هل خرج البشير حقاً

هل خرج البشير حقاً؟

المغرب اليوم -

هل خرج البشير حقاً

بقلم - عبد الرحمن الراشد

التغيير المستحيل في السودان صار، ومع هذا أجد من الصعب الحكم على الأحداث من الوجوه والوعود. تشكيكي ربما مبالغ فيه، لكنه ينبع من وحي الواقع الذي نراه حولنا. فأنا لا أنسى اليوم التالي للانقلاب الذي وقع في 30 يونيو (حزيران) عام 1989 عندما تولى الحكم عميد في الجيش مغمور اسمه عمر البشير. دخلت في الصباح عند الرئيس المصري حينها، حسني مبارك، مع زميلي الأستاذ عبد اللطيف المناوي، في لقاء مرتب مسبقاً.

وحضر اللقاء أيضاً أسامة الباز، مستشار الرئيس، وصفوت الشريف، وزير إعلامه. بطبيعة الحال، الانقلاب في السودان ومن خلفه كان بداية حديثنا. سألت مبارك صراحة إن كان لمصر يد في التغيير، مستدلاً بأن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية هي أول من أذاع الخبر أمس. مع أن مبارك حول الإجابة إلى مزحة، لكنه كان متيقناً أن الانقلاب في الخرطوم محسوب عليهم، وهو نبأ سعيد، ولم يخفِ ترحيبه به! والحقيقة أن الحكومة المصرية ظلت لبضعة أيام تظن أن الانقلابيين من المحسوبين عليها. فقد كانت حكومة الصادق المهدي، التي جرى الانقلاب عليها، المنتخبة شعبياً، لا تقدر عواقب قراراتها السياسية، وارتكبت جملة أخطاء من بينها التقارب مع إيران الذي أغضب أهم ثلاثة حلفاء لها: مصر والسعودية والولايات المتحدة، إضافة إلى أنها قررت التفاوض مع الجنوبيين قبل أن تضمن ما يكفي من تأييد بين أقطاب السياسة في الداخل.
ثم اتضح لاحقاً أن القاهرة كانت آخر من يعلم حقيقة ما جرى في الخرطوم، وأن الانقلاب أخطر مما سبقه. تبين أن من ظنوا أنه مجرد عسكري غاضب ليس إلا جماعة متفرعة عن «الإخوان المسلمين» وهي عدوة لمصر ومبارك، كان اسمها «الجبهة القومية الإسلامية» وتزعمها الراحل حسن الترابي. اختارت الجماعة العميد البشير لأنه من كوادر الحركة، وأدارت الحكم من الخلف لفترة من الزمن، وقد روى الترابي نفسه هذه التفاصيل لاحقاً، بما في ذلك أنه طلب من البشير ليلة الانقلاب أن يدخله السجن لذر الرماد في العيون حتى لا تفتضح مؤامرته. حكم البشير السودان ثلاثين عاماً مظلمة، ارتكب فيها كل الجرائم التي لا تخطر على بال بشر، ورغم كثرة الزعماء السيئين الذين حكموا في منطقتنا فإن البشير الوحيد المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية. من أجل البقاء في الحكم، باع البشير كل شيء، النفط والجنوب، واستضاف عتاة الإرهابيين مثل: بن لادن وكارلوس و«حزب الله» وإيران. تحت حكم البشير زاد السودان فقراً، وتمزقاً، وتحزباً، وحروباً، فهل البلاد ستكون في حال أفضل اليوم بعد رحيله؟ ليس لنا إلا أن نتفاءل، وننتظر. وعندما رويت في بداية المقال قصة كيف خدع ثنائي الترابي - البشير العالم، من حق السودانيين أن يتشككوا ويخافوا من تكرار اللعبة. المظاهرات الشعبية التي داومت بإصرار على مطالبها لأسابيع أقصت البشير، وتبقى على العسكر المهمة الأساسية، إقامة حكم مدني. عليهم أن يثبتوا أنهم على مستوى وعودهم بالانتقال وتسليم السلطات للمدنيين لاحقاً. وقد أصدروا جملة قرارات إيجابية بينها إلغاء الواجهات الحزبية في الحكومة، التي عشش داخلها الحزب الحاكم السابق، فالجماعة الإسلامية لا تزال الحكومة العميقة في الخرطوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل خرج البشير حقاً هل خرج البشير حقاً



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 13:08 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

بوروسيا دورتموند الألماني يعرض نجمه باروكة للبيع

GMT 02:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

اوراش يوجه انتقادات لاذعة لوزارة الشباب والرياضة المغربية

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 19:56 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

سيث رولينز يفتتح أحداث عرض "الرو" لهذا الأسبوع

GMT 23:25 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

شخص يغتصب خمسة أطفال داخل منزله في الداخلة

GMT 15:53 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

اختتام البطولة الوطنية للجمباز الفني في لبنان

GMT 20:44 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

خطيب سعيدة شرف نجل الرئيس السابق للوداد

GMT 04:46 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 05:16 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

عطر Scandal By Night لأنوثة بلا حدود

GMT 11:12 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أجمل ديكورات قواطع الخشب لاختيار ما يلاءم منزلك

GMT 09:57 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قِصّة "طريق الرعب" في تركيا الذي استغرق بناؤه 130 عامًا

GMT 15:43 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة المغني الفرنسي شارل أزنافور عن 94 عامًا
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya