المعارضة تقبل بـ «المفرق» ما رفضته بـ «الجملة»

المعارضة تقبل بـ «المفرق» ما رفضته بـ «الجملة»

المغرب اليوم -

المعارضة تقبل بـ «المفرق» ما رفضته بـ «الجملة»

عريب الرنتاوي

لم يتضح بعد، ما إذا كان مطلب المعارضة بمعالجة “الملف الإنساني” قبل الشروع في حوارات “جنيف 3”، تكتيكاً تفاوضياً، هدفه كسب عقول وقلوب السوريين في المناطق المحاصرة، أم هو “شرط مسبق” هدفه إحباط مسار فيينا – نيويورك، الذي بات واضحاً أن المعارضة ورعاتها الإقليميين، لم يتمكنوا من ابتلاعه بعد ... لكن، وبصرف النظر عن النوايا الكامنة وراء إثارة هذا “الملف”، وعلى هذا النحو، فإن من غير المتوقع، أن ينجح الفريق المعارض، في تحقيق أي من الهدفين المذكورين. 
ثمة شكوك كبيرة، في أن تكون “الرسالة الإنسانية” التي أرادت المعارضة توجيهها للسوريين في المناطق المحاصرة، قد وصلت إلى “المرسل إليهم” ... صورة “معارضة الخارج”، معظمها حتى لا نقول جميعها، ليست جيدة في الداخل، بل يمكن القول، وبقليل من المجازفة، بأنها أسوأ من صورة النظام في عيون كثيرٍ من السوريين ... فالمعارضة أخفقت في تقديم نموذج جاذب لهم، وقصص فسادها وارتهاناتها للعواصم وتوزعها على المحاور وارتباطاتها الاستخبارية المتعددة، باتت تزكم الأنوف، دع عنك قضايا الشرذمة والتشتت والانقسامات التي جعلت منها، كثباناً رملية متحركة، يصعب رصد حركة تنقلاتها وتبدلاتها. 
وسيزداد الطين بلّة إن وجد وفد المعارضة وهيئتها المشرفة، أنفسهم، مرغمين على “لحس” تهديداتهم بمقاطعة جنيف، من دون أن يُفتح أي ملف من هذه الملفات .... صحيح أن الناطقين باسم “مؤتمر الرياض”، تحدثون كثيراً عن تطمينات وضمانات، شفهية وخطية، ولكننا لم نعرف حتى الآن بأي منها، كما أن الجهات الدولية المانحة للضمانات والتطمينات، لم تدل بدولها حتى الآن، ولم تقل شيئاً غير ضرورة الالتحاق بمائدة المفاوضات غير المباشرة، والتزام الغرف المنفصلة، وتسهيل مسار التفاوض. 
نقول ذلك، ونحن نشعر بالأسف الشديد لتحول معاناة السوريين وعذاباتهم إلى مجرد أوراق للتفاوض والابتزاز وتسجيل المواقف... النظام كما “معارضة الرياض” وحلفائهم من المليشيات المسلحة غير الممثلة في جنيف، متورطون في لعبة التجويع والتركيع، وكل منهم، لا يرى الصورة إلا من زاوية “البيئة المؤيدة له”، هؤلاء يتحدثون عن مضايا والمعظمية، وأولئك يشيرون إلى كفريا والفوعة ... والحصار “إنجاز” عندما يكون المحاصرون من “البيئة الأخرى”، وهو جريمة حرب عندما تنقلب الأدوار، وتتبدل هويات من هم داخل الحصار ومن هم خارجه.
وإذا كان هدف المعارضة من إثارة “الملف الإنساني” نسف مسار فيينا – جنيف من داخله، فلتك لعبة لن تنطلي على مجتمع دولي، بات أكثر جاهزية وحماسة، لإغلاق الملف السوري عبر عملية سياسية وتفاوضية، وأحياناً بـ “أي ثمن” ... ولقد شهدنا كيف دفعت الضغوط التي بذلتها واشنطن والأمم المتحدة، المعارضة ورعاتها، إلى الالتحاق بمسار “جنيف 3”، وإن “على مهل” وبـ “التقسيط”... والمؤكد أن “التكتيك” الذي اعتمدته “معارضة الرياض”، سيخفق في تعطيل هذا المسار، لأن المجتمع الدولي لن يغفر أمراً كهذا للدول التي لها “دالّة” عليها، وربما لهذا السبب بالذات، رأينا الرياض تدعم مشاركة المعارضة وتباركها، ورأينا أحمد داود أوغلو يقول كلاماً مخالفاً للتصريحات الانفعالية الصادرة عن رئيسه في أنقرة .... الخلاصة، لا أحد يريد أن يتحمل وزر تعطيل هذا المسار، لا النظام وحلفاءه، الذين أجبروا على ابتلاع وفد مؤتمر الرياض، بمن فيه من عناصر ومنظمات مصنفة إرهابية على كشوفهم، ولا المعارضة وحلفاءها، الذين أجبروا على الالتحاق بهذا المسار نظير وعود وتعهدات، غامضة، تذكر بمثيلاتها التي أعطيت للفلسطينيين مراراً وتكراراً، منذ أوسلو وحتى قبل قليل من الوقت. 
وسوف تستمر عملية الهبوط المتدرج لوفد الرياض المعارض من على قمة الشجرة التي صعد إليها ... فبعد الحادي عشر من الشهر الجاري، وتحديداً بعد لقاءات زيوريخ للأطراف الدولية الراعية لمسار فيينا، ستكون لموسكو وواشنطن وقفة أخرى مع تشكيلة الوفد السوري المعارض ... “المعارضة  الديمقراطية العلمانية” تلقت بدورها وعوداً وضمانات بانها ستكون على الطاولة، وعلى قدم المساواة في مرحلة لاحقة ... صالح مسلم التقى بموفدين أمريكيين وأوروبيين وروس كثر، وكذلك فعل هيثم مناع، والوفد الأمريكي الرفيع لم يبرح بعد، مناطق سيطرة قوات “سورية الديمقراطية” في شمال شرق سوريا التي يزورها الآن، والتقارير تتحدث عن وجود عسكري أمريكي مباشر في هذه المناطق، وعن توسيع مدارج “مطار الرميلان الزراعي” لاستخدامها في الحرب على “داعش”، وثمة إشاعات عن استخدام روسي لمطار القامشلي، الذي وإن كان لا يزال تحت سيطرة النظام، إلا أن ذلك يعود إلى رغبة الكرد وحلفائهم، بعدم قطع “شعرة معاوية” مع دمشق، وليس لأسباب عسكرية أبداً ... ثم أن موسكو تحتفظ بدورها بعلاقات وطيدة مع أكراد سوريا، ولديهم ممثلية لهم في موسكو، أو هم في طريقهم إلى ذلك. 
الخلاصة، سيكون هناك وفد ثانٍ للمعارضة في “جنيف 4”، وسيتكون من ممثلين عن وحدات الحماية والاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية وقدري جميل وآخرين ... وستكون “معارضة مؤتمر الرياض” مضطرة للاختيار بين أن تنسحب من المفاوضات متسببة في إخلاء الساحة لخصومها، أو البقاء، مقامرةً بتنازلها عن صفة “الممثل الشرعي الوحيد”.
ما رفضته المعارضة بـ”الجملة” واعتبرته خطوطاً حمراء ستنسف حوارات جنيف قبل أن تبدأ، ستقبل به بـ “المفرق”، المسألة مسألة وقت لا أكثر، ومن يعتقد بخلاف ذلك، يكون قد أخفق في قراءة في اتجاهات هبوب الريح الدولية، وتبدل أولويات المجتمع الدولي، بمن في ذلك “نادي أصدقاء سوريا” أو ما تبقى منه. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعارضة تقبل بـ «المفرق» ما رفضته بـ «الجملة» المعارضة تقبل بـ «المفرق» ما رفضته بـ «الجملة»



GMT 00:45 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

كأن البلد فقد حجابه!!

GMT 04:34 2017 الثلاثاء ,26 أيلول / سبتمبر

كيف نترجم المطالبة بحكومة إنقاذ وطني

GMT 06:55 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

وماذا عن المعارضة؟

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,06 إبريل / نيسان

الانتخابات السابقة لأوانها هي الحل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya