خطاب 9 مارس الذكرى والدلالات

خطاب 9 مارس: الذكرى والدلالات

المغرب اليوم -

خطاب 9 مارس الذكرى والدلالات

بقلم : عبد العالي حامي الدين

لا يمكن أن نمر على خطاب 9 مارس في ذكراه السادسة مرور الكرام، خصوصا في الظرفية السياسية الحالية، وحاجة بعض النخب السياسية إلى تذكيرها بالمرجعيات الأساسية لهذه المرحلة.

كاتب هذه السطور يعتقد جازما أن خطاب 9 مارس لم يكن جوابا مؤقتا عن «أزمة عابرة»، وإنما كان جوابا تاريخيا لتدشين مرحلة سياسية جديدة في تاريخ المغرب.

لقد حظي هذا الخطاب بمتابعة واهتمام  كبيرين داخل الوطن وخارجه، وثمنت ما جاء به معظم الأحزاب والهيئات النقابية والجمعوية، كما أشادت به العديد من القوى السياسية الغربية.

خطاب 9 مارس اعتبره الجميع آنذاك، خطابا تاريخيا بجميع المقاييس، لأنه قدم جوابا سياسيا عن أكبر حركة احتجاجية شهدها المغرب للمطالبة بالديمقراطية في سياق إقليمي مضطرب..

كان جوابا سياسيا ذكيا وسريعا ومختلفا عن الأجوبة الأمنية التي قدمتها أنظمة أخرى، كما كان خطابا نوعيا من حيث مضامينه المتمثلة في الإعلان عن فتح ورش الإصلاح الدستوري، الذي كان مطلبا حاضرا في خطاب الطبقة السياسية، ولكن بمستويات مختلفة وقناعات متباينة..

لقد أسّس خطاب 9 مارس لنموذج دستوري متقدم، ينزع نحو تقوية الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي، من خلال ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، وتوطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال: برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب، تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي، الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها، تقوية مكانة الوزير الأول، كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي، تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية، في نطاق تعددية حقيقية، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني، تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة..

الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه من السياق السياسي للخطاب، هو قدرة الجالس على العرش على جسّ نبض الشارع والتفاعل معه بطريقة استباقية، على عكس العديد من النخب السياسية التي تأخرت كثيرا في فهم هذه الديناميكية، وهي خاصية تميز المؤسسة الملكية في العديد من المحطات..

الدرس الثاني، هو أن الفعل الاحتجاجي، المُؤطّر بقواعد سلمية واحترام المؤسسات، كان له دور كبير في تجنيب المغرب مخاطر مسار تحكمي كان يحاول استنساخ التجربة الـ”بنعلية” بالمغرب، وهو يتحين الفرصة  لإغلاق القوس الديمقراطي في أي لحظة..

الدرس الثالث، هو أن المغرب تبنى الخيار الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه، وهو ما يستلزم وجود نخب جديدة متحررة من ثقافة سياسية قديمة موروثة عن مرحلة ما قبل 2011..

الفهم العميق لخطاب 9 مارس يتضح أكثر مع خطاب 17 يونيو 2011. الأول، وضع الأسس والمرتكزات. والثاني، اهتم بالمضامين الدستورية ورصد مظاهر التحول، وهي المضامين التي ينبغي أن تُؤطر مختلف مؤسسات الدولة في التعاطي مع دستور فاتح يوليوز.

أعتقد أن معاني خطاب 9 مارس و17 يونيو ينبغي أن تظل حاضرة في مختلف المراحل السياسية لمغرب ما بعد 20 فبراير، خاصة وأن تطورات الممارسة تستلزم العودة إلى إرادة المشرع الدستوري، والتي تتضح أكثر بالرجوع إلى الخطابين المذكورين..

للأسف هناك من يريد طمس روح الخطابين السابقين، ويحاول أن يؤسس لممارسة سياسية لا تستحضر السياق السياسي للدستور الجديد وما أفرزه من تحولات، وهناك محاولات حثيثة تعتقد بأن هدوء الشارع يعني إمكانية العودة إلى الأساليب القديمة، وهي قراءة خاطئة لا تنتبه إلى أن الظواهر الاحتجاجية كظواهر اجتماعية مرتبطة بقوانين اجتماعية وسياسية، قد تساهم في تغذيتها بعض الحسابات السياسية الصغيرة…

المصدر :اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب 9 مارس الذكرى والدلالات خطاب 9 مارس الذكرى والدلالات



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya