صمود أنصار مرسي وسط الإعصار

صمود أنصار مرسي وسط الإعصار

المغرب اليوم -

صمود أنصار مرسي وسط الإعصار

عبد العالي حامي الدين

هذا العنوان مقتبس من كتاب أستاذنا الراحل "عبد الله إبراهيم" رحمه الله الذي شغل منصب رئيس أول حكومة وطنية بعد الاستقلال، وتسببت خياراته السياسية والاقتصادية الوطنية في إقالته من منصبه بعد حوالي سنة ونصف من قيادته للحكومة، ومنذ ذلك التاريخ وهو يقاطع العملية الانتخابية والسياسية إلى أن وافته المنية قبل بضع سنوات.. تذكرت هذا العنوان وأنا أتابع الصمود الأسطوري الذي يسجله أنصار الرئيس محمد مرسي، وإن كان مضمون الكتاب يدور حول تاريخ المغرب.. أكثر من ثلاثة أسابيع وملايين الشعب المصري صامدة في الميدان للتعبير عن رفضها للانقلاب العسكري وتشبثها بالشرعية الدستورية والديموقراطية وبعودة الرئيس مرسي إلى منصبه.. اليوم تواجه هذه الوقفة البطولية بمؤامرة جديدة تتم،هذه المرة، تحت عنوان مكافحة الإرهاب… علينا أن نتذكر بأنه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ذهب آلاف الشباب ضحية الإستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، وهي الإستراتيجية التي انخرطت فيها بلدان عربية عديدة ‘اجتهدت’ كثيرا للحصول على شهادة حسن السيرة من الإدارة الأمريكية في مجال مكافحة الإٍرهاب.. وكما فشلت هذه الخطة في تغطية الوجه الاستبدادي للعديد من الأنظمة التي أسقطتها ثورات الربيع العربي، فستفشل هذه الخطة في التغطية على الثورة المضادة وعلى منهجية الانقلاب على الديموقراطية كما جرى تدشينها في مصر.. أتذكر أنه في المغرب وبعد أحداث 16 مايو الإرهابية التي وقعت بمدينة الدار البيضاء سنة 2003، وهي أحداث صادمة للشعور الوطني المغربي المسالم، حاول البعض استغلالها ضد حزب العدالة والتنمية، وشهدت البلاد تراجعات سياسية وحقوقية وصلت إلى درجة التدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب السياسية، رافق كل ذلك العمل من أجل تجفيف ينابيع التيار السلفي في المغرب بكل أشكاله، عن طريق فتح السجون أمام مئات المنتسبين لهذا التيار بعد متابعات قضائية غابت فيها شروط المحاكمة العادلة وارتكبت فيها عدة تجاوزات حقوقية داخل معتقلات لا تخضع للرقابة القضائية ووصل التنكيل بهذا التيار إلى إغلاق العديد من دور القرآن التي تنشط فيها السلفية التقليدية وتشتغل تحت أعين السلطة بقرارات إدارية اتسمت بالشطط في استعمال السلطة..، كما شنت حملات الضغط والتضييق على الصحافة الحرة وتم توظيف القضاء في هذا المسار، مع تعليق تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إلى أجل غير مسمى، كما ظهر بوضوح بأن هناك غيابا لإرادة حقيقية لإصلاح القضاء.. وفي هذا السياق التراجعي تمت ‘صناعة’ حزب إداري جديد أصبح هو الحزب الأول في البرلمان في الولاية السابقة دون أن يكون قد شارك في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، كما أصبح هو الحزب الأول في الجماعات المحلية بعد الانتخابات المحلية لـ2009 ولا حاجة للتذكير بأن ذلك لم يكن ممكنا لولا دعم السلطات المحلية له، هذا الحزب استلهم النموذج التونسي في عمله السياسي وحاول أن يمثل نموذج حزب الدولة الذي تبطش به ضد "أعدائه". لكن في سياق هذه التراجعات التي كان يعرفها المغرب، اندلعت احتجاجات شعبية في مدينة سيدي بوزيد بتونس أخذت صبغة اجتماعية في البداية ثم سرعان ما كشفت عن وجهها السياسي وخرج الشعب التونسي في ثورة شعبية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة العربية… في ظل هذا المتغير الأساسي الذي حصل فيتونس، وفي ظل الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في عدد من الدول العربية الأخرى، صدر نداء للتظاهر في المغرب يوم 20 فبراير للمطالبة بالإصلاحات، وبالفعل، ورغم التشويش الكبير الذي طال نداء التظاهر يوم 20 فبراير من طرف عدد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، فقد نزل عشرات الآلاف من المواطنين في العديد من المدن المغربية ليعبروا بطريقة سلمية عن مطالب سياسية تتعلق بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية. لقد رفعت في تظاهرات 20 فبراير شعارات سياسية واضحة ترفض التحكم السياسي والجمع بين السلطة والثروة وتطالب بدستور جديد وبالملكية البرلمانية، كما رفعت شعارات أخرى تطالب بإصلاح المشهد الإعلامي وبإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي السلفية الذين اعتقلوا على خلفية أحداث 16 مايو الإرهابية، وشعارات ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية تتعلق بالمطالبة بالتشغيل والصحة والكرامة وتنتقد السياسات المتبعة في هذا المجال… الذين رفعوا هذه الشعارات كانوا يعكسون طموحات الشعب المغربي بكافة ألوانه السياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية، فقد حضر في الاحتجاجات إسلاميون وعلمانيون ويساريون وأمازيغيون وليبراليون ورجال أعمال ومثقفون وفنانون…حضر الشباب والأطفال والنساء، وانصهر الجميع في شعارات مسؤولة تعكس وعي الجميع بحجم اللحظة التاريخية التي تمر بها بلادنا... وبالفعل نجح المغاربة في إيقاف هذا المسار التحكمي.. لكن سرعان ما سيعبر عن نفسه من جديد بصيغ وأشكال مختلفة، ولذلك فإن مسيرتنا ضد الاستبداد مازالت طويلة.. لم تكن مطالب الشارع مطالب جديدة فقد كانت هي نفسها مطالب الأحزاب الوطنية الديموقراطية التي طالما ناضلت من أجلها داخل المؤسسات ومن خارجها، لكن ميزة هذه المطالب أنها رفعت في سياق جديد، وغير مسبوق في تاريخ البلاد العربية..إنه سياق موجة المطالبة بالديموقراطية الحقيقية التي انطلقت شرارتها من تونس لكي تهز الضمير العربي، وهي نفس الشرارة التي أسقطت نظام حسني مبارك وأسقطت نظام القذافي في ليبيا كما أحدثت تغييرات مؤكدة في اليمن، وهي نفس الدينامية التي مازالت جارية في كل من سوريا والبحرين.. مطالب الشارع العربي تمحورت حول شعار’ إسقاط الفساد والاستبداد : إن تضخم مظاهر الفساد في الحياة العامة، وخاصة منه الفساد الذي يتحصن بالمؤسسة الملكية التي يكن لها المغاربة كل الاحترام والتقدير، أو يتحصن بالمؤسسة العسكرية في مصر، أو يتحصن بعائلة الرئيس كما في تونس، هو الذي يجعل الشعوب العربية تطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة، ويدفع المصريين للتشبت بعودة الشرعية ودولة القانون والمؤسسات. النظام الديموقراطي هو النظام السياسي الذي يسمح بمساءلة ومحاسبة كل من يملك السلطة أو يتحمل مسؤولية عمومية، كما يسمح بتدبير عادل لثروات البلاد بواسطة مؤسساته المنتخبة، وهو الذي يسمح بانتخابات لها معنى سياسي وذات رهانات تنافسية واضحة.. أما السلطة التي تمارس بعيدا عن الرقابة المؤسساتية والشعبية فلا يمكن أن تكون إلا شكلا من أشكال الاستبداد والسلطوية... الرسالة أصبحت واضحة والجميع مطالب بتحمل مسؤوليته التاريخية في هذه المرحلة.. أما نحن فلا نملك إلا أن نشد على يد أشقائنا المرابطين في الميادين والصامدين وسط الإعصار دفاعا عن الحرية.. نقلاً عن "القدس العربي"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صمود أنصار مرسي وسط الإعصار صمود أنصار مرسي وسط الإعصار



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya