بطولة «القفز الحر» إلى «الخطة ب»

بطولة «القفز الحر» إلى «الخطة ب»

المغرب اليوم -

بطولة «القفز الحر» إلى «الخطة ب»

عريب الرنتاوي

قبل أن يجف حبر الاتفاق الأمريكي – الروسي حول وقف “الأعمال العدائية” في سوريا، والذي حظي بمباركة أممية بموجب القرار 2268، كانت واشنطن قد شرعت في الحديث عن “الخطة ب”، في حال فشل الاتفاق ولم تصمت المدافع ... الأمر الذي قابلته موسكو بكثير من الحذر والرفض والتشكيك، فالأصل، أن تُعطى جهود التهدئة فرصتها الكاملة، سيما وأن جميع الأطراف، تدرك تمام الإدراك، مصاعب الوصول إلى الاتفاق وصعوبة إنفاذه على الجبهات والمحاور المتداخلة والمعقدة... واشنطن سلّحت حلفاءها بـ “الخطة ب”، قبل أن تضغط عليهم لإنجاح “الخطة أ”. 
بعض حلفاء واشنطن، المتحفظين على مسار فيينا أو القابلين على مضض بالاتفاق الروسي الأمريكي والقرار 2268، نظروا إلى الكشف الأمريكي بوصفه صافرة انطلاق “بطولة القفز الحر” عن “الخطة أ”والانتقال فوراً، ومن دون مقدمات، إلى “الخطة ب”... أنقرة، رفضت الاتفاق والقرار، وأصرت على إدراج حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ووحدات الحماية الشعبية في قائمة الإرهاب، وأعطت لنفسها الحق في استمرار ملاحقة “الإرهابيين الأكراد”، بل وفتحت حدودها على مصراعيها لنقل قوات كبيرة من المعارضة لمنع سقوط اعزاز، ولاحقاً أدخلت مقاتلي داعش إلى تل أبيض ... أما عن حركة السلاح والمسلحين عبر الحدود، فحدّث بلا حرج. 
في الاتجاه نفسه، دارت المواقف والإجراءات السعودية، مصادر مسؤولة تسرب للشرق الأوسط اللندنية بأن المملكة تفضل التعامل مع “الخطة ب”، والتصريحات الرسمية تؤكد يومياً على مقترح إرسال قوات برية عربية واسلامية إلى سوريا، والمقاتلات من طراز “إف 16” تحط في قاعدة أنجيرلك”، والتهديدات بتزويد المعارضة بأسلحة نوعية متواصلة، بما فيها أسلحة محمولة مضادة للطائرات، أما الوزير السعودي، عادل الجبير، فقد عاود التشديد على ضرورة خروج الأسد من السلطة، حرباً أم سلماً. 
بعض قوى المعارضة المسلحة، ومن وحي “الخطة ب” كذلك، ومواقف الرعاة والداعمين، عرباً وأتراكا، أخذت تتلكأ في التجاوب الفعلي مع خطط وقف إطلاق النار، وتثقل قبولها بالهدنة المؤقتة بسلسلة من الشروط، من بينها أنها تجريبية ولأسبوعين اثنين فقط، فيما طوفان “الشكاوى” على خروقات النظام وحلفائه والطيران الحربي الروسي، لم يتوقف عن التدفق منذ الساعات الأولى للتهدئة.
خلاصة ذلك كله، أن واشنطن، وبمجرد أن كشفت عن “الخطة ب” التي لا نعرف كنهها حتى الآن، أعطت خصوم المسار السياسي ووقف النار، على ضفتي معادلة الصراع، ما يحتاجونه من مبررات لرفض التهدئة، وعدم الاستجابة الأمينة والصادقة مع مقتضياتها ومتطلباتها ... ونقول على ضفتي الصراع، لأن الفريق الآخر، النظام وبعض حلفائه، لم يكونوا سعداء أبداً بالتهدئة، بل ويمكن القول إنهم أجبروا على تجرّع كأسها، بعد الضغوط التي بذلها الكرملين لهذه الغاية، سيما وأن توقيت التهدئة، جاء في ذروة اختراقات حققها الجيش السوري وحلفاؤه، على عدة جبهات ومحاور، حديث واشنطن عن “الخطة ب”، عزز منطق هؤلاء وحججهم. 
لم يكن الكشف عن “الخطة ب” قراراً أمريكياً بريئاً، ولم تكن هفوة في التكتيك أو زلّة لسان لمسؤول ... هم في واشنطن، يريدون أن يبعثوا برسائل اطمئنان لحلفائهم القلقين من نجاحات الفريق الآخر من جهة أولى، وهم يريدون إبقاء خصومهم من موسكو إلى الضاحية الجنوبية، مروراً بدمشق، تحت طائلة الضغط والابتزاز من جهة ثانية، وهم من جهة ثالثة، منقسمون على أنفسهم بين فريقين، واحد يخشى موسكو، ولا يوثق بها، والثاني يفضل التعاون والتنسيق معها، حتى وإن اقتضى الأمر، الإقرار واقعياً بدورها القيادي في سوريا
على أية حال، لا يبدو أن واشنطن على عجلة من أمرها في إغلاق الملف السوري بكل صفحاته الدامية والمؤلمة ... ربما صارت أكثر اهتماماً بحل هذه الأزمة من قبل، بيد أنها ما زالت تسير بخطى وئيدة على طريق الحل ... فبقاء هذا الملف مفتوحاً، ليس أمراً سيئاً لواشنطن، وقد يحقق لها جملة أغراض، منها: (1) إضعاف النظام وحلفائه وتقويض المنظمات الإرهابية، وهؤلاء جميعاً خصوم للولايات المتحدة... (2) استنزاف روسيا وإيران، المستنزفتين أصلاً، بأزمات داخلية وخارجية عديدة أهمها انهيار أسعار النفط...(3) تقليم أظافر بعض حلفاء واشنطن الذين شبّوا عن الطوق مؤخراً، وأخذوا يتصرفون بهوامش واسعة من الاستقلالية عن الموقف الأمريكي: تركيا والسعودية. 
وثمة من يعتقد أن إدارة الرئيس أوباما، لا تفكر بإضافة “حل الأزمة السورية” إلى قائمة إنجازات الرئيس وإرثه الشخصي، إلى جانب إيران وكوبا، وأنها تتحضر لتسليم هذا الملف، للإدارة القادمة مطلع العام القادم ... لكنها في الوقت نفسه، تحرص على عدم خروج الأزمة السورية من دائرة السيطرة والتحكم، خصوصاً في ملفي الإرهاب واللاجئين ... إرهاب داعش، واستهدافه الولايات المتحدة هو أكثر ما يقلق واشنطن، أما طوفان اللاجئين والإرهاب معاً، الذي يتهدد أوروبا بالغرق، فيأتي في المرتبة التالية على سلم الأولويات الأمريكية. 
وما لم تكن هناك ضغوط جدية على واشنطن لتسريع وتائر الحل السياسي للأزمة، بدءاً بتثبيت التهدئة وإنجاح مساعي وقف “الأعمال العدائية”، ومن قبل حلفاء واشنطن، والأوروبيين في المقام الأول، فإن من الصعب أن تُلقي الولايات المتحدة بكامل ثقلها وراء جهود ديمستورا وتوافقات كيري – لافروف. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطولة «القفز الحر» إلى «الخطة ب» بطولة «القفز الحر» إلى «الخطة ب»



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya