على مقهى فى أحد أحياء القاهرة الشعبية جلس أحد المرشحين الذين فازوا فى المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية يدخن الشيشة ويرتشف كوباً من الينسون الساخن.
وبينما هو فى حالة الاستمتاع بالدخان والشراب، قطع عليه خلوته أحد الشباب الذين ينتمون إلى دائرته الانتخابية، ودار بينهما الحوار التالى:
الناخب: مساء الفل يا سيادة النائب.
المرشح: شكراً، لكنى لم أصبح رسمياً نائباً، فالنيابة لا تطلق على الإنسان إلا بعد قسَم الجلسة الأولى للبرلمان.
الناخب: أنا من الذين أعطوك صوتهم يا سيدى، وجميعنا لدينا أمل كبير فيك.
المرشح: شكراً يا عزيزى، ربنا يقدّرنا على خدمة الوطن وأبناء الدائرة.
الناخب: لدينا مشاكل كثيرة فى الدائرة يا باشا.
المرشح: «زى إيه»؟
الناخب: المجارى حولت الشوارع إلى بركة، والتعليم زفت، والصحة متأخرة، والبطالة فى كل مكان.
المرشح: هذه مشاكل أزلية لا يمكن لبرلمان فى دورة واحدة أن يقضى عليها.
الناخب: المهم يا باشا أن تكون هناك بداية، لأن كل نائب يأتى بوعود ثم يفشل فى تحقيق أى تقدم ثم يلقى باللوم على قلة الوقت.
المرشح: بالضبط، الوقت قصير والمشاكل ضخمة وهائلة تحتاج إلى عقود من الزمن لحلها.
الناخب: من أين سوف تبدأ خطتك فى حل مشاكل الدائرة؟
المرشح: سوف أبدأ أولاً فى إقامة جسور من العلاقات القوية مع كبار المسئولين فى الدولة.
الناخب: لماذا؟
المرشح: لأن الدولة هى التى تملك الموارد، والوزراء هم الذين بيدهم القرار، والمحليات لا تعمل إلا بأمر المحافظ، والمحافظ يتبع الوزير، وهكذا.
الناخب: وماذا يحدث لو لم توفَّق فى إقامة علاقات «حلوة» مع الوزراء؟
المرشح: أكون قد هلكت، وتكونون أنتم جميعاً فى «خبر كان»!
الناخب: يعنى مصير النائب فى يد الوزير؟
المرشح: هذه هى الحقيقة المُرة.
الناخب: وأكذوبة أن البرلمان يراقب السلطة التنفيذية ويُصدر التشريعات؟
المرشح: هذا ما ينص عليه كل دستور، ولكن الواقع مختلف تماماً يا ابنى.
الناخب (فى حزن): اسمح لى بأن أنصرف يا باشا.
المرشح: لماذا لا تجلس وتدخن معى وتشرب كوباً من الينسون؟
الناخب: كفانى الذل الذى شربته والذى سوف نشربه فى المستقبل.
المرشح: يا ابنى تفاءل، كله بيعدى وكله بيطلع فى الغسيل!
انصرف الناخب الشاب وهو يفكر فى أحدث نظرية سياسية وهى نظرية «كله بيطلع فى الغسيل».