نتنياهو إذ يعرض على بوتين بضاعة لا يمتلكها

نتنياهو إذ يعرض على بوتين بضاعة لا يمتلكها

المغرب اليوم -

نتنياهو إذ يعرض على بوتين بضاعة لا يمتلكها

بقلم : عريب الرنتاوي

عرض رئيس الحكومة الإسرائيلية على مضيفه الرئيس الروسي «معادلة سورية» جديدة قوامها: «الأسد مقابل الخميني»، متعهداً بألا تهدد إسرائيل بقاء النظام السوري، نظير التزام روسيا بإخراج إيران وحلفائها من سوريا ... وفي السياق ذاته، لم تخف مصادر إسرائيلية متطابقة، استعداد إسرائيل للتعاون مع الأسد في المستقبل، بوصفه سلطةً شرعية في بلاده.
بنيامين نتنياهو ظهر في ثامن قمة له مع فلاديمير بوتين، كمن يبعث برسائل طمأنينة تشف عن استعداد إسرائيل الإقرار بالمصالح الروسية في سوريا، ومن ضمنها بقاء نظام الأسد... وهو أراد، من خلال سيد الكرملين، أن يبلغ الأسد، استعداده فتح صفحة جديدة مع دمشق، وطي ملف ثماني سنوات من التدخل الفج في الشؤون السورية الداخلية.
لكن مشكلة نتنياهو، تنبع من كونه يبالغ في تقدير ثمن «البضاعة» التي يعرضها على كل من دمشق وموسكو ... روسيا فرضت نفسها لاعباً رئيساً في سوريا، وكرست لنفسها منظومة مصالح ومواقع نفوذ، وهي ليست بحاجة لاعتراف إسرائيل بهذه الحقائق ... صحيح أنها تتفادى الاشتباك والمواجهة المباشرين مع تل أبيب، بيد أن الصحيح كذلك، أنها لا تنتظر ضوءً أخضر منها للبقاء في سوريا أو مغادرتها ... إسرائيل هي من تحتاج روسيا في سوريا، وليس العكس.
بقاء الأسد على رأس الحكم في سوريا أو عدمه، لم يعد أمراً تقرره إسرائيل، فبعد سنوات ثمان من الحرب في سوريا وعليها، بات النظام يسيطر على معظم مناطق سوريا، وسيّج دائرة حكمه بنفوذ وازن لحلفاء أقوياء، والزمن الذي كان فيه «قصر الشعب» تحت مرمى مدفعية الفصائل المسلحة، ولّى تماماً، وقوات النظام تقترب من خط فك الاشتباك والمنطقة العازلة، بالقوة المسلحة أو من خلال التسويات والمصالحات.
أية بضاعة تلك التي يروّج لها نتنياهو في موسكو؟ ... هل هو جاد فعلاً؟ ... وهل يقبل بوتين بمثل هذه المقايضة؟ ... من الُمخاطب والمُستهدف بعروض نتنياهو؟ ... هل هما الأسد وبوتين أم الرأي العام الإسرائيلي؟ ...
احتمالات «المقايضة» على الوجود الإيراني في سوريا، وربما على دور إيران الإقليمي، ليست عملية سهلة، فلروسيا مصالح كبرى مع إيران، ولروسياً قدرة – غير مطلقة – في سوريا، وهي وإن رغبت في إخراج إيران منها، إلا أن السؤال عن قدرتها على فعل ذلك، سيظل قائماً ... والأهم من كل ما ورد، فإن الثمن الذي يمكن أن تطلبه موسكو نظير انخراطها في مشروع «قصقصة» أجنحة إيران في الإقليم، ليس بهذا التواضع، والمؤكد أنه ليس بمقدور إسرائيل أن تقدمه، لأنها ببساطة لا تمتلكه.
إن قررت موسكو التخلي عن «ورقة الدور الإيراني في سوريا»، واستتباعاً في لبنان، فالأرجح أنها لن تقدمها لنتنياهو، بل لدونالد ترامب ... والمؤكد أنها ستطلب أثماناً أكبر من تلك التي يعرض رئيس الحكومة الإسرائيلية (بقاء الأسد)، كأن ترفع واشنطن العقوبات المضروبة على روسيا، وتعترف نهائياً بـ»روسيّة» شبه جزيرة القرم، تأسيساً لشراكة بين البلدين في الكثير من الشؤون الدولية، بديلاً عن العداء والاستعداء اللذين يميزان علاقات العملاقين الثنائية.
وسيشكل لقاء الزعيمين الأمريكي والروسي في هلسنكي، في السادس عشر من الجاري، أول فرصة لاستطلاع فرصة إنجاز تسويات ومقايضات ... مع أن من المشكوك فيه، أن يتبدد ركام الشكوك والمخاوف وانعدام الثقة بين الجانبين، بمجرد انعقاد قمة واحدة فقط ... واية محاولة من نتنياهو للدخول على خط هلسنكي، ليست سوى تذكير بائس بالحسابات والمصالح الإسرائيلية.
وإذا كان من المحتمل جداً، أن يُظهر «القيصر» استعداداً عالياً لتفهم المخاوف والحسابات الإسرائيلية، بما يعني ضمان ابتعاد إيران وحلفائها لـ»مسافة أمان» عن خط الحدود بين شطري الجولان، المحتل والمحرر، فإن من المشكوك فيه، بل ومن غير المرجح أن يذهب بوتين إلى مجاراة نتنياهو في «هلوساته» من الخطر الوجودي الذي يشكله الحضور الإيراني في سوريا، على وجود إسرائيل وأمنها الوطني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو إذ يعرض على بوتين بضاعة لا يمتلكها نتنياهو إذ يعرض على بوتين بضاعة لا يمتلكها



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء

GMT 01:05 2012 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حناج عيين با بنيه - نقوش بحرينية يتناول انواع نقوش الحناء

GMT 13:28 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

أفضل ستة فنادق في مراكش للاستمتاع بالرفاهية

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 00:53 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يعود للغناء مرة أخرى بعد ثبوت صحة موقفه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya