نقطة نظام

نقطة نظام!

المغرب اليوم -

نقطة نظام

بقلم : عبد العالي حامي الدين

من الدروس الأولى في السياسة عدم التسرع في إصدار الأحكام حول خلفيات وأسرار بعض التسريبات وأبعادها السياسية، ذلك أن هناك خيوطا دقيقة بين مشاريع الإصلاح الحقيقية المبنية على التراكم، وبين إرادة الابتزاز الخفية التي تتقنها جهات تحكمية نافذة..
مع ذلك، وبعيدا عن نقاش اللحظة الراهنة، نحن في حاجة إلى ترسيخ ثقافة سياسية جديدة داخل المجتمع، وداخل جزء من نخبه السياسية تتجاوز ربط مواقع السلطة بخدمة أغراض الجاه المفيد للمال ومراكمة الثروة.
هذا مسار ينبغي أن يخضع بدوره للتراكم والتدرج، وليس من السهل التخلص منه بمنطق “القطائع”..
من أهم إنجازات هذه المرحلة هو تحرير الممارسة السياسية من معاني الارتزاق واستغلال النفوذ، واسترجاع المعنى النبيل للسياسة المرتبط بخدمة الناس والعمل على إصلاح معاشهم اليومي، و”اكتشاف” المواطن لطينة من السياسيين مستعدين لخدمة بلدهم دون السقوط في مستنقع الجشع والفساد ونهب المال العام.
نعم، إن تجربة الحكومة الحالية في عمومها تكشف أن بلادنا اليوم، ربحت طينة جديدة من المسؤولين مختلفين عن نماذج من السياسيين أفسدوا مفهوم السياسة وحطموا ثقة المواطن في المؤسسات..
إن هذا التصور لا يستبطن أي تصور مثالي للسياسة ولا يتجاوز منطق السلطة والإكراهات المحيطة بممارستها وطبيعة الألغام الموجودة في طريقها، لكن بداية الغيث هي التحرر من الثقافة السياسية السائدة ووضع البلاد فوق سكة ثقافة سياسية جديدة، عنوانها الكبير أنه يمكن ممارسة السياسة بالموازاة مع أخلاق الصدق والاستقامة، وقول الحقيقة كاملة والتعفف عن المال العام.
ومن مقتضيات الثقافة السياسية التي نحتاجها أن السياسي لا ينبغي أن يقول الحقيقة للسلطة فقط، ولكن للمجتمع أيضا، فلا يمكن محاربة الفساد بدون انخراط المواطن وتعاونه الكامل وتخلصه من القابلية للرشوة والفساد.
إن أي تردد في قول الحقيقة للمجتمع في الوقت المناسب يمثل إعاقة مزمنة للديمقراطية التي لا يمكن أن تقوم إلا على أساس تغيير ثقافة المواطن، وتحريره من مسلسل الإحباطات والهزائم النفسية التي وقع ضحية لها بفعل خيبات الأمل المتكررة في النخب السياسية التي تحملت مسؤولية تدبير الشأن العام ولم تحقق ما كان منتظرا منها، ولم تصارح الرأي العام بأسباب فشلها ولم تصدح بالعوائق الحقيقية التي اعترضت طريقها، مخلفة وراءها العديد من الأسئلة والاستفهامات ذات الطبيعة الفكرية والسياسية والأخلاقية..والأخطر من ذلك أنها أنتجت عقلية سلبية لدى المواطن مستسلمة أمام الواقع الفاسد ولا تؤمن بإمكانية تغييره.
إن المتابعة الشعبية الواسعة لأداء المؤسسات تعكس حجم الأمل وحجم الانتظارات المعلقة عليها، ولذلك فإن نخبتنا السياسية اليوم مطالبة بترسيخ تقاليد جديدة في علاقتها بالمواطن تحصن منسوب الثقة الموجودة فيها اليوم، وترتقي به إلى وعي سياسي حقيقي يفهم بأنه لا إصلاح حقيقي إلا من داخل مؤسسات قوية تتمتع بالمصداقية اللازمة، ماعدا ذلك كله سراب في سراب..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقطة نظام نقطة نظام



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya