إردوغان في مواجهة ترمب

إردوغان في مواجهة ترمب

المغرب اليوم -

إردوغان في مواجهة ترمب

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

لم تقف دولة ضد الولايات المتحدة إلا وخسرت، وإن طال الزمن. هذه حقيقة في معظم الحالات، وأقوى أسلحة الأميركيين ليست عسكرية بل اقتصادية. وتركيا ليست أقوى من ألمانيا ولا الصين، البلدين اللذين فضلا عدم مواجهة إدارة ترمب، واختارا التفاوض وتقديم تنازلات، والابتعاد عن التصعيد والحرب الكلامية. ما هي المشكلة؟ واشنطن تتوقع جملة مطالب من تركيا، أهمها وقف المتاجرة مع إيران، وأقلها شأناً إطلاق سراح قِس أميركي تتهمه تركيا بالتجسس.

في حصار إيران، هناك ثلاث دول رئيسية مجتمعة أو منفردة يمكن أن تلعب دور الموازن للنظام في طهران، باكستان وتركيا والسعودية. الثلاث ترتبط بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، إلا أن تركيا هي الممر الرئيسي للتجارة الإيرانية. وتركيا دولة مهمة في المنظومة الغربية، الدولة الإسلامية الوحيدة في حلف الناتو ومهمة في أي مواجهة مقبلة مع روسيا مع تصاعد الخلاف الروسي الأميركي وربما عودة الحرب الباردة. ترمب يريد من تركيا إما أن تلعب دورها الطبيعي كحليف أو لا. لن تقبل واشنطن من تركيا أن تشتري أسلحة دفاعية استراتيجية من روسيا، والانفتاح تجارياً على إيران وفي نفس الوقت تجلس معها في حلف الناتو وتعتبر نفسها دولة حليفة.

إنما للتأزم في العلاقات بين واشنطن وأنقرة حدود ضمن العلاقة الاستراتيجية بين العاصمتين. رغم الضجيج الذي صاحبها فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض «عقوبات» محدودة على تركيا، رمزية بهدف الضغط على الرئيس إردوغان. جمّد حسابات بنكية لوزيرين تركيين، وفرض رسوماً على سلعتين تركيتين فقط. طبعاً آثار هاتين الخطوتين هائلة على تركيا، خسفت بالليرة ودبَّ الذعر في سوقها، والسبب بالدرجة الأولى سياسي، حيث غلب التشاؤم على العلاقة ومستقبلها.

في واجهة الأزمة شيخ تركي وقس أميركي. إردوغان يتهم حكومة ترمب بأنها تعطي اللجوء لزعيم المعارضة، غولن، وهي معارضة قضي عليها في عمليات التصفية التي أعقبت محاولة الانقلاب. وترمب يربط رفع العقوبات بإطلاق سراح القس الأميركي المعتقل في تركيا. في نظري، لا غولن ولا القس المشكلة وإن كانا العذر المطروح في الإعلام. فالخلاف يتصاعد منذ فترة ويشمل قضايا مختلفة، من بينها الخلاف داخل سوريا، والعلاقة مع روسيا، وضد علاقة أنقرة القوية تجارياً مع إيران. وهذا السبب تحديداً قد يكون أخطر أسباب التأزيم مع ترمب الأكثر إصراراً على خنق إيران تجارياً، الأمر الذي لا يرضي تركيا الشريك التجاري الرئيسي للإيرانيين.

ترمب ليس متعجلاً ولا متهوراً رغم الأضرار الضخمة التي تسبب بها قراره مضاعفة الرسوم على صادرات تركيا من الحديد والألمونيوم. الحقيقة أن ترمب أظهر تقديراً خاصاً لإردوغان ضد رغبة السياسيين الأميركيين الآخرين. فقد تدخل وضغط على حكومة إسرائيل فأطلقت سراح سيدة تركية اتهمت بأنها كانت تمول حركة حماس، وأفرج عن حراس إردوغان الذين اتهموا بضرب المتظاهرين في واشنطن. وترمب كان من أول الرؤساء في العالم الذين هاتفوا إردوغان وهنؤوه بفوزه بالرئاسة. وهناك علاقة جيدة بين البلدين تبعد فرضية المؤامرة التي تحدث عنها إردوغان.

تركيا ليست دولة ثورية مثل إيران، وقيمة تركيا من اقتصادها وليس من حرسها الثوري ونشاطاتها الإرهابية مثل إيران. وقيمة تركيا أيضاً بسبب وجودها ضمن منظومة الغرب السياسية والعسكرية.

هل تجرؤ الحكومة التركية على المواجهة مع الولايات المتحدة؟ أمر مستبعد. فتركيا دولة تفاخر بأنها ناجحة اقتصاديا، واقتصادها يقوم على التجارة مع الغرب وليس مع إيران أو العرب. وتركيا لا تستطيع أن تتحدى العقوبات الاقتصادية على إيران، فقد فعلت ذلك في فترة رئاسة باراك أوباما، لكن إدارة ترمب أرسلت الكثير من التحذيرات إلى كل الدول المتعاملة مع إيران بأنها ستعاقبها. أيضاً، لا يستحق موضوع هامشي، مثل اعتقال القس، وسبق أن أطلق سراحه ووضع في منزل تحت الإقامة الجبرية في أزمير التركية، أن يكون سبباً في تخريب الاقتصاد التركي. ترمب يستخدم القس ورقة في لعبة الضغط، لأنه يعلم إن أطلقت تركيا سراحه فسيكون له الفضل وإن لم تطلق سراحه فسيستخدمه ورقة انتخابية لصالحه بأنه وقف إلى جانبه، ويعاقب تركيا على اعتقالها له. أما تركيا فإنها الخاسر على الجانبين، إذا تركت المشكلة مفتوحة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان في مواجهة ترمب إردوغان في مواجهة ترمب



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya