عماد الدين أديب
هناك تعريف علمي للذكاء وهو القدرة الصحيحة على الاختيار والمفاضلة بين البدائل. وهذا ببساطة يعني أن الإنسان الذكي هو الذي يستطيع أن يميز جيدا بين ما ينفعه وما يضره.
من هنا يصبح الذكاء الحقيقي أن تختار شريكة الحياة المناسبة، أو المشروع الاستثماري المربح أو تختار أقصر وأفضل طريق للسفر دون معاناة.
ومن الاختيارات السليمة أن يستطيع الإنسان حسن التمييز بين موتور السيارة المعطوب وبين الموتور الجديد، ويستطيع إدراك طعم وجبة الطعام الفاسدة والوجبة الشهية الصحية.
أما الذين يختارون الزوجة المتعبة، وشراكة العمل القاتلة، والسيارة المعطوبة، والطعام الذي يؤدي إلى التسمم الغذائي، فهؤلاء الذين ينطبق عليهم القول لا يدركون القدرة على المفاضلة بين البدائل.
وفي السياسة تنطبق ذات القواعد، حينما يختار الحاكم أسوأ الأعوان، ويصدر أغرب القرارات، ويراهن على أفسد القوى السياسية، ويتبنى كل المواقف الذي تجعل الناس تكره الحياة وتخرج غاضبة إلى الشوارع في حالة من السخط والاحتجاج.
ومن أكثر أشكال الغباء الإنساني والسياسي حالة «العناد والمكابرة» ورفض حقائق الواقع!
ومن أهم أقوال ونستون تشرشل في هذا المجال «الشيء الوحيد الذي أرفضه بشكل دائم هو أن أرفض بشكل دائم».
وعبارة تشرشل تعني أن التشدد والرفض دون منطق مقبول مهلكان لصاحبهما، وأن العقل السياسي يجب أن يكون متفتحا دائما لسماع الرأي الآخر، لأن الحقيقة ليس لها وجه واحد، والحق ليس له صاحب امتياز حصري!
أما الذين يفاخرون بأنهم من أقطاب «العناد» فإنهم في حقيقة الأمر يلفون حبل المشنقة حول عقولهم قبل أعناقهم.
العقل المفتوح لكل الآراء المغايرة والقابل لهضمها واستمزاجها ومناقشتها بشكل موضوعي والانحياز إلى الصواب فيها ورفض من يؤدي إلى الإضرار، هو العقل الإيجابي الذي يدفع بصاحبه إلى التطور العظيم.
كم من الحكام سقط، وكم من الاقتصادات فشلت، وكم من الشعوب خسرت بسبب الغباء السياسي لحفنة من الرجال قرروا أن يستمروا في المكابرة في الخطأ والخطايا.
أما منطق لا تراجع، ولا مراجعة للأفكار والسياسات فهو منطق الأغبياء فقط!
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط "