عماد الدين أديب
راجع القرآن الكريم الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام 16 مرة بشكل واضح وصريح.
وراجع سيد الخلق نفسه مراراً وتكراراً فى شئون الدولة، والعباد، والزراعة، والحروب والغزوات.
وراجع سيد الخلق نفسه فى علاقاته بزوجاته وبناته وأقرب الناس إليه. فعل سيد الخلق ذلك، وهو خاتم الأنبياء، ومفتاح الجنة، وسيد ولد آدم، والشفيع يوم القيامة، وهو المعصوم، وآخر الأنبياء والرسل، دون حساسية، أو حرج أو كبر أو تكبّر.
الإسلام هو المقدس، أما كل من يرفع شعار الإسلام عن فهم أو جهل، أو عن صدق أو منفعة شخصية، فهو غير مقدس.
كل من على ظهر كوكب الأرض بعد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام يؤخذ منه ويرد عليه، ليس معصوماً من الخطأ وليست لديه أى قداسة أو مكانة استثنائية. و«المسلم الكيّس» حسب قول رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، هو من ينظر داخل نفسه ويراجعها. ويقول الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، إن من أراد أن يكون إماماً للناس فعليه أن يحاسب نفسه. أقول ذلك وأنا أتعجب من ذلك العناد والكبر والتزمت الفكرى الذى يعانى منه بعض قادة جماعة الإخوان المسلمين منذ ثورة 30 يونيو العظيمة ويحاولون الإنكار الكامل لكل التحولات الجذرية التى شهدها المجتمع المصرى.
على جماعة الإخوان أن تدرك أنها فشلت فى إدارة شئون البلاد بشكل مخيف فى فترة زمنية قياسية فى تاريخ الحكومات المعاصرة، إلى الحد الذى أدى إلى خروج جماهير مصر فى أكبر مظاهرة شعبية فى التاريخ المعاصر على مستوى العالم كله.
وأيد الجيش والقضاة والشرطة والإعلام والمجتمع المدنى والنقابات والبسطاء من الناس هذه الثورة.
رحل الرئيس مرسى، وتم تعطيل الدستور، وتم إلغاء مجلس الشورى، وتغيير النائب العام، ونشأ نظام جديد لرئيس مؤقت وحكومة انتقالية.
واليوم تعاد صياغة الدستور، وقريباً تتم انتخابات برلمانية وأخرى رئاسية. نحن فى عهد جديد، بنظام جديد، بفكر جديد، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.
وأصبح الشارع يفقد الثقة فى حكم الإخوان، وازدادت كراهية البسطاء للجماعة بعد مشاهد العنف والإرهاب والتخريب الأخيرة.
هذا واقع ملموس لا يمكن لجماعة الإخوان أن تكابر فيه أو تنكره أو تتجاهله. المطلوب من الجماعة أن تدرك أنها فشلت فى النجاح، ونضجت فى الفشل، لذلك عليها أن تعقل شروط المهزوم، ولا تطلق شعارات المنتصر!
الحل الوحيد الممكن لإنقاذ الجماعة هو أن تنقذ نفسها من نفسها، بمعنى أن تقوم بمراجعة شاملة لقيادتها وأفكارها ومبادئها كى تتواءم مع عهد يسعى إلى دولة مدنية عصرية تتساوى فيها الحقوق تحت مظلة دولة القانون.
إن فهمت جماعة الإخوان ذلك جيداً، نجحت، وإن كابرت فيه هلكت هلاكاً مُبرماً.
نقلًا عن "الوطن" المصرية