أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية

أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية

المغرب اليوم -

أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية

عبد الرحمن الراشد

عبد المنعم أبو الفتوح إسلامي، وإخواني، وزعيم سياسي كبير في مصر، لم يخشَ أن يقول كلمته، كلمة حق في اللحظات الصعبة في مصر اليوم، قال إنه ضد إسقاط الرئيس محمد مرسي لأنه جاء بالأغلبية، لكن في الوقت نفسه ضد استبداد الرئيس حتى ولو كان هو أبو بكر الصديق، مضيفًا أنه لن يحمي الرئيس غير الشعب المصري الذي انتخبه. وقال أيضا إن قصر الرئاسة ملك للشعب وليس ملكا لأحد، لا الرئيس ولا جماعة الإخوان، مطالبًا الرئيس مرسي أن يكون رئيس كل المصريين، لأنهم هم الذين أتوا به وبفضلهم يجلس الآن على كرسي الرئاسة. وهناك إسلاميون آخرون أيضا ضد مرسي في الأزمة الحالية، وبالتالي فالمسألة ليست بين إسلاميين وغيرهم بل صراع سياسي. ورغم أن النزاع على قضايا أساسية، مثل الدستور والقضاء، فإنها خلافات قابلة للحل بتعديل بعض فقرات الدستور وإلغاء الإعلان الرئاسي الذي قال مرسي إنه مستعد لإلغائه. وسبب الفشل في التصالح إما لأن الرئاسة أو قوى المعارضة لا تريد الحل، وإما أنها لا تملك مهارات إدارة النزاع، أو ربما العلة في ضعف التواصل بين المعسكرين، إضافة إلى وجود أزمة ثقة بين الجانبين، كل يدعي أن الآخر يريد أن يتعشى به. ويبدو أن مشكلة الرئيس مرسي الحقيقية ليست قوى المعارضة بل حزبه الذي ينتمي إليه، حزب الإخوان الذي يتضح مع الوقت أنه من يدير الرئاسة ويتدخل في قراراتها. وأمس عمّق الأزمة مرشد الإخوان الذي زعم أن هناك مؤامرة داخلية وخارجية ضدهم، في أسلوب قديم للهروب من الأزمة الحقيقية. وواضح أيضا أن مرسي أدرك متأخرا أن جماعته ورطته في الإعلان الرئاسي المنسوب إليه، لأنه غير قانوني ويتناقض تماما مع ركنين أساسيين حلف اليمين على احترامهما؛ فصل السلطات والمحاسبة! فقد جمع سلطة البرلمان والرئاسة وأراد ضم القضاء، ثم أعلن أن قراراته لها صفة العصمة، لا تنقض ولا يحاسب عليها ما تأخر منها وما تقدم! والأرجح أنه أدرك حجم الخطأ الرهيب الذي ارتكبه بعد أن فاضت الميادين بالمحتجين ضده، وأراد التراجع، معلنا استعداده لإلغاء ما فعله، أي الإعلان الرئاسي مقابل إقرار الدستور خلال شهرين. إنما في عجلة من أمره، محاولا إصلاح الخطأ، ارتكب خطأ آخر، طبخ الدستور في يومين لا شهرين حتى يتخلص من الإعلان الرئاسي. كيف له أن يستهين بالمهمة؟ الدستور عقد زواج مدى الحياة لا يعقل فرضه كيفما كان على قوى المجتمع، فالمفترض أنه المرجع الشرعي والضامن لحقوق الجميع من أقباط وإسلاميين وقوى سياسية، سواء أغلبية أو أقلية. مفهوم الأغلبية نفسه يساء تفسيره، كما نرى في مصر وتونس وغيرهما. من حق الأغلبية إدارة الحكومة إذا فازت، لكنها لا تفرض أحكامها على الجميع. وهناك فارق شاسع بين الحكم والحكومة. فالأغلبية البيضاء في بريطانيا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة لا تستطيع أن تعيد الرق، ولا أن تحرم النساء من نفس الحقوق التي عند الرجال، ولا الأغلبية المسيحية تفرض قوانينها الدينية على الأقلية اليهودية أو المسلمة. تستطيع الأغلبية إدارة الشؤون العامة المتغيرة وفق أنظمة ثابتة، والدستور هو الأمر الثابت الذي يفترض أنه يمنح الجميع نفس الحقوق. وهنا الفارق بين الجماعات الفاشية والديمقراطية، الأغلبية تدير شؤون الدولة في إطار نظام يقوم على توازن سلطات، ووفق نواميس تحمي الأقليات وكل القوى التي يتشكل منها المجتمع. الأزمة المصرية تنحدر بشكل سريع وخطير، رغم أن الفوارق بين الرئاسة والمعارضة ليست كبيرة، سواء في البنود المختلف عليها دستوريا أو في ممارسات الرئيس، كلها قابلة للتصويب والحلول الوسط، لكن - كما ترون - النفوس مليئة، والشكوك كبيرة حول النوايا، وهنا يأتي دور رجال فاعلين مثل أبو الفتوح للتوسط بين الجانبين لتصويب قرارات الرئيس. نقلاً عن جريدة "الشرق الاوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya