عن المصالحة وسياقها و«الفيتو الأكذوبة»

عن المصالحة وسياقها و«الفيتو الأكذوبة»

المغرب اليوم -

عن المصالحة وسياقها و«الفيتو الأكذوبة»

بقلم ـ عريب الرنتاوي

الناظرون لأحدث جولة من جولات المصالحة الوطنية الفلسطينية من “ثقب باب” الفصيلين الرئيسين ومأزق خياراتهما، يجادلون بسخف ما قيل ويقال عن “أكذوبة رفع الفيتو الأمريكي” ... لكن الناظرين للمصالحة في سياقيها الإقليمي والدولي، لا يساورهم الشك، بأن الوساطة المصرية ، كما “الرعاية” غير المنتظرة من عواصم “الاعتدال العربي”، ما كان لهما أن يكونا لولا رفع “الفيتو” الأمريكي، بل ولولا التشجيع (حتى لا نقول الطلب) الأمريكي المباشر بتحريك هذا المسار وتسريعه.

فجأة ومن دون مقدمات، تستيقظ القاهرة على إلحاحية رأب الصدع الفلسطيني، وتمهد لذلك بسلسلة لقاءات وتفاهمات مع حركة حماس، بعضها متصل بالشأن الثنائي، الأمني بخاصة، والمرتبط بحالة سيناء المضطربة على وجه التحديد، وبعضها الآخر مرتبط بترتيب البيت الفلسطيني الداخلي... وفجأة ومن دون مقدمات أيضاً، يجد اسماعيل هنية من يهاتفه على الجانب الآخر من الخط، وفي عدة عواصم عربية “معتدلة”، لم يعرف عنها شغفها بالحركة وتعلقها بقادتها، السابقين منهم واللاحقين.

قبل عدة أشهر، كانت حماس ملفاً مدرجاً على جدول أعمال دوائر محاربة الإرهاب في عدة عواصم عربية معتدلة، ... فجأة تصبح المصالحة متطلباً وطنياً وقومياً، وأمراً لا مندوحة عن إتمامه، ويستحق أن يُلقى خلفه ومن أجله، بثقل عواصم عديدة.

قبل عدة أشهر، كانت السلطة وفتح والمنظمة والرئيس في قلب دائرة استهداف عربي مماثل، وإن بأدوات ناعمة نسبياً، ... قيل لنا أن الرجل ليس ذي صلة، وهي العبارة التي أطلقها أريئيل شارون على الراحل ياسر عرفات قبل تسميمه، وجرت ضغوط ومحاولات حثيثة ودؤوبة لإرغامه على فتح الهيئات القيادية لحركة فتح للعقيد المنشق محمد الدحلان، وجاء زمن كادت فيه أطواق العزلة تحيط بعنق الرئيس لولا نوافذ دولية وإقليمية، ظلت مشرعة له بمعزل عن أجندات حروب الطوائف والمحاور، وصراع الأدوار في المنطقة ... فجأة يصبح الرئيس “الشرعي” مرغوباً في العواصم التي نبذته، ويصبح وحرسه الرئاسي وحكومته، عنواناً للشرعية، وبوابة للبيت الفلسطيني، لا يؤتى إلا من خلالها.

 

إلى جانب كل ما قيل ويمكن أن يقال، عن “مأزق” طرفي الانقسام و”لقاء المأزوميْن”، وكنّا من ضمن من قالوا وكتبوا في هذا الشأن ... يبدو التطور الأبرز الذي تتحضر المنطقة لاستقباله، هو “مشروع ترامب” و”صفقة القرن” التي “بشر” بها الرجل وروّج لها مذ أن كان مرشحاً يخطو أولى خطواته صوب البيت الأبيض ... هنا الوردة فلنرقص هنا.

ولأن الرجل اختار منذ البدء، “إطاراً إقليمياً” للحل، فقد كان طبيعياً ألا يتحرك وحده، وان يحرك معه عواصم الحلفاء والأصدقاء، لعله يكون “التمرين الأول” لهذا “الإطار”، والتمهيد الضروري لـ “حلف شرق أوسطي جديد” نصت عليه حرفياً القمة الأمريكية – الإسلامية في الرياض، وحددت مطلع العام المقبل، موعداً مبدئياً لانطلاقه وإخراجه إلى حيز الضوء.

لا نعرف بالضبط ما الذي يعتمل في صدر وعقل ترامب وفريقه، وإن كان “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، وعنوان المكتوب الأمريكي يحمل ثلاثة أسماء وتواقيع: كوشنر – جرينبلات – فريدمان، وهم ثلاثة صهاينة أكثر تطرفاً من الترويكا الحاكمة في إسرائيل، ونفترض وفقاً لقراءاتنا وتحليلاتنا وما تيسر لنا من معلومات وتسريبات، أن هذه الحل الذي أعطي اسماً أكبر من حجمه: “صفقة القرن”، لا يزيد في حده الأدنى عن مد سلطة “السلطة” من المناطق (أ و ب) في الضفة الغربية إلى قطاع غزة (هنا تبدو المصالحة مدخلاً ومتطلباً يستوجب التشجيع وليس فقط رفع الفيتو)، ولا يخرج في حده الأقصى على مشروع جيورا آيلاند للتبادل الإقليمي للأراضي، في نسخة أكثر قبحاً واختزالاً للحقوق الفلسطينية والعربية.

المصالحة التي يجري استرجاعها والتهليل لها، تندرج حصراً في سياق مشروع ترامب، وعلى طرفيها الاستعداد للتعاطي مع مستلزماته، وهي بحكم طبيعتها، ليست طريقاً ذي اتجاه واحد، فهي قابلة للنقض والتراجع والانتكاس إن بدا أنها ستعزز مناعة المجتمع الفلسطيني ومقاومته لمشاريع تنتقص من حقوقه وثوابته... وبيد الفلسطينيين، وبيدهم وحدهم، أن يقرروا ما إذا كان عليهم التساوق مع خطة ترامب للحل النهائي، واستتباعاً “نوع” المصالحة التي ولجوا عتباتها ... عليهم، وعليهم وحدهم أن يقرروا ما إذا كانت المصالحة التي يرسمون اليوم، وإن بتعثر وتباطؤ، ستكون “حصان طروادة” لمشاريع منقوصة، أم سوراً يسيج قضيتهم وحقوقهم وكفاحهم العادل والمشروع.

أما لماذا “الإطار الإقليمي” للحل، فتلكم قضية أخرى، يسعى أصحابها في “تلزيم” الدول العربية باحتواء واستيعاب اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها، وتكفيلها بتبعات التبادل الإقليمي للأرض، فضلاً عن تحميلها كلفة الحل النهائي المالية ومستلزمات “مشروع مارشال صغير”، يجري التلويح به بغرض إسالة لعاب السلطة ، توطئة للتفرغ لمواجهة إيران ومشروعها وهلالها، في إطار إقليمي، تلعب فيه إسرائيل دوراً محورياً، معلناً ومعترفاً به، فوق الطاولة وليس من تحتها.

ومثلما سيكون رفع الحصار عن غزة والضفة كذلك، توطئة لخلق بنية تحتية لسلام اقتصادي متين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن بعض المشاريع الإقليمية ، ستشكل بدورها بنية تحتية لسلام عربي إسرائيلي متين، يقوم على الطاقة والماء وتكنولوجيا ما بعد الحداثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المصالحة وسياقها و«الفيتو الأكذوبة» عن المصالحة وسياقها و«الفيتو الأكذوبة»



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya