عن «نظرية المغناطيس»

عن «نظرية المغناطيس»

المغرب اليوم -

عن «نظرية المغناطيس»

عريب الرنتاوي

لورت الإدارة الأمريكية «نظرية» خاصة بها لتفسير سر انجذاب «المجاهدين» إلى سوريا واستطالة أمد الأزمة السورية وتفاقمها، يمكن أن نطلق عليها «نظرية المغناطيس»، التي تزعم أن بقاء الرئيس بشار الأسد في موقعه، سيظل محفزاً لحركات التطرف العنيف على إرسال المزيد من العناصر والمجندين إلى سوريا، وأن تنحي الأسد أو تنحيته، هو الممر الإلزامي للانتصار في الحرب على الإرهاب وإنجاح العملية السياسية سواء بسواء. 
لا أدري إن كانت الولايات المتحدة، الدولة العظمى، المستحوذة على أكبر عدد من أهم مراكز البحث والتفكير في العالم، مؤمنة حقاً بهذه النظرية، أم أنها طوّرتها أساساً بهدف تصديرها إلى الدول الصديقة والحليفة لواشنطن، سيما وأننا غالباً ما نستمع للمسؤولين الأمريكيين، يرددونها عشية أو في أثناء زياراتهم لتركيا ودول خليجية بعينها، ما خلق الانطباع لدينا، بأنها «نظرية للتصدير» وليست للاستهلاك المحلي في الغالب. 
لست هنا بصدد تناول مسألة الأسد، بقاءً أو رحيلاً، لكن لا بأس من «التقدمة» للموضوع قيد البحث، بجملٍ مختصرة، حتى لا يُفهم من المقال، أن تفنيد «نظرية المغناطيس»، إنما يستهدف تسويق وتسويغ بقاء الأسد على كرسيّه: لن نسعد أبداً إن كانت بدائل الأسد من طراز زهران علوش وشاكلة البغدادي والجولاني، أو إن كان متحدّراً من أحرار الشام ومن هم على شاكلتهم من «الدواعش» المتخفين خلف رايات وأسماء مختلفة ... وسنقلق كثيراً، بخلاف بعض خصوم الأسد، إن كان ثمن رحيله، تقويض سوريا دولة ومجتمعا ومؤسسات، بما يجعل كلفة بقائه أقل بكثير من كلفة رحيله ... لكننا في المقابل، نرى أنه لا يليق بسوريا، دولة ومجتمعاً وشعباً، أن تظل تحت ظلال «عائلة الأسد» لنصف قرن، سيما بعد الأكلاف الهائلة للحرب في سوريا وعليها، تلكم مسألة غير مقبولة بحال، لا سياسياً ولا أخلاقياً ولا بأي ميزان من الموازين ... نريد لسوريا أن تجتاز بتكاليف أقل، مرحلة الانتقال، ومن بعدها لكل حادث حديث. 
تفتقر «نظرية المغناطيس» لما يمكن وصفه، الفهم الأعمق لدوافع ومحركات «المشروع الجهادي» في سوريا ... هنا تبرز مسألة الأسد، بقاءً أو رحيلاً، كمجرد تفصيل ... إذ حتى لو جيء بأكثر الشخصيات الوطنية ميلاً للحرية والنزاهة والتعددية، فلن يغير ذلك سطراً واحداً في مشروع هذه التنظيمات، والذي يتعلق حصراً، ببناء «الخلافة» أو «الإمارة»، وإنفاذ ما تعتقده «شرع الله» على البلاد والعباد، وبالقوة الغاشمة، وتحويل سوريا، إلى منصة للجهاد العالمي، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا. 
وحتى لو جيء بأمير من «النصرة» أو «أحرار الشام» إلى «قصر الشعب» في دمشق، فلن تضع الحرب أوزارها، ولن يتوقف تدفق المجاهدين والاستشهاديين والانغماسيين ... بدلالة ما رأينا من مصائر ومآلات الجهاد الأفغاني بعد رحيل الاتحاد السوفياتي عن كابول، ولاحقاً اجتياح طالبان لأفغانستان وتدمير الهياكل الجهادية المختلفة، وببرهان من سوريا ذاتها، عن «حروب الإخوة الأعداء» من أبناء المدارس السلفية الجهادية المختلفة، والتي كانت أشد بأساً على بعضها البعض، من شدتها في مواجهة النظام السوري، أو صنوف المعارضة السورية الأخرى. 
ثم، عن أي «مغناطيس» يمكن أن نتحدث في العراق واليمن وليبيا، التي بدأ «داعش» وأخواتها في توجيه هجرة الجهاديين صوبها؟ ... ولماذا يستهدفون تونس على سبيل المثال، وهي البلد الذي قدّم أفضل تجارب الربيع العربي في الانتقال التوافقي – السلمي إلى الديمقراطية؟ ... عن أي مغناطيس يمكن أن نتحدث هناك؟ ... وهل استثنت «داعش» من أجندتها، أو أسقط من «بنك أهدافها» دولاً أخرى، لا «مغناطيس» فيها من الطراز الأسد فيها؟  ... أو ربما يتعين طرح السؤال بطريقة أخرى، أكثر دقة، هل استثنت «داعش» أي بلد على الإطلاق من لائحة أهدافها في الأصل، أم أن المسألة مرتبطة بالأولويات والإمكانيات والقدرة على اختراق مزيد من الدول والمجتمعات؟ 
«نظرية المغناطيس» تصلح في سياق السجال السياسي حول مصير الأسد، وشكل سوريا القادمة، وموقعها على خريطة التحالفات والمحاور الإقليمية ... بيد انها نظرية قاصرة، عندما يتعلق الأمر بأهداف «الزحف الجهادي» إلى سوريا وأسبابه ومحركاته ... هنا، وهنا بالذات، لا يمكن الحديث عن سوريا إلا بوصفها حلقة مركزية، في مسلسل «الجهاد العالمي» ذي الأجندة المفتوحة في الزمان والمكان، وبصورة تكاد تكون معها، نسخة «إسلامية»، غير منقحة وغير مزيدة، عن نظرية «الثورة الدائمة» التروتسكية ... وبهذه المناسبة، ومن باب أن الشيء بالشيء يذكر، فإن الجهاديين، لا يؤمنون بـ «الخلافة في بلد واحد»، تماماً مثلما رفض تروتسكي وأتباعه، النظرية الستالينية عن «الاشتراكية في بلد واحد». 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «نظرية المغناطيس» عن «نظرية المغناطيس»



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya