الجيش السوري في تدمر أين من هنا

الجيش السوري في تدمر... أين من هنا؟

المغرب اليوم -

الجيش السوري في تدمر أين من هنا

عريب الرنتاوي

الاتفاق “الكيماوي” الذي أبرم بين موسكو وواشنطن في أواسط أيلول/سبتمبر 2013، أبقى الرئيس السوري في موقعه لثلاثة أعوام، ومنع ضربة عسكرية أمريكية كان يمكن أن تكون “ماحقة”، ومنح النظام جرعة حياة إضافية، حتى وإن كان الثمن، تجريد سوريا من أنيابها ومخالبها الكيماوية ... اليوم، تبدو الحرب على “داعش”، والانتصارات التي سجلت في سياقاتها من قبل التحالف الروسي – السوري، بمثابة جرعة ثانية من “أكسير الحياة”، تراهن دمشق على “صرفها” على موائد التفاوض في جنيف وغيرها. وإذ قُدّر للتقدم الذي أحرزه الجيش السوري في تدمر وجوارها، أن يتواصل على المنوال ذاته، وصولاً إلى دير الزور والرقة، فسيصبح بمقدور الأسد أن يزأر بكل طاقته: أنا وحدي من بمقدوره اجتثاث الإرهاب من سوريا، ومن حقي وحدي أن احصل على “الجائزة الكبرى”، والمساهمة من “مواقعي” كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة، في تقرير مستقبل سوريا. الاتصال الذي أجراه الرئيس الروسي بنظيره السوري مهنئاً بالنصر في تدمر، ربما حمل في طيّاته، رسالة من هذا النوع، وإن كان من السابق التكهن بـ “نهاية مطاف” الاحتضان الروسي لشخص الأسد ... الترحيب غير المسبوق، الذي صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة باستعادة تدمر، يأتي في سياق “الرضوخ الدولي” للأمر الواقع في الميادين السورية ... وقبل الاتصال والترحيب، كان اللقاء غير المسبوق في جنيف، بين فيدريكاموغريني وبشار الجعفري ... يبدو أن الحبل على الجرار. في الحرب الدائرة رحاها على “داعش” في سوريا، ثمة ميزة إضافية للتحالف الروسي – السوري، لم تتوافر لواشنطن وتحالفها الدولي الفضفاض ... هنا تتوافر موسكو ودمشق، على مزيج من القوات البرية والجوية، هنا يمكن للضربات الجوية المركزة أن تعطي أكلها، طالما أن هناك قوات على الأرض، تقطف الثمار وتحصد النتائج ... الأمر مختلف تماماً بالنسبة لواشنطن وتحالفها الدولي. لا تمتلك واشنطن حلفاء “وازنين” عسكرياً على الأرض غير وحدات الحماية الشعبية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية ... وهذه على الرغم من شجاعتها في الميدان، ونجاحاتها المتلاحقة في تحقيق اختراقات على محاور وجبهات عدة ضد “داعش”، إلا أن ثمة قيوداً محلية وإقليمية، تحول دون أن تكون هذه القوات، “فرس الرهان” الذي سيكسب السباق لتحرير المناطق المحتلة من قوات “الخليفة البغدادي”. محلياً، سيجد كثيرون من العرب صعوبة في استيعاب وتقبل الطموحات الكردية الجامحة للتوسع و”التكريد” و”الفدرلة” ... وإقليمياً، سيظل “الفيتو” التركي على قيام كيان كردي ثانٍ على حدود البلاد الجنوبية، عاملاً معرقلاً لتوسع نفوذ وسيطرة الوحدات وقوات سوريا الديمقراطية ... هذا الرهان، محفوف بكثيرٍ من التحديات والمخاطر، وله حدود وسقوف تجعل يد وزير الدفاع الأمريكي مغلولة إلى عنقه... أما الرهانات على “معارضة معتدلة” و”جيش حر”، فقد جربت عشرات المناطق في عشرات المواقع شمالاً وجنوباً، وثبتت خيبتها، وليس هناك ما يدعو للثقة بأن الرهانات المستقبلية، ستكون أوفر حظاً من الرهانات السابقة. يبقى لواشنطن خياران اثنان، لا ثالث لهما، وكلاهما يبدو مكلفاً وكلاهما يبدو مستبعداً ... الأول؛ استدعاء قوات عربية وإسلامية حليفة لتنفيذ الشق البري من معادلة تطهير شمال شرق سوريا من داعش ... هذا خيار، دونه خرط القتاد، وقد يفتح الباب لحرب إقليمية ودولية، وهو على أية حال، تراجع كثيراً من التداول . والثاني؛ إرسال قوات برية أمريكية – أطلسية، وهذا أيضاً فرضية مستبعدة، فالرئيس أوباما الذي وصل إلى البيت الأبيض مرتين تحت شعار: لا للحرب ونعم لسحب الجنود من العراق وأفغانستان، برهن في غير منعطف واستحقاق، أنه لن يتورط في سيناريو “إرسال الجنود إلى أرض المعركة”، وهو في موقفه “الصلب” هذا، يلقى تأييداً كبيراً من قبل الأمريكيين، والسنة الراهنة في الولايات المتحدة، هي سنة انتخابات، والخطأ فيها قد يتحول إلى خطيئة. لذلك كله، أحسب أن موسكو ودمشق، هما من سيتولى مهمة تحرير بقية الأراضي السورية من سيطرة داعش، وتصفية وجود التنظيم الأكثر دموية، في المناطق التي سيطر عليها، والتي بلغت ذات يوم، نصف مساحة سوريا تقريباً ... عندها، أو بعدها، سيكون شعار “لا دور للأسد في مستقبل سوريا”، عصياً على “الصرف والنحو”، حتى وإن ظل يتردد على ألسنة “فرسان الائتلاف” ورعاتهم. من مصلحة المعارضة الوطنية والديمقراطية والعلمانية في سوريا، أن تركز جهدها على إطلاق عملية سياسية ذات مغزى في سوريا، وبضمانات دولية (وبالأخص روسية)، قد تنتهي، وقد لا تنتهي، بخروج الأسد من مستقبل سوريا ... أما الإصرار على “التنحي” و”التنحية” كشرط مسبق، فأحسب أن وقائع الميدان وتطورات الحرب، ستجعله أمراً غير مسلٍ على الإطلاق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش السوري في تدمر أين من هنا الجيش السوري في تدمر أين من هنا



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya