العرب والإيرانيون حصاد «اللعبة الصفرية»

العرب والإيرانيون.. حصاد «اللعبة الصفرية»

المغرب اليوم -

العرب والإيرانيون حصاد «اللعبة الصفرية»

بقلم - عريب الرنتاوي

تُعيد التصريحات التي أدلى بها أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي حول الأحداث الاحتجاجية الأخيرة في بلاده، وما تضمنته من اتهامات بالأسماء والأرقام والتواريخ والجداول الزمنية لعواصم إقليمية ودولية، تعيد هذه التصريحات التأكيد على الحاجة لكسر “الحلقة الصعبة” التي تدور في داخلها العلاقات العربية – الإيرانية، والتي استهلكت الكثير من الموارد البشرية والمادية لكلا الجانبين، على امتداد ما يقرب من أربعة عقود من الزمان، سيما وأن فرص تغلب طرف على طرف، من حيث إقصائه أو إلغائه، أو حتى تحجيمه، تبدو ضعيفة للغاية، حتى لا نقول منعدمة.
العرب، معظمهم على الأقل، يجادلون بأن إيران تنتهج سياسة “توسعية” و”تدخلية”، وأنها لا تتورع عن ممارسة عادتها في “تصدير الثورة”، وأن قبضة من دولهم ومجتمعاتهم، باتت مستباحة من قبل رجالات إيران وأعوانها و”ميليشياتها”... وأن إيران تسعى في تقويض بنية الدولة العربية القائمة، لصالح كيانات “لا دولاتية”، مسلحة في الغالب، “تتمدد” على حساب الدولة ومؤسساتها، وتنهض على رابط “مذهبي” في الغالب... وهذا تقييم صحيح في مجمله، وباعترافات إيرانية صريحة واستفزازية، تصدر في لحظات الانتشاء بالنصر في هذه الساحة أو تلك، أو على هذا المحور أو ذاك.
لكن الناقص في الرواية العربية، أو “المسكوت عنه”، هو قليل من الاعتراف الرسمي، بأن العرب حاولوا مبكراً التدخل في الشؤون الإيرانية الداخلية، وأنهم بدورهم، يسعون اليوم لمواصلة هذا التدخل، وأن تدخلهم هذا، لا يأتي دائماً في إطار “دفاعي” أو من ضمن سياسة “ردعية”، أو حتى من باب “الانتقام” للنجاحات التي حققتها طهران وحلفاؤها في الإقليم، فعداء بعض العرب لإيران، بدأ مبكراً، واعتمد أشكالاً وأدوات شديدة الشبه، بالأدوات التي اعتمدت عليها السياسة الخارجية الإيرانية ... لكن الفارق بين الموقفين والوضعين، أن العرب أخفقوا حيث نجحت إيران، فبدت الصورة، كما لو أن خطاب “المظلومية” العربية، له ما يبرره... ولو أن بعض العرب، توفر على بعض ما لدى إيران، من تخطيط بعيد المدى ونفس طويل، لرأينا ما لا تحمد عقباه في إيران، ولربما كانت إيران، قد سبقت كلا من سوريا والعراق، إلى مستنقع التقسيم والتقاسم والانقسام.
لقد أعادتني تصريحات رضائي، الذي كشف فيها عن “تورط” عربي في “مؤامرة” أعدت في أربيل، وفي ليل بهيم، وبإشراف المايسترو الأمريكي، إلى تصريحات أدلت بها قبل أشهر عديدة، جيهان السادات، زوجة الراحل أنور السادات، لقناة “بي بي سي”، وكشفت فيها عن بعض فصول حوارٍ دار بين الرئيس السادات وشاه إيران، بعيد وصول الأخير إلى مصر لاجئاً في إثر الثورة، وبعد أن ضاقت عليه الأرض بما رحبت ... السادات، اقترح على الشاه المخلوع، استدعاء أسطوله من عرض البحر للتجمع في الموانئ المصرية، والبدء فوراً بالإعداد لـ “الهجوم المضاد”، لاستعادة العرش وإلحاق الهزيمة بالثورة.
الشاه المخلوع، الذي بدا يائساً، خائراً ومحبطاً، لم يستجب للطلب ولم يحرك ساكناً ... لكن العرب لم يتوقفوا عند هذا الحد، إذ ما أن وضعت الثورة أوزارها في طهران، حتى اندلعت حرب السنوات الثمانية، وهي حربٌ شنها العراق كما هو معروف، وبدعم سخي من قبل العديد من العواصم العربية، وبإسناد أمريكي، لم تعد فصوله خافية على أحد.
إذاً، ليس بمقدور أي من الطرفين ادعاء “العفّة” والالتزام بقواعد القانون الدولي وسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية ... ليس بمقدور الطرفين المتحاربين، العربي والإيراني، الادعاء بأن دولهم لم تكن سوى “جمعيات خيرية”، لا تفعل أكثر من “مدّ اليد” للطرف الآخر، الذي قابلها عادة بالصدّ والغدر والتنكر لمبادئ حسن الجوار ... الجميع تورط في سياسات عدائية حيال الجميع، في مراحل مختلفة، وبأدوات مختلفة، وبأقدار مختلفة، وهي لعبة يبدو أنها ستتواصل، بل وقد تتفاقم على وقع المواقف العدائية الرعناء التي تصدر عن بيت واشنطن الأبيض، والأرجح أننا سنشهد قريباً فصولا مكلفة منها، قد تتخطى ساحات “حروب الوكالة” المشتعلة منذ سنوات، إلى ساحات جديدة.
التهديد السعودي بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني قبل عدة أشهر ... والتهديد الذي صدر عن الرئيس حسن روحاني وآخرين في إيران بـ “الانتقام” من الذين تأمروا على بلادهم من “الدول القريبة” ومعاقبتها، ينذر باقترابنا خطوات أوسع وأسرع من “حافة الهاوية”... وإن لم يتخل الجانبان عن “المعادلة الصفرية” في العلاقة بينهما، فقد ينزلقان إلى “قعرها”، وقدر هذه المنطقة على ما يبدو، أن تبقى في مربعات النار والغضب، ما لم تتعمق القناعة بأن “نظاماً إقليمياً للأمن والتعاون” وحده السبيل للخروج من “الدائرة الصعبة” وكسرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرب والإيرانيون حصاد «اللعبة الصفرية» العرب والإيرانيون حصاد «اللعبة الصفرية»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

واتساب يضيف ميزة نالت إعجاب مستخدميه

GMT 02:06 2018 الخميس ,12 تموز / يوليو

سعر ومواصفات "كيا سبورتاج 2019" في السعودية

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما

GMT 23:43 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

توقيف أحد أباطرة تهريب المواد المخدرة إلى إسبانيا

GMT 04:44 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

ديكورات ريفية في مسكن أوبرا وينفري

GMT 11:41 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

خطوات تطبيق مكياج ترابي مميز بعدّة أساليب

GMT 05:02 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

"أمن مراكش" يفك لغز العثور على جثة جنين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya