عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

المغرب اليوم -

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

بقلم : عريب الرنتاوي

يخطو «التحالف المدني» خطوة جديدة على طريق التحول إلى حزب سياسي» بعد أن تقدم المؤسسون بطلب تسجيل الحزب، ولا أقول ترخيصه، فالأصل الدستوري، أن الحزب يسجل لحفظ «حقوق الملكية» الخاصة باسمه وبشعاره، طالما أن الدستور مكّن الأردنيين من حقهم في تشكيل الأحزاب والجمعيات، وعلى القانون تسهيل هذه المهمة، لا تقييدها.
وعلى الرغم من أن الحزب الجديد، لا يضم في صفوفه مختلف «المجاميع» المدنية والديمقراطية والعلمانية في البلاد، بعد أن تفرق الجمع، ونشبت الخلافات الداخلية (قل الشخصية أساساً) بين أركان هذا التيار، إلا أن من واصل المهمة من نشطاء هذا التيار، يستحقون تقديراً مضاعفاً لامتلاكهم الإرادة للتقدم بخطوة عملية واحدة (والتي هي خير من دزينة من الشعارات)... ونأمل أن يجد طلبهم طريقه السريع للحصول على الموافقات البيروقراطية والأمنية غير الضرورية، فالساحة الحزبية الأردنية، ما زالت تشكو فراغاً، يتعين ملؤه بمثل هذا اللون من ألوان الطيف السياسي والفكري الأردني.
لست بصدد مناقشة ما لهذا «التحالف» ما عليه، فقد كتبنا وقلنا من قبل ما يكفي ويفيض عن الحاجة، أقله في هذه المحطة، لكننا نتمنى النجاح لهذه المجموعة من رجالات الأردن ونسائه، ويحدونا أمل كبير، بأننا سنكون أمام تجربة مختلفة، وليس أمام «رقم إضافي» في قائمة الأحزاب المسجلة الطويلة نسبياً.
تكاثرت الأحزاب السياسية في الأردن، خلال السنوات الخمس الفائتة على نحو متسارع ولافت، وربما يمكن القول إنه تكاثر غير مناسب، ولا مبرر سياسياً أو فكرياً أو اجتماعياً، لهذه الطفرة في أعداد الأحزاب، من سجّل منها ومن ينتظر ... وفي ظني أن عوامل عديدة، بعضها شخصي وأكثرها يتصل بنظام تمويل الأحزاب، هي السبب وراء هذا الإفراط في تشكيل الأحزاب، على الرغم من أن المسألة برمتها لا تقاس بكثرة الأحزاب أو قلتها، وإنما بدرجة فاعليتها وتمثيلها لشرائح اجتماعية مختلفة من الأردنيين والأردنيات، وهذا بحث آخر.
من بين الكثرة من الأحزاب التي تدافعت للتسجيل والظهور إلى العلن مؤخراً، تستوقفنا ثلاثة: «التحالف المدني، «زمزم» و»الشراكة والإنقاذ» ... الأول، حزب مدني – ديمقراطي، بمضامين علمانية، يستند إلى الطبقة المتوسطة والفئات المتعلمة، يجتذب الشباب والنساء إلى صفوفه، والمتضررين من غلبة «التيارات الدينية» خصوصاً من أبناء وبنات المكونات الأخرى للمجتمع الأردني.
أما «زمزم» و»الشراكة والإنقاذ»، فيمكن وصفهما أو تصنيفهما في عداد الأحزاب الوطنية المحافظة، التي تتبنى قيماً مدنية وديمقراطية، وتسعى في تكريس التمايز بين فضائي الدين والسياسي ... والحزبان تنتظرهما مهمتان صعبتان، متوازيتان ومتلازمتان: الأولى؛ تظهير خطاب سياسي وفكري مفارق لخطاب جماعة الإخوان المسلمين وحزبها و»الجمعية المنشقة عنها والتي تحمل اسمها» ... فلا يكفي أن تكون معترضاً على خطاب الجماعة وممارستها الداخلية أو الوطنية، المطلوب أن تبلور خطاباً بديلاً ... وعلى الرغم من الجهد الذي بذل في هذا المجال، وتحديداً من قبل الصديقين الدكتور رحيل غرايبة «زمزم» والأستاذ سالم الفلاحات «الشراكة والإنقاذ»، إلا أن المسيرة ما زالت طويلة، وتحديداً في الجانب الفكري، و»التنظيري» لهذا الخط الجديد.
والمهمة الثانية؛ وتتصل باستطلاع فرص الشراكة والتحالف، بل وربما الاندماج بين الحزبين المذكورين، فما يجمع بينهما أكبر بكثير مما يفرق بينهما ... وفي ظني أن فكرة «التيار المدني – الديمقراطي المحافظ»، ستكتسب زخماً إضافياً فيما لو اتحذ الحزبان أو وجدا السبل للشراكة والتحالف.
ما يميز الأحزاب الثلاثة المذكورة، أنها تضم بين صفوفها نخبة مهمة من القيادات الشابة والواعدة، التي تبدي حماسة ظاهرة للتعلم والمشاركة، وتسعى في تجذير معارفها وتوسيعها وتعميقها، ولديها من الحوافز ما يكفي ... ما يميز هذه الأحزاب أيضاً، أنها تتمتع بحياة داخلية على قدر معقول جداً من الديمقراطية، فليست هناك مظاهر تسلط أو جبروت للرعيل القيادي الأول، والشباب يخوضون غمار المنافسة على المواقع القيادية، والطريق أمامهم ليس مغلقاً، وإن كان دربهم ليس قصيراً كذلك.
ما يميز الأحزاب الثلاثة، على اختلافها، أنها وإن تحررت من أسر «الدوغمائية الإيديولوجية» إلا أنها ما زالت تؤمن بأن قليلاً من «الإيديولوجيا» يبدو مفيداً وضرورياً كلاصق يجمع أعضاء الحزب ويسهم في خلق إرادة جمعية لأعضائه، وترشيد برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومساعدته في البحث عن «الروافع الاجتماعية» الضرورية للحزب / المشروع.
ولادة «التيار المدني – الديمقراطي – العلماني»، على نحو متزامن مع ولادة تيار «مدني – ديمقراطي – محافظ»، ليس ظاهرة أردنية محضة، فثمة حراك في دول ومجتمعات عربية عديدة، يسير على قدم وساق، في تعبير عن رفض حالة الاستقطاب بين «دولة عميقة» أو حكم الجنرالات من جهة، والجماعات الإخوانية والسلفية من جهة ثانية ... هذه الثنائية القاتلة في عدد من الدول العربية، أطلقت حراكاً ما يزال في بدايته، لتشكيل أقطاب جديدة، بيد أنه حراك واعد.
ليست الدول والمجتمعات العربية متماثلة في ظروفها وسياقاتها وأسباب تشكل الفاعلين السياسيين فيها، بيد أن ثمة من المشتركات ما يكفي للتفكير «خارج الحدود» وليس «خارج الصندوق» فقط، ونحن نتحدث عن ولادة قوة سياسية وحزبية جديدة، أحسب أنها واعدة، وتحمل جديداً في طياتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya