لعنة أم نعمة النفط

لعنة أم نعمة النفط؟

المغرب اليوم -

لعنة أم نعمة النفط

بقلم - عبد الرحمن الراشد

في السعودية تاريخان مهمان، اليوم الذي أسس فيه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن مملكته، والثاني اليوم الذي اكتشفت فيه «ستاندار أويل أوف كاليفورنيا» الأميركية النفط على أرض الدولة الجديدة.
ثمانون عاماً تمر على اليوم الذي غيّر مستقبل السعودية عندما أتت محاولات دامت خمس سنين فاشلة أخيراً ثمارها في البئر رقم سبعة، الذي أطلق نافورة هائلة من الزيت الأسود في عنان السماء.
ولو لم يوحّد الملك عبد العزيز هذه الدولة الواسعة الإرجاء لكنّا اليوم أمام العديد من الدويلات المتصارعة في داخل شبه جزيرة العرب، ولو لم يكتشف البترول لكان مصير الدولة قاسياً بسبب ظروفها الصحراوية الطبيعية، وشظف العيش من حيث ندرة الماء والكلأ.
سبق الأميركيين، البريطانيون في التنقيب الذين ملوا وغادروا السعودية، كانوا مقتنعين بعدم وجود البترول، وتخلوا عن التعاون مع مملكة عبد العزيز، إلى درجة أن المعتمد البريطاني في الهند أجاب ذاته على خطاب الملك الذي اقترح عليه التعاون، قائلاً إنهم ليسوا راغبين وعليه أن ينشغل بنفسه وشؤونه عنهم، وأن كل ما يهم الإمبراطورية ألا يتعرض أحد من جانبه لحركة الملاحة لأسطولها في مياه الخليج. بعد أن صده بجفاء ذهب الملك إلى الأميركيين الذين لم يكن لهم علاقة بالمنطقة، وجاءوا من آخر الدنيا ليجرّبوا حظهم. ويروى أنهم زعموا للبريطانيين أنهم جاءوا للتنقيب عن المياه لدعم السكان المحليين؛ حتى لا يثيروا حساسيات حكومة لندن في مناطق نفوذهم التقليدية.
ومع أن البترول ظهر في السعودية في الثلاثينات من القرن الماضي، إلا أنه فعلياً لم يصدّر للخارج ويصبح مورداً مالياً إلا بعد نحو عشرين عاماً، بسبب الظروف الاقتصادية الدولية والحرب العالمية الثانية لاحقاً.
وها نحن ندخل مرحلة جديدة، النفط مهدد بالغروب، صار محل شك كبير كمورد اقتصادي يعتمد عليه، حتى أصبحت سياسة الدولة رسمياً تقوم على البحث عن خيارات أخرى تقلل من الاعتماد عليه. في نظر مخططي السياسة الجديدة أن الاستمرار في المنطق القديم، النفط مورد وحيد، قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الوطني كله في حال تدهور وصار يحقق دخولاً متواضعة نتيجة التبدلات الخطيرة في سوق بدائل النفط. لا أحد يجزم بعد، لكن الاعتماد على النفط ليس حلاً.
والذين يعتبرون النفط لعنة على المنطقة لما سببه من الاقتتال على مناطق استخراجه وتصديره، ولأنه جلب القوى الكبرى من أنحاء العالم تتنافس على تأمينه لأسواقها، فإنه كان يمكن أن يكون نعمة لمن أحسن استخدامه. هذه المنطقة محظوظة، وليست فقط السعودية ودول الخليج؛ لأن نحو نصف عدد دولها تنعم تحت ترابها بالنفط، وتحصل منه على مداخيل سهلة لكن المشكلة كانت، ولا تزال، إلى اليوم بكل أسف تعاني من كيفية إدارة ثرواته. لا توجد لعنة نفط، بل لعنة من أهل النفط، الذين بدّدوا أعظم فرصة في تاريخ بلدانهم. وعندما نرى ما فعله صدام حسين في مداخيل بترول العراق، ومعمر القذافي في بترول ليبيا، ونرى ما تفعله حكومة قطر في مداخيل بترولها، نتحسّر ونأسف على ما فعله الجهلة منا بثروات بلدانهم.
هذه ثروات ناضبة تأتي للمحظوظين فقط فرصة في عمر الأمم، فإن أحسنوا استخدامها بالتعليم والتنمية غيّرت مستقبل أبنائهم وبلدانهم لأجيال بعيدة، وإن أساءوا استخدامها دمرتهم وأفقرتهم أكثر من فقرهم ما قبل اكتشاف النفط.
[email protected]

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعنة أم نعمة النفط لعنة أم نعمة النفط



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 07:11 2015 الخميس ,30 إبريل / نيسان

رجل أعمال يغتصب ابن صديقه في الدار البيضاء

GMT 02:00 2015 الإثنين ,26 كانون الثاني / يناير

هاجر قشوش توضح سر أناقة المرأة بالعباءة الخليجية

GMT 18:35 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب وسط ريال مدريد إيسكو يزُفُّ نبأً سارًا لجماهير النادي

GMT 03:47 2016 الأحد ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا بريوس" تفوز بلقب أفضل سيارة صديقة للبيئة

GMT 04:54 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

ماذا بعد إقالة العماري؟

GMT 02:28 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أحدث صيحات الحقائب الرائجة خلال شتاء 2018

GMT 00:46 2015 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور سعيد حساسين ينصح باعتماد مستحضرات التجميل الطبيعية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya