تركيا غداة الانتخابات «زلزال» جديد أم مزيد من الشيء ذاته

تركيا غداة الانتخابات: «زلزال» جديد أم مزيد من الشيء ذاته؟!

المغرب اليوم -

تركيا غداة الانتخابات «زلزال» جديد أم مزيد من الشيء ذاته

عريب الرنتاوي

لم يعد يفصلنا سوى أسبوع واحد فقط على الانتخابات التركية المبكرة، التي ستقرر إلى حد كبير، المستقبل السياسي للحزب الحاكم منذ 13 سنة، ولزعيمه ومؤسسه رجب طيب أردوغان ... إن أمكن للحزب الحصول على ما يكفي من المقاعد لتشكيل الحكومة منفرداً، فإن من المتوقع للسياسة التركية أن تواصل سيرها على الطريق المعتاد الذي سلكته منذ خمس سنوات، وإن وجد الحزب نفسه مضطراً للدخول في صفقات ومقايضات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل الحكومة الجديدة، فإن من المرجح أن تحدث استدارة في مواقف أنقرة، وقد تطوى صفحة “الزعيم الكارزمي” مع إحلامه السلطانية التي تتخطى بلاده إلى الأقاليم من حولها.

الرأي العام العربي، لديه ما يشغله عن هذه الانتخابات، لكن ذلك لا يعني أن النخب الحاكمة في العديد من الدول والحركات والمنظمات، تبدي اهتماماً بهذا الاستحقاق الانتخابي، بالنظر لما سيترتب عليه من نتائج وتداعيات على العديد من أزمات المنطقة، وعلى مواقف ومواقع بعض تياراتها الرئيسة كجماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن توازنات القوى الإقليمية وموازينها. 

سورية هي أكثر دول المنطقة ترقباً لنتائج هذه الانتخابات ... حكومة ائتلافية في تركيا، من شأنها أن تغير إلى درجة كبيرة، من المقاربة التركية حيال الأزمة السورية ... ستكون أنقرة أكثر تجاوباً مع الحلول السياسية للأزمة السورية، وستتخذ إجراءات أشد صرامة في ملفي “داعش” و”اللاجئين”، وهما الورقتان اللتان اعتمدهما أردوغان لتحقيق جملة من الأغراض دفعة واحدة: تثبيت مواطئ أقدامه في سوريا وتوسيعها من جهة، إلى مقايضة الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين للحصول على “مكاسب” إضافية على طريق عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية. وإذا كانت سوريا هي الأكثر تضرراً من عودة أردوغان المظفرة لحكم تركيا منفرداً، فإن قطر وجماعة الإخوان المسلمين هما أكثر الأطراف استفادة من سيناريو كهذا ... من دون عودة “العدالة والتنمية” لحكم تركيا منفرداً، لن يبقى للإمارة الصغيرة سوى الاقتراب من الحضن السعودي، مرغمة لا طائعة، وترديد قول المتنبي: “من نكد الدنيا على الحر أن يرى عدواً ما من صداقته بدًّ” ... الإخوان الذين تحولت إسطنبول إلى عاصمتهم الكونية الأولى، سيجدون أنفسهم في رحلة “لجوء” و”منافي” جديدة، فهل تتسع الدوحة للمزيد منهم؟ ... مثل هذه النتيجة ستنطبق كذلك، على حركة حماس ... صحيح أن أنقرة تحتفظ بعلاقات متوازنة مع كل من رام الله وغزة، لكن الصحيح كذلك أن أردوغان وحزبه، كانا ذخراً استراتيجياً لحماس بعد أن فقدت ظهيريها: المصري بسقوط نظام مرسي، والسوري بعد خروج قيادتها من دمشق. الاتحاد الأوروبي، يبحث عن قيادة تركية تتحلى بقدر أكبر من المسؤولية، واستعداد أقل للتصعيد والمغامرة ... وستجد في أية حكومة ائتلافية، شريكاً أفضل من حكومة أردوغان التي يديرها بوساطة أحمد داود أوغلو ... أوروبا التي يصعب عليها ابتلاع “الشروط التركية” لحل مشكلة اللاجئين، ستظل تنوء بحملهم ما لم تأت صناديق الاقتراع بحكومة مغايرة. مصر، الإمارات والأردن، ستتنفس الصعداء على نحو أفضل، لو غادر العدالة والتنمية المسرح السياسي التركي، ومن باب أضعف الإيمان، تشكيل حكومة ائتلافية، تُدخل قدراً من التوازن والاتزان في الأداء السياسي التركي ...

ثمة خلاف صامت، ومتفاوت، وأحياناً صريح ومكشوف، بين هذه الدول الثلاث، التي تكاد تشكل محوراً جديداً ناشئاً من رحم محور الاعتدال العربي، مع تركيا وحلفائها في الإقليم. الحركة الكردية في تركيا وسوريا والعراق، تراقب أكثر من غيرها، مسار الحملات الانتخابية ونتائج صناديق الاقتراع .... لن تتغير الحال كثيراً على أكراد تركيا وسوريا، فقد اكتووا بنار “العدالة والتنمية” بما يكفي، وفي حال تشكلت حكومة ائتلاف، مع التيارات العلمانية والقومية، ربما يزداد الأمر سوءاً، فهذه التيارات تحتفظ بمواقف أكثر تشدداً حيال “المسألة الكردية”، ومن منظور قومي – طوراني أحياناً .... أما في إقليم كردستان العراق، فإن تآكل نفوذ أردوغان وتبديد أسطورته، سيفُقد رئيس الإقليم مسعود البرزاني، حليفاً قوياً، ويُفسح في المجال لخصومه ومنافسيه، الذين لا يحتفظون بعلاقات مماثلة مع أنقرة، أن يشددوا من حملات الانتقاد لأداء رئاسة الإقليم وحكومته والحزب الديمقراطي الكردستاني المتنفذ.

الانتخابات التركية المنتظرة بعد أسبوع، ستكون تفصيلاً صغيراً في حال نجح الحزب الحاكم في الحصول على الثمانية عشر مقعداً التي يحتاجها لتشكيل حكومته الجديدة، بيد أنها ستكون بمثابة منعطف بالغ الأهمية، على أزمات المنطقة ومحاورها وتحالفاتها، في حال وجد الحزب، ذو المرجعية الإسلامية نفسه مكرهاً على تقديم التنازلات لشركائه المحتملين في أية حكومة ائتلافية قد تعقب حكومة أوغلو الحالية .... وسيتضح في ضوء نتائج الانتخابات، وتوازنات القوى في البرلمان التركي الجديد، مدى وعمق وسرعة التحوّلات التي ستطرأ على سياسات أنقرة ومقارباتها الإقليمية في المرحلة المقبلة ... فهل سنكون أمام “زلزال” جديد من تلك “الزلازل” التي تضرب هذا الإقليم تباعاً، أم أننا سنكون أمام “المزيد من الشيء ذاته”؟! 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا غداة الانتخابات «زلزال» جديد أم مزيد من الشيء ذاته تركيا غداة الانتخابات «زلزال» جديد أم مزيد من الشيء ذاته



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya