البعض لم يتعلم من حرب أكتوبر

البعض لم يتعلم من حرب أكتوبر

المغرب اليوم -

البعض لم يتعلم من حرب أكتوبر

بقلم - عبد الرحمن الراشد

خسرت الدولة اليهودية نحو ثلاثة آلاف جندي قتيل، وأكثر من ثمانية آلاف مصاب، وألف دبابة وآلية مدمرة ومعطوبة، ومائة طائرة حربية. خسرت أكبر الأراضي التي استولت عليها قبل ست سنوات في حرب سهلة وخاطفة. هذه قصة مختصرة لحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 كبيرة بالنسبة لدولة متفوقة.
الحروب هي نشاطات سياسية وليس الهدف منها فقط هزيمة العدو. ومكاسب تلك الحرب أنها بدلت المفاهيم على ضفتي قناة السويس. فإسرائيل دولة قوية، متطورة، ذات مشروع عسكري وتوسعي خطير، كانت تعيش شعوراً بالتفوق الدائم والمضمون، منذ أن كسبت الحرب في عام 1967، إنما معظم عناصر هذه المعادلة غيرتها حرب أكتوبر. منذ ذلك اليوم وإلى اليوم، صار مشروع إسرائيل حماية ما تبقى من مكاسبها في حرب الأيام الستة. إسرائيل تعلمت الدرس، وكذلك مصر، لكن هناك من العرب ما لم يستفد منها إلى اليوم. وهم الذين ترونهم في قطر وإيران وبقايا الأنظمة البائدة في سوريا والعراق.
ربما ما كان لسيناء وقناة السويس أن تعودا لولا حرب 1973، وربما ما كان لشهية إسرائيل أن تتوقف عن المغامرات التوسعية لولا تلك الهزيمة. حرب أكتوبر علامة فارقة أحدثت فارقاً كبيراً في العلاقات بين الجانبين بتعديل منظور ميزان القوى، بعدها عرف الجانبان أنه لا توجد انتصارات مضمونة. أسقطت كثيراً من المسلّمات في داخل الدولة اليهودية، لكنها في الوقت نفسه فشلت في إيقاظ كثير من الأنظمة العربية المعادية لمصر، التي فهمت الحرب ونتائجها بشكل خاطئ.
ويظل أنور السادات من الشخصيات التاريخية العظيمة، سياسياً وعسكرياً، وما هذه الحرب إلا فصل واحد من أعماله. ومصر دخلت الحرب في ظروف سياسية وعسكرية صعبة، بعد ست سنوات فقط من هزيمة حرب يونيو (حزيران) التي قضت على معظم ترسانتها وحماسها. ولا بد أن مستشاريه حاولوا أن يثنوه عن تلك المغامرة الخطيرة ضد دولة تملك ترسانة هائلة من السلاح المتطور. ومن الخطأ المقارنة بحجم أو عدد سكان الدولتين، الأمر الذي اعتاد المعلقون على تكرار قوله. فرغم أن عدد سكان إسرائيل أصغر من سكان مدينة القاهرة وحدها فإن جيشها أكبر عدداً. فمعظم الإسرائيليين جنود مدربون ومؤهلون للحرب، إذا احتسبنا الاحتياطي والبقية، يطلبون للقتال كل الذين أعمارهم بين 17 و49 عاماً، أي أكثر من مليون ونصف المليون اليوم. ما يجعلهم أكبر عدداً من الجيش المصري الذي كان نحو نصف مليون آنذاك. ورغم ذلك خسروها. جاءت الحرب انتصاراً على العقيدة، وغرور التفوق، والإحساس لأول مرة بفقدان الأمان، والاقتناع بالتواضع والتراجع بعد أن كانت الرغبة دائماً في التوسع.
بعد حرب 1973، لم تخُض إسرائيل حرباً توسعية، كانت نهاية حلم «إسرائيل الكبرى». وحروب إسرائيل التالية، كلها كانت دفاعية ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ثم ضد حزب الله الإيراني.
في حرب أكتوبر مصر انتصرت على إسرائيل، لكن إسرائيل كانت المنتصر على الجبهة السورية، حيث استولت على مزيد من الأراضي التي أعادتها بالتفاوض في اتفاقها الذي وقعه حافظ الأسد، الرئيس السوري الراحل. لم يكن اتفاق فصل قوات وإعادة ترتيب الحدود كما كان يوصف، بل إنهاء للحرب المباشرة بين دمشق وتل أبيب. ومع هذا، شن البعثيون حرباً دعائية كاذبة ضد مصر لأنها وقعت اتفاق كامب ديفيد.
السادات كان سياسياً واقعياً مختلفاً عنهم، طور الانتصار إلى مشروع أكبر، ولولا تهديدات أنظمة صدام في العراق والأسد في سوريا، كان للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حينها أن يدخل في مفاوضات كامب ديفيد. وكان لتلك الحرب أن تنتج اتفاق سلام نهائياً لولا تآمر أنظمة سوريا والعراق وليبيا ضد مصر، ولولا غدر الجماعات الإسلامية التي اغتالت السادات، الرجل الذي أطلقهم من القفص الذي سجنهم فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
مصر انتصرت في حرب أكتوبر، إلا أنه وبكل أسف، خسرها العرب كفرصة، والاستفادة من انتصارهم اليتيم ضد إسرائيل. ولا يزال هناك بينهم إلى اليوم من يحاولون تشويه تاريخ الحرب وما تلاه من أحداث، للتغطية على هزائمهم ومواقفهم السياسية التي ثبت فشلها لاحقاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعض لم يتعلم من حرب أكتوبر البعض لم يتعلم من حرب أكتوبر



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya