إعادة تعريف «محور المقاومة والممانعة»

إعادة تعريف «محور المقاومة والممانعة»

المغرب اليوم -

إعادة تعريف «محور المقاومة والممانعة»

بقلم - عريب الرنتاوي

يقترب السيد حسن نصرالله من تقديم تعريف جديد لما يسمى بـ«محور المقاومة والممانعة»... في خطابه الأخير بمناسبة يوم القدس العالمي، استكمل ما كان والحزب، قد بدآه من قبل، وبقدر من التفصيل هذه المرة، عندما هدد إسرائيل بأن «أيّ عدوان على محور المقاومة سيفتح الباب أمام انضمام مئات آلاف المجاهدين لقتال إسرائيل من العراق واليمن وأفغانستان وباكستان وإيران وأماكن أخرى في العالم».

في ثنايا الخطاب، ثمة إشارات واضحة إلى الحشد الشعبي الشيعي العراقي وجماعة الحوثيين «أنصار الله»، باعتبارهما مكونين رئيسين في محور المقاومة، يعتز بالتحاقهما به وانتمائه إليهما، فضلاً بالطبع، عن مألوف الكلام عن دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وموقع سوريا ونظامها في القلب من هذا المحور، وغير ذلك مما درج عليه خطاب حزب الله في سنوات التورط في الأزمة السورية.

يستبطن حديث السيد نصرالله كما قلنا إعادة تعريف لـ»محور المقاومة والممانعة»... يبدو أن كل شيعي في العالمين العربي والإسلامي، هو مشروع «مقاوم وممانع» ما لم يثبت العكس ... الدول التي عددها أمين عام حزب الله، تتوفر على أغلبيات وأقليات شيعية وازنة، وهي غالباً منظمة في أطر سياسية – عسكرية - عقائدية، ميليشيات أو تشكيلات شبه عسكرية، قاسمها المشترك، أنها شيعية، وأنها ترتبط بإيران، مادياً وتسليحياً وعقائدياً.

يبدو أن زمن «المحور الجامع» للمقاومين من شتى الأقوام والمذاهب قد انتهى ... المقاومة اليوم، شيعية بامتياز، حتى وإن انفتحت على بعض التلاوين السنيّة أو حتى المسيحية، التي لا يتعدى دورها ووظيفتها «الديكور» الذي يؤكد المسألة ولا ينفيها ... يبدو أننا أمام تعبير مختلف لوصف الشيء ذاته: هلال إيران الشيعي أو «بدرها» لا فرق... وفقاً لهذا التعريف، يصبح نوري المالكي زعيماً مقاوماً، وتصبح الحرب في اليمن وعليه، امتداداً لجبهة جنوب لبنان وقطاع غزة، ارتضى بذلك العراقيون واليمنيون أم لم يرتضوا.

في تجربة المقاومة، السابقة بسنوات طوال على نشوء وتشكل حزب الله، كانت المقاومة الفلسطينية في أغوار الأردن بداية وفي جنوب لبنان لاحقاً، بؤرة جذب لألوف المناضلين و»الفدائيين»، عرباً ومسلمين وأجانب، مسلمون من شتى المذاهب ومسيحيون من مختلف الطوائف، ومناضلون أمميون جاءوا من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، جمعتهم فكرة واحدة: التحرر من الاستعمار وتمكين الشعب الفلسطيني من استرداد حقه في تقرير مصيره.

وإذا كانت النصرة وداعش قد نجحتا اليوم، بفعل تفشي حالة التفسخ والتهرؤ، في استقطاب عشرات ألوف «المجاهدين» من ثمانين دولة، يجمعهم اللون المذهبي الواحد، والقراءة البدوية المتطرفة للإسلام، فإن المقاومة الفلسطينية، نجحت بالأمس في استقطاب ألوف الخليجيين والتونسيين والمغاربة والعراقيين واليمنيين تحت رايات الحرية والاستقلال والتحرر الوطني.

الدول التي أتى نصرالله على ذكرها في خطابه الأخير، كانت خزاناً للمناضلين الذين انخرطوا بأشكال شتى في صفوف المقاومة، كثيرون منهم التحقوا بالخنادق والمواقع الأمامية، وامتشقوا السلاح إلى جانب إخوانهم ورفاقهم الفلسطينيين واللبنانيين، لكن الكثرة الكاثرة منهم، وجدت لنفسها مهام وبرامج في دولها ومجتمعاتها، لم تكن أقل أهمية من المشاركة في الكفاح المسلح، بأي حال من الأحوال.

لم يكن «أنصار الله» ومن يمثلون وحدهم من أنصار المقاومة وداعميها، كل الطوائف والكيانات والمكونات اليمنية كانت كذلك، والعراق بعربه وكرده، مسيحيه ومسلميه، سنته وشيعته، كانوا خزاناً للتضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته، يرفدونها بمختلف أشكال الدعم والإسناد، بما في ذلك، المقاتلون والقادة الذين ما زال بعضهم منخرطاً في صفوف العمل الوطني الفلسطيني، ومنذ أكثر من نصف قرن دون انقطاع.

لم تسقط تونس والمغرب ومصر والجزائر والأردن والخليج وغيرها سهواً من خطاب السيد نصرالله ... فهذه المجتمعات، لا مكون شيعياً وازناً ومنظماً ومؤدلجاً ومسلحاً فيها، طالما أن تمدد محور المقاومة واتساعه يتم باتجاه واحد فقط:المجتمعات والمكونات الشيعية ... وأحسب أن ما يدرجه أمين عام الحزب، في عداد أوراق قوة «محور المقاومة والممانعة» هو ذاته، عنصر ضعف هذا المحور، إن لم نقل مقتله ... وعلى السيد نصرالله أن يتذكر أن كثرة من الإيرانيين ونصف العراقيين وثلاثة أربع السوريين وثلثي اللبنانيين أنفسهم، ليسوا شيعة، ولم يعودوا مؤهلين وفقاً للتعريف الجديد لهذا المحور، لنيل شرف الانخراط في المقاومة والممانعة.

بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، ومع انفلات موجة القتل على الهوية المذهبية من قبل ميليشيات شيعية منفلتة، استهدفت الفلسطينيين في بغداد وغيرها من المدن العراقية، كتبنا في هذه الزاوية، مرحبين بتجربة حزب الله في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي التي تجمع ولا تفرق، وتخط طريقاً وطنياً وقومياً مشتركاً لكل المقاومين والمناضلين، وشجعنا على دعمها، كبديل شيعي – وطني – قومي – تحرري، في مقابل نماذج مذهبية إجرامية أفرزها الاحتلال الأمريكي للعراق ... لكن انخراط حزب الله في سوريا، وارتفاع منسوب المكون المذهبي في خطابه، باتا يتهددان بتبديد هذا البديل، إن لم يكونا قد بدداه فعلياً... وبرغم تقديرنا العالي لتجربة صمود الحزب في مواجهة العدوانات الإسرائيلية المتكررة للبنان، ونجاحه في تحرير جنوبه، إلا أننا على الدوام، كنا نشعر بـ «نقزة» من غلبة الخطاب الديني – المذهبي للحزب، التي لم تكن تعني شيئاً سوى تقليص مساحة حركته، وسحب الغطاء الشعبي العريض الذي حظي به ... وما كان «نقزة» من قبل، أصبح أكثر من ذلك بكثير اليوم، وخطاب السيد الأخير، يأتي شاهداً على أسوأ مخاوفنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة تعريف «محور المقاومة والممانعة» إعادة تعريف «محور المقاومة والممانعة»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya