«الحزم» لليمن و«الأمل» للسودان

«الحزم» لليمن و«الأمل» للسودان

المغرب اليوم -

«الحزم» لليمن و«الأمل» للسودان

عريب الرنتاوي

باستثناء دول التحالف الخليجية الثلاث: السعودية، الإمارات وقطر، لم تبدِ أية دولة من دول التحالف، “حماسة” تضاهي الحماسة السودانية للحرب في اليمن وعليه ... مئات الجنود جرى نشرهم في عدن، والتصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين في الخرطوم، ما زالت تتواتر، معربة عن الاستعداد لإرسال المزيد إن تطلب الأمر. مع ان السودان، من بين جميع الدول العربية، باستثناء سوريا، كان الأقرب لإيران، ولقد نجح في تطوير علاقات ثنائية معها في ميادين شتى، حتى في المجالات العسكرية والأمنية، ولقد دفعت البلاد ثمن هذه العلاقات المتميزة، عدداً من الغارات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف في الخرطوم، وشمالي بورسودان، بحجة استهداف مصانع انتاج للسلاح، وقوافل تنقله إلى حماس في قطاع غزة، عبر طرق صحراوية ملتوية، ومن دون علم السلطات المصرية.

وكان من نتيجة هذه العلاقات المتطورة بين البلدين، أن تأزمت العلاقات السودانية – السعودية، لتبلغ أسفل درك، عندما رفضت المملكة منح طائرة البشير الرئاسية، إذنا بالمرور في اجوائها في آب/ أغسطس من العام 2013، وهو في طريقه إلى طهران، الأمر الذي بررته الرياض بالقول إن الطائرة لم تحصل على إذن مسبق، ورأى فيه المراقبون، تعبيراً عن الغضب السعودي على تقارب الخرطوم مع “جارتها اللدودة”. يبدو أن تلك الواقعة، كانت بمثابة نقطة التحوّل في تفكير القيادة السودانية، التي بدأت على نحو متدرج مسار استعادة العلاقة مع الرياض، حتى وإن جاء ذلك، على حساب العلاقات المتطورة مع إيران ... الخطوة الأبرز في هذا المجال، تمثلت في إقدام السلطات السودانية بعد عام على تلك الواقعة، على إغلاق المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم، بدعوى أنه يعمل على نشر “التشييع” بين الناس، الأمر الذي قوبل بكثير من الارتياح والاهتمام في الدوائر السعودية.

بعد ذلك، توالت الزيارات السودانية إلى العاصمة السعودية، وعلى مستوى القمة، في آذار / مارس من العام الجاري، وقبيل أيام قلائل من اندلاع “عاصفة الحزم”، وصل البشير إلى الرياض، والمؤكد أن الجانبين بحثا المشاركة السودانية في الحرب التي بدأت طبولها تُقرع بقوة ... وبعد أقل من شهرين، عاود الرئيس السوداني زيارته للمملكة، والمؤكد أن زيادة المشاركة السودانية في الحرب البرية كانت على جدول أعمال زيارته، نظير “رزمة” من المساعدات الاقتصادية ... وقبل أيام، أنجزالبشير زيارة أخرى للسعودية، توجت بالتوقيع على أربع اتفاقات ثنائية لتمويل مشروعات تنموية بالسودان كمشروعات لبناء سدود ومعالجة العجز الكهربائي( مشروع محطة كهرباء البحر الاحمر الف ميغا واط مع الخط الناقل) بجانب الاسهام في خطة ازالة العطش بالريف السوداني وسقي الماء للفترة ( 2015-2020 ) والشراكة في الاستثمار الزراعي في مناطق متفرقة من السودان.

المشاركة السودانية في “عاصفة الحزم” على اليمن، كان لها دور حاسم في “إعادة الأمل” للقيادة السودانية باستعادة علاقاتها مع الرياض، بعد أن مرت هذه العلاقات بسنوات عجاف زمن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، الذي ظل يتفادى اللقاء بالرئيس السوداني، ولا يتردد في إبداء الغضب من علاقات الأخير بإيران. وسوف تتوقف الموانئ السودانية على البحر الأحمر منذ أزيد من عام، عن استقبال السفن الحربية والتجارية الإيرانية كما اعتادت أن تفعل ذلك بكثافة من قبل، وستعمل بأقصى طاقتها على تسيير الرحلات لنقل مئات الجنود السودانيين، للقتال تحت المظلة السعودية للتحالف العربي ضد الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

لكن ذلك لن يمنع السودان من الاحتفاظ بعلاقاته مع حماس او الجماعات الإخوانية المختلفة، سيما وأن هذه الأطراف كانت سبقت البشير في إدارة ظهرها لطهران، ونقل بندقيتها من كتف إلى كتف، في حروب المحاور والمعسكرات العربية ... وهو الأمر الذي لم يعد يثير تحفظ السعودية أو حفيظتها، وهي التي أقدمت في ظل عهدها الجديد، على إعادة تقييم سياساتها حيال الإخوان المسلمين،إذ بدل العمل على “شيطنتهم” ووضعهم في لوائح الإرهاب السوداء، أخذت تنسج علاقات تحالف معهم، بدءاً من “الفرع اليمني”، بل ووفقاً لكثير من التقارير، فإن الرياض تعمل على “التوسط” بينهم إخوان مصر ونظام السيسي، وتبدي الاستعداد للوساطة بين حماس وعباس. ليس البشير وحده من استدار بزاوية 180 درجة، يبدو أن السياسة في هذا الإقليم، لا تكف عن الدفع بأصحابها لتبديل المواقع والمواقف والتحالفات، وغالباً بين عشية وضحاها... سيما في الدول التي لا تقيم وزناً للرأي العام أو ممثليه في صنع السياسات وتقرير المواقف، الداخلية منها والخارجية، على حد سواء. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحزم» لليمن و«الأمل» للسودان «الحزم» لليمن و«الأمل» للسودان



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya