بداية مبكرة للتشريعيات المغربية

بداية مبكرة للتشريعيات المغربية

المغرب اليوم -

بداية مبكرة للتشريعيات المغربية

محمد الأشهب

لن تغير حيازة مقعد انتخابي أو خسارته شيئاً في توازنات المشهد السياسي في المغرب. إلا أن احتدام المعركة بين الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» وحزب «الاستقلال» المعارض حول دائرة في ضواحي فاس، فاق كل التوقعات.

ضمن أربع جولات كانت تنتهي بإلغاء نتائج الاقتراع في كل مرة، شكلت تلك المنافسات حدثاً استثنائياً. وقد يصار إلى تقديم طعون في النتائج الحالية. ما يعني نهاية ولاية خمس سنوات من دون الحسم في دائرة واحدة، يعتبرها كل طرف مركز نفوذه الذي لا يمكن التخلي عنه بسهولة. ولا يعني اقتصار المنافسين على حزبين من دون بقية مكونات المشهد الحزبي، سوى أن صراعات «الاستقلال» و «العدالة والتنمية» لا حدود لها.

لم يبلع رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران انصراف وزراء «الاستقلال» من حكومته، وهي تتلمس معالم خطواتها الأولى، ما عرضها لأزمة حقيقية اضطر لتجاوزها إلى إبرام تحالف مع خصمه «تجمع الأحرار» لحفظ الغالبية النيابية التي تضمن لفريقه الحكومي إكمال ولايته.

بالقدر ذاته لم يتقبل زعيم «الاستقلال» النقابي حميد شباط الإبقاء على حزبه في تأسيس مشهد حكومي يهيمن عليه الإسلاميون. ومن ثم، فإن نقل المعركة إلى دائرة انتخابية، إنما يترجم إرهاصات الصراع المرتقب بين الفريقين على صعيد الانتخابات المحلية والشريعية أيضاً.

ورغم ان ليس في إمكان أي من الحزبين أن يلغي وجود الآخر أو يجهز عليه بالضربة القاضية، إلا انهما يعاندان بعضهما بعضاً في الاستدلال على القوة. يقول شباط إن حزبه سيستأثر بالصدارة في الاستحقاقات المحلية، فيما يردد بن كيران أنه أكثر اطمئناناً إلى استمرار نفوذه في تشريعيات العام المقبل. وما بينهما تقف أحزاب في الموالاة والمعارضة ترصد أشواط المعركة. بعضها يميل إلى هذه الكفة أو تلك، وبعضها يفضل الحياد إلى حين انقشاع الصورة.

لكن السمات المشتركة في دوائر العراك، أن إصرار «العدالة والتنمية» على الاحتفاظ بدوره في قيادة الحكومة يضفي على الصراعات الانتخابية أجواء مماثلة لتلك التي سبقت اقتراع تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 في ظل موجة «الربيع العربي».

ويعزو الحزب الإسلامي انحسار «الربيع العربي» في بلاده تحديداً إلى تحمله المسؤولية، إلى درجة أن تظاهرات الشارع خفت حدتها إلى درجة كبيرة، فيما يرغب في احتواء الغضب الاجتماعي عبر بدء صفحة جديدة في الحوار مع المركزيات النقابية الأكثر حضوراً.

في مقابل ذلك، يذهب خصومه السياسيون، وضمنهم «الاستقلال» إلى أن طفرة الربيع التي تراجعت، لابد من أن تنسحب على وضع الحزب الذي أفاد منها، ولا يلتقي وخصمه الإسلامي إلا عند نقطة واحدة، تشمل انتقاد فعاليات بلا رصيد تاريخي. وإن كان مستبعداً حدوث تحالف بين الطرفين في مواجهة ما يعتبرانه خصماً مشتركاً، إلا في حال حدوث مفاجآت مستبعدة.

في النهاية يظل «العدالة والتنمية» و «الاستقلال» أكثر تقارباً في المرجعية الإسلامية كتيارين محافظين. وحين لم يكن إسلاميو عبدالإله بن كيران يفكرون في الانتقال إلى الواجهة الحكومية بعد تشريعيات العام 2002، بادر «الاستقلال» إلى الانفتاح عليهم أكثر، بهدف تشكيل غالبية نيابية تدعمه، لكنه عندما تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة في شخص زعيمه السابق علال الفاسي، اختار «العدالة والتنمية» أن يعارضه، ما يفسر الأبعاد الخلفية لقرار وزراء «الاستقلال» الانسحاب من حكومة بن كيران.

على إيقاع ساخن بدأت المعارك الانتخابية قبل أوانها. ولا تخلو منتديات أو اجتماعات حزبية من التلويح بأوراق الضغط. ولعل ما يزيد الأمر احتداماً أن الأدوار الموسّعة للمجالس المحلية والجهوية، باتت أقرب إلى حكومات مصغرة، أقل من الحكم الذاتي وأكبر من اللامركزية، فيما يشكل نقل وتفويض اختصاصات ميدانية من السلطة المركزية إلى المجالس المحلية تطوراً نوعياً، أقرب في شكله إلى إعادة ترتيب بنيات الدولة التي أحدثها الدستور المعدل لصيف العام 2011.

ويرغب «العدالة والتنمية» الذي لم يكن له أي حضور في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) في أن يقلب معادلات التوازنات داخل الهيئة التشريعية الثانية، خصوصاً أنها شكلت على امتداد نصف الولاية الراهنة مصدر إزعاج للحزب الحاكم، وإن لم تتضمن صلاحياتها الدستورية سحب الثقة من السلطة التنفيذية.

إرجاء الانتخابات المحلية إلى خريف العام الحالي، أملته اعتبارات، بينها أن الموعد السابق كان متزامناً مع حلول شهر رمضان. لكن نخب الأحزاب في المعارضة والموالاة على حد سواء، لا تعمل بقاعدة «الصوم» عن الكلام إلى حين حلول موعد الإفطار الانتخابي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية مبكرة للتشريعيات المغربية بداية مبكرة للتشريعيات المغربية



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya