الاتفاق النووي سيغير المنطقة لكن

الاتفاق النووي سيغير المنطقة.. لكن

المغرب اليوم -

الاتفاق النووي سيغير المنطقة لكن

عبد الرحمن الراشد

صار حقيقة، وأمرا واقعا علينا التعامل معه. وحتى قبل أن تظهر علينا تفاصيل الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، نعرف أننا مقبلون على تغيير تاريخي مهم، السؤال: في أي اتجاه سيأخذ إيران ويأخذنا معه؟
وستأخذ مني قراءة الحدث وتحليله، وقتا وبضع مقالات، لأنه يمس زوايا متعددة، يصعب إيجازها. هناك تبعاته على إيران نفسها من الداخل، وعلى المنطقة مثل البحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن، وتوازنه مع القوى الإقليمية كالسعودية ومصر، واحتمالات أن يشعل سباق تسلح تقليدي أكبر، وربما نووي، وقياس تأثيراته على العلاقة العربية مع الغرب، وما إذا كان سيزيد غليان الصراع الطائفي.
بلا شك، ندرك أننا أمام تغيير دراماتيكي، وباب القفص، الذي كانت مسجونة فيه إيران دوليا، على وشك أن يفتح. إنما لا نستطيع أن نجزم في أي اتجاه ستسير إيران الطليقة ونحن الذين كنا نشتكي منها عندما كانت مقيدة!
طبعا، من الخطأ بناء السياسات فقط على الافتراضات وتحليلها كحقائق ثابتة؛ فالاتفاق قد يكون انتصارا للنظام على منافسيه في الداخل والخارج، وقد يتضح لنا أنه وثيقة استسلام. فإن كان ثمن تجميد مشروع إيران النووي هو رفع العقوبات وإطلاق يدها لتتحول قوة إقليمية كبرى، فنحن مقبلون على أزمات أخطر، وعهد ملطخ بالمزيد من الدماء. أما إن كان الاتفاق مقابل تجميد إيران نشاطها النووي العسكري، محصورا فقط في رفع العقوبات الغربية الاقتصادية عنها وإنهاء الخصومة السياسية ضدها فإنه تقدم إيجابي، معناه أن إيران رفعت أخيرا المنديل الأبيض، وستتحول كبقية دول المنطقة، مثل مصر والسعودية، دولة مسالمة تدافع فقط عن حدودها. الفارق بين القراءتين هائل جدا، وأكثر من تحدثت معهم يميلون لتصديق السيناريو الأول، أي أن إيران قبلت بالتخلي عن مشروعها العسكري النووي مقابل رفع القيود على تسلحها ونشاطها العسكري التقليدي. وهذا الجزء هو الذي يقلق الدول العربية. أما إسرائيل فإنها تخشى من الجانب النووي. وهي ترى أن الاتفاق سيحرم إيران من بناء قنبلتها النووية لكنه لا يمنعها أن تبقى «مؤهلة» للتسلّح النووي مستقبلا، فالاتفاق يسمح لها بالتخصيب والاحتفاظ بكل سلسلة الإنتاج النووي. ستبقى لديها المعرفة وأدوات التخصيب لكنها ستوضع تحت الرقابة حتى لا تنتج سلاحا نوويا. إسرائيل تريد منع إيران وليس فقط فرض الرقابة عليها.
الأرجح أن رضوخ إيران نوويا لمطالب الغرب سيطلق رغباتها الخارجية المحبوسة، وحتى نفهم معنى ذلك يمكنني مقارنته بنفس سياسة حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما حيال جرائم النظام السوري. فهي اعترضت على استخدامه الغاز والسلاح الكيماوي، لكنها لم تبال حيال قتله ربع مليون إنسان بالبراميل المتفجرة والمدافع والدبابات. الآن، إيران خارج المعتقل الدولي، ستستطيع شراء السلاح المتطور، وبناء قدرات نفطية متقدمة، والمتاجرة بالدولار، وفي مرحلة لاحقة قد تكون حليفة للغرب جزئيا وربما كليا، كما يحدث في التعاون بينهما في العراق وأفغانستان.
هذا التغيير الدراماتيكي كله ربما يفتح شهية نظام إيران، التي لا تحتاج إلى قنبلة نووية للهيمنة على مناطق حيوية واسعة. والنظام يعيش عقدة الدولة الكبرى الإقليمية وقد ينوي المزيد من المغامرات.
ربما يعزز نفوذه خارجيا لكن ليس بالضرورة سيخدمه الاتفاق داخليا. نظام آية الله ضعف مع الوقت، حيث خبت الشعلة الدينية، وزاد نفوذ الأمن المتمثل في الحرس الثوري على حساب رجال الدين. والاتفاق يشترط الانفتاح الذي ليس النظام مستعدا له، وقد يواجه ما حدث للاتحاد السوفياتي بعد اتفاقات تخفيض الترسانة النووية والانفتاح على الغرب، وتسبب سريعا في انهيار نظام الدولة العظمى. الاحتمال الآخر أن يخدم الاتفاق النظام، الذي ضعفت بنيته بسبب حصار الثلاثين عاما، والذي أُرهق سياسيا، فيعطيه التوقيع والانفتاح قبلة الحياة. والأرجح أن الاتفاق سيغير إيران ببطء، مثل النموذج الصيني، حيث بقي الهيكل الشيوعي يحكم البلاد من دون الشيوعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق النووي سيغير المنطقة لكن الاتفاق النووي سيغير المنطقة لكن



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya