الكويت لمن الاحتكام

الكويت: لمن الاحتكام؟

المغرب اليوم -

الكويت لمن الاحتكام

عبد الرحمن الراشد

عند الحديث عن أزمات الكويت السياسية تشعر كأنك في لبنان، كلما تبحث عن حل تدخل في متاهات أكثر تعقيدا، لسبب واحد هو أنه نظام سياسي حديث تم تفصيله بمقاييس قديمة. في لبنان هناك انتخابات، مع هذا لا يهم من صوت أكثر، فرئيس الجمهورية مسيحي ورئيس الوزراء سني ورئيس النواب شيعي، ثم يتم تقليد نحو ألف منصب حكومي وفق هذا السلم الحلزوني. في الكويت، مهما كانت نتائج الأصوات يبقى البرلمان معارضا للحكومة وبالتالي تستمر الأزمات. ولا أود أن أدخل في جدل الحالة الكويتية الراهنة لسبب بسيط جدا، أنني عاجز عن فهمها رغم استماعي لكثير من الأصدقاء وتكثيف قراءاتي للمستجدات هناك. في رأيي إن أهم ما يمكن أن يقال ليس من هو محق أو مخطئ، بل من الذي يحكم، أي ما هي المرجعية في النزاع السياسي الكويتي؛ هل هو الأمير، أم المحكمة الدستورية، أو القضاء، أو البرلمان نفسه، أم الشارع؟ أما الخلاف فهو طبيعي جدا في مجتمع حيوي كالكويت، لكن من سيفصل عند التنازع على تقسيم الدوائر إلى واحدة أو عشرين، أو الخلاف على صوت للناخب أم أربعة، وصلاحيات البرلمان، والآتي أعظم؟ الذي أعرفه أن المحكمة الدستورية هي المرجع، في الحالة الطبيعية لمعظم الدول ذات النهج الديمقراطي. من المؤكد أن للأمير احترامه، فهو رمز النظام ككل، لكن هو نفسه قبل بالـ«دستورية» في الخلاف السابق. وبعض المعارضة عندما يرفض الاحتكام لها ويريد أن يعظم من دور مجلس الأمة، فإنه عمليا يلغي توازن السلطات الذي يعتبر أساس أي نظام في العالم. أما البعض الذي يعتبر الشارع هو المرجع، فإنه فعليا يلغي النظام القائم، وهذا يحدث في حالة واحدة فقط، عند قيام ثورة، حيث يمكن إلغاء المراجع الدستورية. المشاعر الجياشة في الكويت اليوم، تذكرنا ببدايات العام الماضي في مصر، حيث كان الهرج كله يدور باسم «الشعب». الآن كثيرون يعترفون بأخطاء البدايات ويحاولون تصويبها، لكن فات الوقت على معظمها بعد انتخاب رئاسة، وتنصيب حكومة وبرلمان، كل ذلك قبل الاتفاق على وسيلة الاحتكام، أي الدستور. في الكويت رغبة في الإصلاح، ويجب أن يسبق الإصلاح القبول بالمراجع الدستورية أولا. فالجدل واسع والمعارضة متفقة ضد الحكومة لكنها مختلفة فيما بينها. البعض لديه اعتراضات محدودة، مثل عدد الدوائر والأصوات، والبعض لديه اعتراض شامل على النظام، يريد تعديل الصلاحيات وجعل البرلمان هو المشرع والحاكم. بين هاتين النقطتين مسافة بعيدة جدا، وبعيدتان كثيرا عن النقطة الثالثة، أي قيادة النظام السياسي. هذا ما يقدم الاهتمام أولا بمراجع الدولة حتى يجعل كل الخلافات قابلة للحل، ودون احترام الدستور تصبح الكويت دولة فوضى، وقد تخسر كل ما بنته من تطور سياسي على مدى نصف قرن. وكل المتابعين يعرفون أن معظم الذين نزلوا للشارع محتجين، هم أصلا جزء من النظام السياسي ولا بد أنه يهمهم المحافظة عليه، بتطويره لا بتدميره. وفي الأخير، الشعب الكويتي نفسه سيكون أكثر الغاضبين إذا اكتشف لاحقا أن كل التصعيد عمل سياسي فقط لا يخرج الكويت من عجزها التنموي الذي يلام عليه التنفيذيون والمشرعون. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت لمن الاحتكام الكويت لمن الاحتكام



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya