استسلام «فيسبوك» وأخواتها

استسلام «فيسبوك» وأخواتها

المغرب اليوم -

استسلام «فيسبوك» وأخواتها

بقلم ـ عبد الرحمن الراشد

منظر مثير للتأمل، ممثلو الشركات العملاقة الثلاث يحلفون اليمين أمام لجان الكونغرس الأميركي. جاءوا مستسلمين للدولة التي أبلغتهم: مصالحنا أهم من مكاسبكم.
ثلاثية التقنية المعلوماتية، «فيسبوك» و«غوغل» و«تويتر»، تطعم المعلومات لأكثر من ملياري إنسان في العالم. وكانت تفاخر بأنها تهدم الجدران، وتلغي الرقابة، وتنشر الحقائق. الآن تعترف أنها تحولت إلى مشكلة كبيرة.
والسلطات الأميركية صارت مقتنعة أكثر بأن «فيسبوك» و«تويتر» و«غوغل»، وبقية وسائط المعلومات، صارت خطراً على النظام والمجتمع، لأنها تحمل وتنقل الإرهاب والكراهية، وتوجه الناس في الانتخابات. لهذا تم استدعاؤهم إلى جلسات مفتوحة، ومع تهديد العقوبة تحت حلف اليمين سلموا معلومات صادمة. فالشركات تخشى أن تكبر التهم إلى التآمر على الدولة والخيانة، إن ثبت أنها تعلم، أو تتاجر، بالمعلومات في الانتخابات مثلاً، للتأثير على مواقف الناخبين السياسية أو بث الفتن الداخلية.
«فيسبوك» اعترفت بأن 126 مليون أميركي اطلعوا وتعاطوا مع معلومات تبدو لهم أميركية، والحقيقة أنها أرسلت من مبنى في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية. في معظمها حكايات وأخبار ملفقة تحريضية من قضايا ضد السود والمهاجرين والمسلمين وغيرها. وهناك عشرة ملايين متابع وصلتهم إعلانات سياسية، اتضح أنها مدفوعة من روسيا. أما «تويتر» فقد اعترفت بأنها رصدت في نفس الفترة ثلاثة آلاف حساب روسي إلكتروني مدعومة بـ36 ألف حساب آلي، جيش إلكتروني، قام بالتغريد مليوناً ونصف المليون مرة. وذكرت «غوغل» أن خمسة آلاف إعلان ممول روسياً، صاحبت خدمة البحث. كما ظهر ألف فيديو من روسيا على «يوتيوب»، مدتها 43 ساعة. كم هائل من التفاصيل يبين أن شركات المعلومات التقنية كانت مثل حصان طروادة، تحمل في بطنها جنود العدو للداخل الأميركي دون أن يعي الجمهور أنهم روس.
الشركات بررت بأنها مجرد منصات بلهاء لا تميز، وليست شركات محتوى، باستثناء «غوغل» التي لها نشاط معلوماتي. وجميعها تعهدت بأن تعيد النظر، وتعزز الرقابة الإلكترونية التي تفرز العدو من الصديق، وتوقف سيل الإعلام الموجه للداخل الأميركي وتمتنع عن استقبال الإعلانات الخارجية الموجهة.
طبعاً، روسيا المتهمة، هي أيضاً ضحية للإغراق المعلوماتي الأميركي الذي يستهدفها سياسياً، ويريد هز نظامها. وبالتالي نحن أمام حرب تضليل معلوماتية واسعة، وكذلك سبرانية مدمرة.
هذا ما تشتكي منه دول عظمى، لديها قدرات هائلة للتوجيه والتثقيف وتملك إمكانات عسكرية لا تجارى، ماذا عن دولنا التي تتعرض لنفس المشكلة؟
هنا نرى أزمة مماثلة. فقطر تستخدم الأسلحة المعلوماتية ضد الدول التي هي على خلاف معها، مثل السعودية ومصر والإمارات والبحرين. الدول اعتبرته استهدافاً لوجودها واستقرارها. وفي سبيل شل قدرات قطر أعلنت الدول الأربع أن التعامل معها خيانة وجريمة عظمى، وشنت خلال الأشهر الخمسة الماضية حملة لهدم كل ما بنته قطر من وسائل وتابعين لها. وقد قضت المواجهة على معظم منصات التحريض القطرية، التي تحاول تعويض خسائرها بالتسلل إلى أسواق بقيت حرة مفتوحة، مثل الكويت، واستخدام منصاتها.
قطر سبّاقة في هذا المجال، حيث دأبت على تجنيد حسابات بشرية في الدول المستهدفة، إلى جانب جيوش إلكترونية، لتوزيع معلومات تحريضية وكاذبة. وهي تفاخر بأنها تنشر الربيع العربي، لكن الحقيقة توجهها فقط لصالح فئة سياسية محسوبة عليها، مثل الجماعات الإسلامية المتطرفة، بهدف إسقاط أو إضعاف الأنظمة التي على خلاف معها.
والكثير من المعلومات التي تصل إلى الناس على «واتساب» و«تويتر» و«فيسبوك» وغيرها، تطبخ في مطابخ لها أهداف سياسية بنشر معلومات كاذبة أو محرضة. مثل هذه، لا تستحق أن تمنح حقوق حرية التعبير والعبور.
ها هي الولايات المتحدة، وهي قائدة دعوة الحريات في العالم، قررت تغيير مفاهيمها؛ إن حرية التعبير لا تعني حرية الخارج في التدخل والتأثير والتغيير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استسلام «فيسبوك» وأخواتها استسلام «فيسبوك» وأخواتها



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya