كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة

كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة

المغرب اليوم -

كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة

بقلم : عبد العالي حامي الدين

وفقاً لأرقام التعداد السكاني الأخير، فإن ما يقرب من 700 ألف فلسطيني، يقيمون في الأردن، معظمهم إقامة دائمة أو شبه دائمة، جزء كبير من هؤلاء من أبناء وبنات قطاع غزة، والبقية ممن شملتهم تعليمات فك الارتباط من أبناء القدس والضفة الغربية.

غالبية هؤلاء، لا يعرفون “وطناً” آخر لهم غير الأردن، رغم أنهم ليسوا مواطنين، أجيال منهم تعاقبت ولم يتسن لها زيارة أي بلد أجنبي، كثرة منهم لم تتمكن من زيارة العقبة خشية المساءلة أو لنقص في الوثائق، كما أخبرني بعضهم، وربما لإحساس عميق بالحاجة لعدم الاحتكاك بدوائر الدولة أو الأجهزة الأمنية … يواجهون عنتاً شديداً في السفر والحصول على التأشيرات المناسبة، لأن جوازاتهم المؤقتة، غير المحمّلة بالرقم الوطني، تضعهم مباشرة في دائرة “الاستثناء”.

عن التعليم والتملك والطبابة، حدث ولا حرج، فلكل عائلة قصة ترويها … أما عن الحق في العمل، فتكاد تكون أبوابه مغلقة في وجوههم، مع إغلاق العشرات من المهن، في وجه من لا يحملون الرقم الوطني … والمؤسف أن أبناء القطاع وحملة الجوازات بلا أرقام” من الفلسطينيين، يلقون ذات المعاملة التي تتلقاها آخر موجة من اللاجئين إلى الأردن، الوافدين إليه من دول الأزمات القريبة والبعيدة، وفي ذلك، ظلم بحق هؤلاء، لا تنفع معه كافة المبررات.

ذات يوم، قبل عدة سنوات، سُحبت الكتب المدرسية من طفلة غزيّة، صبيحة اليوم التالي “لتجليدها”، والسبب أنها ليست أردنية، ولنا أن نتخيل إحساس طفلة بالكاد أتمت السنوات الست من عمرها، وهي ترى نفسها “”عنزة جرباء” بين زميلاتها في الصف … اليوم، يقال إن تعليم أبناء وبنات القطاع، سيخضع لذات المعايير التي يخضع لها تعليم أبناء وبنات اللاجئين السوريين (آخر موجات اللجوء).

خلال الساعات الثماني والأربعين الفائتة، تلقى كاتب هذه السطور، اتصالات عديدة، بخصوص القرار الحكومي الأخير، بسد أبواب التعليم الخاص في وجوه المدرسين والمدرسات من أبناء وبنات القطاع … مئات وربما ألوف منهم، سيلقى بهم إلى الشارع، مع أن غالبيتهم، مستخدمون بعقود ورواتب جائرة، تقل عن الحد الأدنى بكثير، بل وتقل عن المعدل الوسطي لرواتب أكثر من خمسين ألف عاملة منزل آسيوية يعملن في البلاد.

هي كارثة إنسانية بلا ريب، ومن يستمع لأصوات القلقين والمذعورين ممن سيشملهم القرار، يدرك حجم الكارثة الإنسانية التي ستحلق بألوف الأسر، وعشرات ألوف الأبناء والبنات والأحفاد … والأدهى من ذلك وأمر، أن عشرات ومئات الأسر، تنتظر لحظة تخرج أبنائها وبناتها، لتشرع في تسديد الديون المتراكمة والمؤسسة على مشوار تعليمهم المكلف … “تعلموا بالدين، ولن يجدوا فرصة عمل لتسديد ديونهم”.

لا يقف القلق عند هذا الحد، هو مسلسل متعدد الحلقات … قبل أقل من عام، مررنا بمسلسل “تصريح العمل”، الذي شمل أبناء غزة، أسوة بالعمالة الوافدة … يومها اجتاحت أبناء هذا القطاع، موجة من القلق، لم تتوقف تداعياتها وارتداداتها حتى اليوم، ولم يقلل من شأنها حديث الحكومة عن إعفاء من الرسوم … المسلسل سيستمر على ما يبدو، وهذا ما يتخوف منه الكثيرون، وقد لا يقف عن حد إغلاق أبواب المدارس الخاصة في وجه أبناء القطاع وبناته.

لماذا هذا التوتير الدائم والمستمر … ولماذا كل هذا العبث بأعصاب هؤلاء المنكوبين باللجوء والتشرد… من حق هؤلاء علينا أن نحفظ حقوقهم المدنية والاقتصادية والاجتماعية، وأن نعاملهم بالكرامة الإنسانية التي استحقوها، وأن نرفع عن أعناقهم، سيوف الابتزاز بلقمة العيش والمقعد الدراسي وسرير العلاج.

إن لم نفعل ذلك، كرامة لهؤلاء الذي قضوا بين ظهرانينا كل أو جل أعمارهم، فلا أقل من نأخذ بخاطر نصف السكان، المتحدرين من “الجلدة” ذاتها …. وإن لم نفعل ذلك كرمى لأحد، فأقله من باب حفظ الأمن والاستقرار، فما الذي ننتظره من ألوف الشباب والشابات الملقى بهم إلى قارعة البطالة والفقر والجوع والتهميش والإحساس بالذل والمهانة وعدم الاستقرار؟ … ما الذي ننتظره من مخيمات بلغت فيها نسبة البطالة بين الرجال 40 بالمائة وبين النساء 80 بالمائة، وهي إلى زيادة مستمرة في ضوء القرارات المرتجلة.

العاملون من أبناء القطاع وبناته، لا يحولون قرشاً واحداً خارج “السوق الأردنية”، بل أنهم يتلقون العون والمساعدة من أقارب لهم من الغزيين العاملين في الخارج، ومن مصلحة “الدورة الاقتصادية” أن يبقى هؤلاء على “قيد العمل”، حتى لا يتحولوا إلى قنابل موقوتة في صفوفنا، ولكيلا يصبحوا هدفاً رخواً للتطرف والجريمة المنظمة أو غير المنظمة… فهل من يستمع أو يصغي لأصوات هؤلاء؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya