زيارة بان وخريطة الحل في الصحراء

زيارة بان وخريطة الحل في الصحراء

المغرب اليوم -

زيارة بان وخريطة الحل في الصحراء

محمد الأشهب

من المستبعد أن تحمل جولة الموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس على منطقة الشمال الأفريقي جديداً، عدا ما يتعلق بالإعداد لزيارة مرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نهاية ولايته. وقبل نحو عقدين، جال سلف الأخير كوفي أنان، وفي جعبته أن تسعينات القرن الماضي لن تنتهي من دون إقرار حل نهائي لنزاع الصحراء.
تتضاءل الأعوام والعقود بحساب استمرار الأزمة. وحين زار الأمين العام السابق كورت فالدهايم المنطقة عشية انطلاق «المسيرة الخضراء» أخذه الملك الراحل الحسن الثاني إلى جانبه لتدشين سد كبير في ضواحي مراكش. وكانت الرسالة موحية بأن جلب الماء والاخضرار إلى صحراء شبه قاحلة يعتبر تحدياً سياسياً وإنمائياً. وعندما تمنى عليه مجلس الأمن وقف المسيرة، أجاب بسطرين بليغين: «آسف. المسيرة انطلقت».
تتشابه الرموز والدلالات. وقبل أن يحل بان كي مون بالمنطقة، أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس مشروعات إنمائية ضخمة خلال وجوده في المحافظات الصحراوية، مؤكداً أن دمجها في خطة التنظيم الجهوي، المتمثل في نقل صلاحيات مركزية إلى السكان المحليين خيار لا بديل منه. وزاد على ذلك بأن المنطقة يمكن أن تتحول إلى مركز استقطاب إقليمي، على الفضاءين المغاربي والساحل الأفريقي، كما كانت في عهود سابقة مركز إشعاع حضاري وطرق تجارية مفتوحة على ما حولها من مكونات عربية وأفريقية.
بهذا المعنى شكّل رهان التنمية أحد أبرز التحديات، في ظل النقص الكبير الذي كانت تعانيه المحافظات الصحراوية إبان وقوعها تحت الاحتلال الإسباني. غير أن التنمية التي تتطلب مزيداً من الموارد والمشاريع إن كانت غيرت وجه الإقليم، فإنها توقفت عند حاجز واقع سياسي لا يشجع على دمج المتحدرين من أصول صحراوية كافة، ويتمثل في توزعهم بين المناطق الواقعة تحت نفوذ المغرب، ومخيمات تيندوف جنوب غربي الجزائر وشمال موريتانيا.
كان من شأن هذا الشتات أن يفرض نفوذه على مساعي التسوية السلمية، لذلك اقترح الوسيط الدولي السابق جيمس بيكر قبل سنوات فكرة المفاوضات التي تضم أربعة أطراف، المغرب و «بوليساريو» والجزائر وموريتانيا. ولا يزال أي موفد دولي يقتفي أثر المقاربة ذاتها، بحثاً عن حل وفاقي يرضي الأطراف كافة.

في ضوء التحديات الأمنية والتهديدات الإرهابية المتنامية، خصوصاً تلك التي هزت العاصمة المالية باماكو، لابد من أن الأمين العام بان كي مون سيكون أكثر انسجاماً والقناعات التي عبر عنها، حين أشار إلى أن استشراء اليأس والتذمر وتراجع فرص حل نزاع الصحراء قد يترتب عليه ميل نحو التطرف والمغامرة. وقبله أشار كوفي أنان في تقارير إلى مجلس الأمن، إلى أن المنطقة تعاني من ضغوط الهجرة غير المشروعة وتهريب السلاح والمخدرات وعبور الجريمة المنظمة. فقد ثبت أن سقف الاستقرار يأتي في مقدم الانشغالات.
عاملان يتكاملان عند ثنايا البحث في الاستقرار هما الديموقراطية والتنمية. والبقية يظل تفاصيل، طالما أن الأبواب أغلقت أمام احتمالات عودة المنطقة إلى زمن الحروب، وإن كانت الأطراف المعنية تخوضها اليوم ديبلوماسياً وسياسياً. بيد أن الحل السياسي الذي يرعاه مجلس الأمن ينحو في اتجاه الصيغة الوفاقية، وأقر بها أن فكرة «لا غالب ولا مغلوب» تظل ملاذاً مشروعاً ومقبولاً يتوافر على خصائص الصمود.

منذ اندلاع نزاع الصحراء دخلت على الخط وساطات ومبادرات اهتمت برأب الصدع وتقريب وجهات النظر في بعدها الإقليمي، إلا أن الاتجاه الغالب أن أي حل يتم التوصل إليه يحتاج إلى اتفاقات دولية تدعمه وتصونه كي لا يتعرض إلى الانتهاك. ومن هنا كان اللجوء إلى طرح الملف على أنظار الأمم المتحدة. المشكلة أن خلاف الصحراء حتى وإن بدا في بعض جوانبه خلافاً بين الأمم المتحدة وهذا الطرف أو ذاك، فإن ذلك لا يحجب حقيقة أن طابعه الإقليمي أثر كثيراً في مساره.

الأنظار شاخصة على ما يستطيعه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في زيارته المرتقبة، ومن المفيد معاودة استقراء الخطوط العريضة لمشاريع التسوية التي طرحها أكثر من أمين عام. لكن الحل النابع من رحم التوتر ومن إرادة بناء المستقبل وحده كفيل بفتح أبواب الأمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة بان وخريطة الحل في الصحراء زيارة بان وخريطة الحل في الصحراء



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya