليمي بعينة؟... للجامعة العربية؟... من سيمثل الفلسطينيين إن سقطت وحدانيته وحصريته عن المنظمة؟

مشكلة الإسلام السياسي الفلسطيني بجناحيه، الجهاد وحماس، أن ذاكرته التاريخية قصيرة جداً، فهو يعتبر نفسه مبتدأ الجملة الفلسطينية وخبرها، ويؤرخ للكفاح الفلسطيني منذ لحظة التحاقه بركب هذا النضال، وليس من بداياته الأولى، المتكررة والمتعاقبة، على شكل موجات كفاحية متلاحقة... هذا الإسلام السياسي الفلسطيني لم يخض معارك الهوية الفلسطينية الوطنية، فهو بالكاد يعرفها ويتعرف عليها ويعترف بها، وكيف له أن يعرفها وهو الذي اعتاد النظر لـ»القومية» بوصفها عصبية جاهلية، وقدم عليها مفهوم «الأمة» بالمعنى الإسلاموي الفضاض، الممتد على مساحات انتشار المسلمين.
مشكلة هذا الإسلام السياسي أنه لم يخض معارك الصراع على التمثيل وسد الثغرات التي تسللت منها حكومات عربية عديدة وجهات إقليمية نافذة، للسيطرة على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، بل كان رؤوس جسور للتسلل والعبث الإقليميين في الداخل الفلسطيني... هذا الإسلام السياسي نشأ بعد أن كانت الحركة الوطنية الفلسطينية، قد قطعت أشواطاً كبيرة، على طريق بعث الهوية واستعادة الكيانية وانتزاع القرار المستقل ووحدانية التمثيل.

وتزداد هذه المقاربة خطورة في اللحظة السياسية الراهنة، عشية الكشف عن صفقة القرن، وفي وقت تشهر فيه حكومة نتنياهو وإدارة ترامب اليمينيتين، راية «الإطار الإقليمي» للحل، قافزة من فوق الممثل الوطني ومنظمة التحرير والشعب الفلسطيني برمته، فلمصلحة من، يجري تحويل وحدانية التمثيل، إلى قضية خلاف كبرى، مستعصية على الحل، ومتسببة في فشل المبادرة الروسية لجمع الشمل الفلسطيني؟

قبل أن تشهروا الفيتو في وجه المنظمة، وقبل أن تسحبوا توقيعاتكم أو تنسحبوا من اجتماعات المصالحة، دلوّنا على ممثل شرعي وحيد آخر، معترف به، على كيانية أخرى، تحظى بشرعية عربية وإسلامية ودولية غير منظمة التحرير، لنقدم لها فروض البيعة والولاء كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني... دلّونا على من سيملأ فراغ المنظمة، غير الحكومات اللاهثة للخلاص من الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وحقوقه المشروعة، والباحثة عن أي سبب لشطب إسرائيل من خانة الأعداء ونقلها إلى خانة الأصدقاء والحلفاء؟

إن كنتم سئمتم عجائز فتح وشيوخ الانقسام فيها، فنحن سئمنا مثلكم، وإن كنا لا نبرئكم من قسطكم من المسؤولية عن الانقسام... لكننا رغم هذا وذاك، نقترح ألا تضيّعوا البوصلة، فيحل الفصيل/ الجماعة، محل الكيان والمنظمة، وتتغلب حسابات تمكينه ومصالحه الضيقة، على المصلحة الوطنية العليا وضرورات مواجهة الزلزال القادم، الذي يكاد يستنفد مقياس «ريختر» بكل تدرجاته.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على «المنظمة» حين تأتي من الفلسطينيين أنفسهم الحرب على «المنظمة» حين تأتي من الفلسطينيين أنفسهم



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya