حرب الدولة العظمى تحويل الشقيق إلى عدو

حرب الدولة العظمى: تحويل الشقيق إلى عدو!

المغرب اليوم -

حرب الدولة العظمى تحويل الشقيق إلى عدو

طلال سلمان


أثبتت المملكة العربية السعودية عبر حملة إحراق اليمن وتدمير بنيانها الذي لما يكتمل أنها دولة عظمى: تشن الحرب على مَن يعصي أمرها بلا استئذان وبغير التفات إلى الأكلاف، سياسية بالأساس ومن ثم مادية.
هكذا، بكل بساطة، وبلا أسباب أو تبريرات مقنعة، وبلا رحمة أو إشفاق على جارها الشقيق الفقير حتى الجوع، والذي أسهم أبناؤه في إعمارها، أطلقت طيرانها الحربي في موجات متتالية على امتداد ثلاثة أسابيع، حتى الآن، تقصف مدنه قيد البناء وقراه الفقيرة التي تتسلق الجبال والتلال الجرداء... وقد تخطئ الصواريخ والقذائف المدمرة أهدافها (الحربية)، إن وُجدت، فتصيب مستوصفات أو أسواقاً شعبية أو مدارس فضلاً عن البيوت التي ارتقى بها أصحابها المرتفعات حيطة وتحسباً.
وإذا ما وضعنا روابط الأخوة ووشائج القربى وصلات النسب جانباً، واعتمدنا الحساب المجرّد للأكلاف التي تكبدتها (وسوف تتكبدها بعد) في حربها على «العدو» ـ الشبح، لاكتشفنا أن ما أنفقته المملكة المذهّبة في حملتها العسكرية يزيد أضعافاً مضاعفة عن مجموع ما خسرته اليمن حتى الساعة.
وبحساب بسيط يمكن الافتراض أن كلفة طلعات الطائرات القاذفة تصل إلى حوالي المليار دولار، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. فأرخص قذيفة أطلقت يبلغ ثمنها مئة ألف دولار... وكل غارة تتكلف بالتالي حوالي مليون دولار. فإذا ما افترضنا أن بين أربعين إلى خمسين طائرة قد شاركت يومياً في الغارات (على مدار الساعة) لتبيّن أن كلفة الطلعات والقذائف والاستهلاك تصل إلى أربعين مليون دولار يومياً، وربما ارتفعت إلى خمسين مليوناً.
هذا من دون احتساب كلفة استنفار الجيش، وحجز العسكريين، والرواتب المضاعفة، وكلفة الإمداد، وقطع غيار الطائرات، وساعات العمل الإضافية للطيارين والفنيين على الأرض.
بالمقابل فلا قواعد لوجستية عند «العدو»، ولا مراكز للقيادة، وبالتالي فإن القصف من الجو قد يلحق دماراً عظيماً بأسباب العمران، لكنه لا يحل المشكلة.. خصوصاً وأن كلفة الهجوم الجوي المفتوح (معززاً بصواريخ الأرض ـ أرض) تزيد بكثير عن خسائر المستهدف بهذا العدوان.
في القواعد بل البديهيات أن الأرض لمن عليها... وما دامت السعودية لا تريد ولا هي تقدر حتى لو أرادت على احتلال الأرض، فلا يمكنها إذن أن تحقق نصراً مؤزراً، مهما بلغت خسائر اليمنيين، فكيف إذا ما كان على السعوديين أن يحاصروا اليمن بحراً، على امتداد بحر العرب، ثم على امتداد البحر الأحمر ومضيق هرمز ضمناً... وهذه كلفة إضافية هائلة.
منطقياً، وبالاستناد إلى الوقائع أو الذرائع التي حاولت السعودية أن تبرّر بها حربها على اليمن، فإن هذه الحملة بالنار الحارقة لا تحل المشكلة، ولا تؤدي إلى نصر عسكري...
ستبقى اليمن في مكانها، إلى جانب السعودية. وسوف تحل الأحقاد والضغائن ونزعة الثأر محل مشاعر الأخوة. وستكلّف لحظة الغضب أو عتوّ القوة أكثر بكثير مما قدّر المسؤولون السعوديون، لا سيما الشباب منهم.
... ولو أنفقت السعودية كلفة هذه الحملة المفتوحة على إعمار اليمن وعلى تمكين شعبها الفقير، والأصيل في عروبته، من أن يعيش حياة مقبولة، لربحت في اليمن، بل وفي الوطن العربي جميعاً.
بل إن ضرورات حماية المملكة المذهّبة التي تعرف يقيناً أنها قد اقتطعت أجزاء من اليمن وضمّتها إلى أرضها، بالحرب أو بالحيلة أو بالذهب، لا فرق، كانت تفرض أسلوباً أخوياً في المعالجة، لو حصل لأمنت وكسبت في اليمنيين حليفاً يساهم في حمايتها ـ كشقيق ـ إذا ما هددها عدو، كإسرائيل، إذا ما كانت الذاكرة الملكية سليمة.
لن تكسب السعودية الحرب، ولكنها حوّلت شعباً شقيقاً وجاراً أبدياً إلى عدو، قد تعجزه إمكاناته عن الرد على الحرب بالحرب، ولكنه سيغدو مصدر قلق دائم للمملكة التي أخطأت الطريق والوسيلة.
وبالتأكيد فإن كلفة الخصومة ستكون أعظم من كلفة الحرب على الأخ الشقيق الذي لا يملك الكثير ليخسره، وهذا فارق عظيم آخر بين الأخوين اللذين يحوّلهما الخطأ إلى عدوّين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الدولة العظمى تحويل الشقيق إلى عدو حرب الدولة العظمى تحويل الشقيق إلى عدو



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya