من حق المغاربة أن يغضبوا من خيانة السعودية

من حق المغاربة أن يغضبوا من خيانة السعودية

المغرب اليوم -

من حق المغاربة أن يغضبوا من خيانة السعودية

بقلم: عبد الباري عطوان

كان أمرًا صادِمًا ومُعيبًا تصويت سَبع دُوَل عربيّة لصالِح مَلف الولايات المتحدة الثُّلاثي لتَنظيم مُسابَقة نِهائيّات كأس العالم الكَرويّة عام 2026، أثناء اجتماعٍ للاتِّحاد الدَّوليّ لكُرة القَدم الذي عُقِد في موسكو يوم أمس.
إنّها طَعنةٌ غادِرةٌ مَسمومةٌ في الظَّهر، فعندما يكون الخيار بين المغرب، الدَّولة العربيّة المُسلِمة، وبين الولايات المتحدة الأمريكيّة، التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي للمُقدَّسات وجرائِمه في حَق الشَّعب الفِلسطيني، فإنّ الاصطفاف إلى جانب المغرب، والوقوف في خَندقِها، يجب أن يكون هو الخَيار الأمثَل والصَّحيح، ودون أيِّ نِقاش.

المغرب خَسِر بشَرَفٍ وكرامة أمام خَصمٍ شَرِس وغير أخلاقيّ، هَدَّد باستخدام سِلاح المُقاطَعة، ووقف المُساعدات الماليّة لكُل دولة لا تُصَوِّت لصالِحه، وكَسِبَ أصوات الأحرار في 67 دولة قالت “لا” بقُوّة لهذا الإرهاب الابتزازي الأمريكي، مِثلما كسب أيضًا مِئات الملايين من الشعوب العربيّة والإسلاميّة وفي العالم الثالث ومُعظَم الشُّرَفاء والأحرار في القارّات الخَمس.

من حَق الأشقاء المغارِبة أن يغضبوا لأنّ الخُذلان جاء من حكومات دول اعتقدوا أنّها شقيقة، فتحوا قلوبهم وبلدهم على مصراعيها أمام شعوبها، وساندوها وقضاياها في الأيّام الصعبة، وما زالوا، خاصَّةً تلك التي جاهرَت بخطيئتها، مثل المملكة العربيّة السعوديّة، وروَّجت للملف الثُّلاثي الأمريكي الكَندي المكسيكي، وحَشَدَت الأصوات لصالِحه.

***

يَصعُب علينا أن نفهم مَواقِف حكومات خانت المغرب، وتخَندَقت في خندق دونالد ترامب، مِثل العِراق الذي عانى شعبه من غزو، ومن ثم احتلال أمريكي، سبقه حصار ظالم أدَّى إلى استشهاد أكثر من مِليون إنسان، مُعظَمهم من الأطفال جُوعًا ومَرضًا، أو لبنان الذي يُشارِك “حزب الله” ويَرفع رايات المُقاومة ضد الاحتلال، وعانى ويُعاني من مجازِر إسرائيل المدعومة أمريكيًّا، أو حتى البحرين التي ترفع راية العُروبة وتصرخ من “مُؤامرة” إيرانيّة فارسيّة، ولا يمكن أن ننسى دولة الامارات وارث الشيخ زايد، الرَّجُل العُروبي الأصيل، الذي وقف دائمًا إلى جانب الأشقّاء العرب والوِحدة العربيّة، وأطلق صرخته المَشهورة، “النِّفط لا يُمكِن أن يكون أغلى من الدَّم العربي” أثناء حرب الكرامة والشَّرف ضِد العدو الإسرائيلي عام 1973، وبادَر فورًا بقَطع النِّفط عن أمريكا تَضامُنًا.

هناك من يجادل بأنّ الإمارات والسعوديّة ربّما صوّتتا ضِد المغرب لإنّها أرسلت معونات غذائيّة إلى دولة قطر بعد فرض الحِصار عليها، أو بسبب وعود قطريّة “سِريّة” بتقديم مساعدات ماليّة تُمَكِّن المغرب من تَغطِية نفقات تنظيم كأس العالم في حالِ فوزه، ولكنّه جَدلٌ مرفوض، لأنّنا لا نعتقد أن الأزمة الخليجيّة ستَستَمِر حتى عام 2026 أوّلاً، وما العَيب أن تُقدِّم دولة عربيّة مساعدات لأُخرى شقيقة جرى فرض الحِصار عليها فَجأةً.. خاصَّةً أنّها لم تُقدِّم لها طائراتٍ حربيّة أو صواريخ أو غوّاصات، وإنّما شُحنات رمزيّة من الغِلال وعُلَب السَّردين المُعلَّب، وبعض الزُّيوت.

يزداد طعم المرارة في حَلقِنا ونحن نُشاهِد الأُردن الذي خرج للتو من أزمةِ احتجاجاتٍ شعبيّة تُطالِب برغيف خبز مَجبولٍ بالكرامة، يُصوِّت لصالِح الولايات المتحدة التي نقلت سفارتها إلى القدس المحتلة، واعترفت بها عاصِمةٍ أبديّةٍ لدولة الاحتلال، وتُسقِط الوِصاية الهاشميٍة عن مُقدَّساتِها العربيّة والإسلاميّة، وتستعد حاليًّا لرَفع السِّتار عن صَفقة القرن التي سَتُشكِّل تَصفيةً للقضيّة العربيّة الفِلسطينيّة، لماذا يا أُردن؟

عَزاؤنا أنّ 13 دولة عربيّة تتزعّمها الجزائر التي تَرفَّعت عن خِلافاتِها مع المغرب، وقدَّمت مَثلاً مُشَرِّفًا في الأخلاق الإسلاميّة والعربيّة، وأواصِر حُسن الجِوار عندما أعلنت منذ اليوم الأوّل أنّها ستُعطِي صوتها للمغرب الشَّقيق دون تَردُّد.

نقول شُكرًا من أعماقِ قُلوبِنا، في هذا اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، شهر التضحية والفِداء، والتَّضامُن مع المَظلومين، نقول شُكرًا لمِصر وسورية واليمن والسودان وسَلطنة عُمان والصُّومال وجيبوتي وقطر وموريتانيا وتونس وليبيا، وأخيرًا فِلسطين.. شُكرًا لها لأنّها لم تُساوِم مُطلقًا على عُروبتها وعَقيدتها الإسلاميٍة، وقالت “لا” كبيرة للابتزاز الإرهابي الأمريكي، وانحازَت لإرْثِها العظيم من الكرامة وعِزّة النفس والوَطنيٍة، وصَوّتت للمَغرب الشَّقيق، ولم تُفَكِّر مُطلَقًا بالثَّمن الذي يُمكِن أن تدفعه نتيجةً لذلِك.

الدُّول التي صَوَّتت للملف الأمريكي يجب أن تُنَكِّس أعلامها خجلاً، فقد ألحَقت ضَررًا غير مسبوق بالتَّضامُن العَربيّ، وقدَّمت “هديّة” لا تُقَدَّر بثَمن للجماعات العُنصريّة المُتطرِّفة المُعادِية للعرب والتَّعايُش في أقطار الاتحاد المغاربي، وعلى رأسِها المغرب.

لا نَعرِف كيف تَشعُر هذه الدُّوَل “العربيّة” وهي تَرى دُوَلاً مِثل جنوب أفريقيا أو البرازيل أو فرنسا أو بلجيكا، والعديد من الدُّوَل الأفريقيّة تَقِف في خندق المغرب، بينما هي تَقِف في خندق أمريكا، وماذا ستقول للشعب المغربي الطيّب الأصيل المِضياف تَبريرًا لمَوقِفها المُخْجِل هذا، بل ماذا سَتقول لشُعوبِها التي لا يُخامِرنا أدنى شك بتمَسُّكها بالثَّوابِت الوطنيّة العربيّة والإسلاميّة.

***

خِتامًا نتمنّى على الأشقاء في المغرب، أن لا يعاملوا المُرتدين المُتخاذِلين بالمِثل، وأن يترفَّعوا بأخلاقِهم، وإرثِهم الحضاريّ الإسلاميّ والعَربيّ عن الصَّغائِر، وأن يَثِقوا دائمًا بأنّ مِئات الملايين من الشُّرفاء، عربًا، وأفارقة، وآسيويين، ولاتينيين، وحتى أوروبيين، يَقِفون في خَندقِهم، ونحن في هذه الصحيفة من بَينِهم، ويكفيهم أنّ الأشقّاء المُرابِطين في القُدس والأراضي المُحتلَّة أكثر غَضبًا منهم على هؤلاء الذين يَدَّعُون العُروبَة والإسلام انتماءً وهُويّة.

نأمَل أن يأتي الرَّد على هذا الخُذلان من عُقول وأقدام المنتخب المغربي في دَورة موسكو الذي سنَقِف خلفه مُشجِّعين مِثل كُل الفِرق العربيّة الأُخرى الشَّقيقة السعوديّة والمِصريّة والتونسيّة.. عيدكم مُبارك، وكُل عام وأنتم جميعًا بألفِ ألفِ خَير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حق المغاربة أن يغضبوا من خيانة السعودية من حق المغاربة أن يغضبوا من خيانة السعودية



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

اتحاد كرة القدم يكشف رغبة ريال مدريد في ضم محمد صلاح

GMT 04:38 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين سهرة للمحجبات من أحدث صيحات موضة الشتاء

GMT 01:05 2012 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حناج عيين با بنيه - نقوش بحرينية يتناول انواع نقوش الحناء

GMT 13:28 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

أفضل ستة فنادق في مراكش للاستمتاع بالرفاهية

GMT 03:24 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بالتعامل مع زملاء العمل

GMT 00:53 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يعود للغناء مرة أخرى بعد ثبوت صحة موقفه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya