معركة السويس الثانية

معركة "السويس الثانية"!

المغرب اليوم -

معركة السويس الثانية

عبد الرحمن الراشد

الإخوان المسلمون يعتبرون أنفسهم في حالة حرب مع النظام المصري، وقد شنوا هذا الأسبوع حملة كبيرة صاحبت حفل افتتاح «قناة السويس الثانية». بصماتهم تلطخ معظم المقالات والأخبار والتعليقات على «تويتر» و«فيسبوك» المعادية، والساخرة التي تقلل من قيمة القناة الجديدة.
نعرف أن المعارضة في أزمة ومعركة مع حكومة عبد الفتاح السيسي، لكن لم ندرك عمقها، إلى درجة أنها لم تحتمل أن تكون هناك قناة سويس جديدة من دونهم! لهذا شنت حملة تشويه شعواء في الإعلام العربي والأجنبي، بأنها ليست «قناة» بل «تفريعة»، وأنها فاشلة، ولا تستحق الاستثمارات التي دفعت من أجلها، وليست من إنجازات حكومة السيسي بل من بنات أفكار رئيسهم المخلوع محمد مرسي.
في الأخير، القناة حفرت، والأهالي هناك احتفلت، والسفن تعبرها ذهابًا وإيابًا في خط مائي مزدوج لأول مرة في تاريخ القناة، والمشروع أنجز في زمن قياسي، في أقل من عام، من التخطيط إلى التنفيذ.
عرفنا الإخوان، كحزب وجماعة، أكثر المعارضات خبرة وقدرة على إدارة المعارك الكلامية، بالترويج لأفكارهم، وتشويه خصومهم، إنما هذه المرة يبدو أنهم اختاروا معركة محكوم عليها بالفشل. العادة يختارون موضوعات شعبية؛ تمويل الدقيق والخبز، أو مشكلات المواصلات العامة، أو انقطاعات الكهرباء، أو نقص الوظائف، السلبيات التي تحدث ويمكن أن تحقق لهم شعبية كمعارضة. لكن قناة السويس الجديدة ليست محل شكوى، بل مشروع جديد يمثل تحديًا مختلفًا، ويعتبره عامة المصريين مشروعهم، مشروعًا وطنيًا، وليس خاصًا بالرئيس أو حكومته، وليس محل خصومة سياسية! المواطن غير المسيس ينظر إلى القناة الجديدة على أنها أكثر من ممر مائي تعبر منه السفن، فهي تمنحه الفخر والتفاؤل، وتعطيه الأمل بالمستقبل. وبسبب التحامل والسخرية صارت خصومة الإخوان مع ملايين المصريين وليست مع الحكومة.
المفارقة، أن القناة كانت في عهد مرسي تعبر عن حال تلك الفترة، من غموض وفوضى وخوف. حينها تعرضت بعض السفن العابرة إلى إطلاق نار، واضطر كثير منها إلى الدوران جنوب القارة الأفريقية، حول رأس الرجاء الصالح، ورفعت شركات التأمين أسعارها.
والقناة في الوقت الراهن أيضًا تعبر عن الحالة السياسية في مصر. الناس ملت من الفوضى والنزاعات السياسية، وهي تريد أن ترى من الحكومة نتائج على الأرض لا مجرد وعود. فصارت القناة الجديدة رمزًا سياسيًا، عدا أنها تضاعف ماليًا مداخيل البلاد منها. رغم المعارضة والإرهاب والظروف الداخلية والإقليمية الصعبة تستطيع الحكومة المصرية أن تقول إنها ليست قوية وتضع قيادات الإخوان في السجن وتتحدى العمليات الإرهابية في سيناء، بل قادرة على ضمان الملاحة في قناة السويس، وفوق هذا حفرت قناة جديدة بدعم من أشقائها الذين اختاروا استثمار علاقتهم في دعم المشروع.
كل زعيم يريد أن يترك بصمته على فترة حكمه، والرئيس السيسي اختار مشروعًا ذكيًا. قناة السويس ليست نصبًا تذكاريًا ولا احتفالاً دعائيًا ولا مشروعًا سياسيًا هدفه رفع الروح المعنوية ودعم صورة الحكومة. قناة السويس الجديدة مشروع حقيقي وضروري للملاحة الدولية وذو فائدة اقتصاديًا، ومهم لتعزيز دور مصر الإقليمي والدولي.
مصر في حاجة إلى الانتقال إلى عالم جديد، فآخر مشروع مصري في السنوات العشر الماضية كان «توشكى» للفلاحة، الذي جف قبل أن ينتهي حفره، وعددًا من المدن السياحية. والمخططون للقناة ليس هدفهم زيادة عدد السفن العابرة وحسب، بل تحويل منطقتها إلى ورشة صناعية ضخمة للسفن وتقديم خدمات ملاحية كبيرة للبحرين المتوسط والأحمر.
لطالما كانت السويس مصدر معارك، لكنها كانت دائمًا مصر ضد العدو، ومحاولة جعل القناة معركة مصرية خاسرة وستفقد الإخوان أي قيمة إن كانت بقيت لهم قيمة، لأنها مشروع وطني.
بالنسبة للعالم، القناة أيضًا ممر مائي استراتيجي زادت أهميته دوليًا، فالممرات والمعابر ضمن الأدوات السياسية الخطيرة. وبالطبع، مسألة عبور حيوية لناقلات النفط وسفن البضائع وبوارج الحرب، توفر عشرة أيام من الإبحار من وراء جنوب أفريقيا. وهي كذلك دليل على تماسك الدولة المصرية الجديدة وصلابتها، بعد عام من تولي السيسي الرئاسة وإطلاقه وعد شق قناة السويس الثانية.
معركة قناة السويس الثانية انتهت بنهاية الاحتفالات وعبور السفن أمام ناظري أهل مدينة السويس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة السويس الثانية معركة السويس الثانية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya