عماد الدين أديب
أثبتت الأزمة السورية الأخيرة أن واشنطن ليست لاعباً ماهراً فى شئون المنطقة، كما أثبتت موسكو بالمقابل أنها بارعة فى «لعب أوراق» المقايضة والمزايدة والإحراج لإدارة باراك أوباما.
ويأتى ذلك مع ما أعلن عنه سيرجى لافروف، وزير خارجية روسيا الاتحادية، منذ أيام، عن قيام موسكو بمبادرة روسية وافقت عليها دمشق بوضع سوريا أسلحتها الكيماوية تحت الرقابة والتفتيش الدولى وبرعاية روسية.
وأدت هذه المبادرة إلى إحراج إدارة أوباما التى كانت تعد أساطيلها العدة لتوجيه ضربة لأكثر من 50 هدفاً محدداً على الأراضى السورية.
وحظيت المبادرة الروسية بدعم واضح من أمين عام الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وتفاوتت دول الاتحاد الأوروبى بين الدعم الواضح والدعم الخجول والحذر والتوجس.
وفى حوار تليفزيونى مع الدبلوماسى المخضرم الأستاذ عمرو موسى، قال لى إن المبادرة الروسية هى «لعبة دبلوماسية بارعة تدل على أن موسكو أصبحت تدرك كيفية إدارة الأزمات بشكل فيه براجماتية وإدراك لمصالحها»، وأمام واشنطن الآن خيارات أحلاها مر المذاق!
الخيار الأول أن تقوم الأساطيل الأمريكية المحتشدة قبالة السواحل السورية بتوجيه ضربة محددة غير موجعة تكون بمثابة الحفاظ على ماء الوجه من الإحراج الدولى.
وفى هذه الحالة سوف تزداد العلاقات الأمريكية الروسية «المتوترة بالفعل» سوءاً نتيجة الإصرار الأمريكى على الضربة رغم الموافقة السورية على المبادرة الروسية ورغم عدم وجود قرار دولى يعطى واشنطن المظلة الشرعية للضربة.
الاحتمال الثانى وهو ليس بأفضل من الأول وهو إلغاء فكرة الضربة تماماً وهذا يعنى اعتراف إدارة أوباما بفشل البيت الأبيض فى إدارة الأزمة على 3 مستويات:
«1» مستوى علاقة الرئيس بالكونجرس وفشله فى الحصول على التأييد المطلوب لتوجيه الضربة.
«2» مستوى العلاقة مع روسيا التى استطاعت بمبادرتها أن تجمد الحركة الأمريكية وتضعها فى حرج بين الإخفاق الدبلوماسى وعدم القدرة على توجيه الضربة.
«3» المستوى الأخير هو وضعية واشنطن أمام أصدقائها التقليديين وعلى رأسهم إسرائيل ودول الخليج العربى وتركيا وخصومها التقليديين وعلى رأسهم إيران وحزب الله وحماس والقاعدة.
بلغة الشطرنج كيفما تحرج «الملك» فهو هالك لا محالة!
نقلاً عن "الوطن"