فرص الحكومة الجديدة وتحدياتها

فرص الحكومة الجديدة وتحدياتها

المغرب اليوم -

فرص الحكومة الجديدة وتحدياتها

بقلم - عريب الرنتاوي

لا أعرف رئيساً للوزراء، منذ العام 1989 على الأقل، جمع الثقتين معاً، ثقة الملك وثقة الرأي العام، مثل الدكتور عمر الرزاز ... وهو أمرٌ بقدر ما يوفر فرصاً للنجاح والإنجاز، بقدر ما يحمل في طيّاته، مخاطر الفشل والإحباط ... نحن على المفترق ... نحن أمام لحظة فارقة، غير مسبوقة في تاريخ الأردن الحديث ... وهنا استذكر ما قاله الملك قبل أيام، إما الخروج من عنق الزجاجة إلى فضاء الانفراج السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإما القفز في المجهول.
الرزاز في وضع صعب ومريح في الوقت ذاته ... فعلى قدر ما يحظى به من دعم وتنعقد على حكومته من رهانات، فإنه وحكومته في قلب بؤرة اهتمام الأردنيين ورقابتهم اللصيقة، فإن أجاب عن أسئلتهم واستجاب لأشواقهم وتطلعاتهم، خرجنا من عنق الزجاجة، وإن فشل – لا سمح الله – تراكم الإحباط على الإحباط، وسيكون لنا موعد قريب مع “الدوار الرابع” وغيره من ساحات الاحتجاج وبؤره، ودعونا نضرع إلى الله، إلا نصل إلى تلك المحطة، حيث ليس بمقدور أحدٍ التأكيد “بأنه في كل مرة ستسلم الجرة”.
والمساعدة الخليجية جاءت في وقتها، مع أنها ليست “مساعدة” تماماً، فبعضها وديعة وبعضها ضمانات واستثمارات، ولا نعرف حتى الآن كيف سيتوزع مبلغ الـ”2.5” مليار دولار على هذه الأبواب ... وهي عموماً، لا تزيد عن نصف المساعدة التي قدمها الخليج للأردن في عام الربيع العربي الأول، 2011... فالمساعدة، على تواضعها، تعطي الحكومة الجديدة “فسحة للتنفس”، لكن أخطر ما يمكن أن يترتب عليها، هو أن نركن إليها، وأن نعاود استئناف برامجنا وسياساتنا، وكأن “هبّة رمضان” لم تحدث، وأن يعود الرهان على أن الأردن لن يترك وحده، بسبب “عبقرية جغرافيته”... هذه السياسات والرهانات، هي التي كرست “اعتماديتنا” على الخارج، وهي التي أضعفت حصانة الدولة والمجتمع، وهي التي أبقتنا في موقع “اليد السفلى” مع أن أيادينا عليا في كثير من ملفات المنطقة وأزماتها.
وشكراً لشبان وصبايا الدوار الرابع ومختلف بؤر الاحتجاج في عموم المملكة، الذين جعلوا الصعب (اقرأ المستحيل) ممكناً... شكراً لهم لأنهم أعادوا وضع الأردن في المكانة التي تليق به، ويليق بها، وكسروا من حوله، حواجز التجاهل والتهميش وإدارة الظهر والاستخفاف ... شكراً لهم، لأنهم قدموا “ربيعهم” بصورة مشرقة، يجهد الثرثارون وحملة مباخر “الثورات المضادة” في العالم العربي، في إخفائها، وتظهير صورة للربيع بوصفه قريناً للفوضى والخراب وحروب الشوارع ... الأردنيون أعادوا لهذا الربيع روحه وألقه وصورته الناصعة البيضاء، بوصفه صرخة انتصار للحرية والكرامة والعيش اللائق.
وعلى الدولة اليوم، بمؤسساتها المختلفة، أن تنظر بعين الثقة والطمأنينة إلى شعبها، فلا عون لها ولا نصير غيره أو من خارجه ... وهو عبر عن نضج ومسؤولية وتحضر، تؤهله لأن يتولى زمام أمره بنفسه، وإن يذهب إلى ديمقراطية حقيقية، ولطالما سعى بعض “فقهاء الظلام” في الترويج لنظرية مفادها: أن شعبنا لم ينضج بعد للديمقراطية وتداول السلطة وحكم نفسه بنفسه ... الشعب الأردني، الذي خرجت نخبه وطلائعه عن بكرة أبيها، برهن أنه أكثر وعياً وإحساساً بالمسؤولية من كثيرينٍ ممن اعتادوا نسبة هذه القيم و”المزايا”، لأنفسهم، وأنفسهم فقط، وحجبها عن الشعب الذي جاء بهم، وفوضهم أمر حكمه وإدارته.
لا بديل عن “عقد اجتماعي” جديد، تحدث عنه الرئيس المكلف بإيجاز، ونريد أن نتوسع بالحديث عنه في قادمات الأيام ... لا بديل عن تغيير طريقة تشكيل الحكومات وانتخاب البرلمانات، فتلكم مسألة لم تعد “ترفاً فكرياً” لنخبة مثقفة معزولة، بعد أن تردد صداها في كافة الساحات والميادين ... كذبت الاستطلاعات وصدق الأردنيون، الذين قالوا بصوت واحد: نريد تغييراً يتخطى الصور والشخوص، إلى النهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأنماط العلاقة وتوازنات القوى وأدوار اللاعبين ... ومثل هذا التغيير أيضاً، لم يعد أمراً “فائضاً عن الحاجة” أو قابلاً للإرجاء ... فهو في صميم معالجتنا الجذرية المطلوبة لمشكلتنا الاقتصادية.
لسنا قادرين على توفير الحلول السحرية للمعضل الاقتصادي، بيد أننا قادرون على تحصين مناعة المجتمع الأردني وتعزيز قدرته على الوحدة والصمود والثبات والصبر ... وهذا لن يتم إلا عن طريق الإصلاح السياسي الحقيقي، بعيداً عن الإجراءات التجميلية، وبعيداً عن حالة الانفصام والانفصال بين الخطاب اللفظي والممارسة العملية.
الأردن بعد “هبّة رمضان” ليس كما قبله، وعلينا أن نليق بشعبنا ليليق بنا ... وعلينا أن نجرؤ على تجريب خيارات أخرى، بعد أن سئمنا و”هرمنا” من تجريب المجرب، وسلوك الطريق ذاته، وإعادة تدوير ذات النخب، وتجديدها بالوراثة البيولوجية ... ومن أراد حفظ أمن الأردن واستقراره، فما عليه سوى سلوك هذا الطريق، ويحق لنا أن نفخر، بأننا من بين مجموعة قليلة جداً من الدول والمجتمعات العربية، التي يمكن للديمقراطية فيها أن تعيش بوئام، ومن دون تعارض مع الأمن والاستقرار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرص الحكومة الجديدة وتحدياتها فرص الحكومة الجديدة وتحدياتها



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya