المغرب شريك في التحالف

المغرب شريك في التحالف

المغرب اليوم -

المغرب شريك في التحالف

محمد الأشهب


أبعد من الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي تعتبر في حد ذاتها إنجازاً كبيراً في عصر إخفاق مبادرات التعاون والتضامن، تأتي مشاركة القوات المغربية في «عاصفة الحزم» التي تهدف الى دعم الشرعية في اليمن الذي لم يعد سعيداً، لتتماشى مع التزامات المملكة العربية السعودية، لناحية صون السلم والاستقرار ومناهضة أشكال اغتصاب السلطة وفرض الهيمنة، وإشاعة منطق الحروب المذهبية والطائفية التي تكرس التفرقة والتطاحن وإحياء النعرات العصبية.
إنه لأمر في غاية الأهمية أن تكون الرياض التي دأبت على اعتماد سياسة الوفاق والإخاء وتغليب منهجية السلم والحوار لتسوية أصعب النزاعات الإقليمية والدولية، اضطرت إلى الإعلان عن نفاد صبرها. فجسدت بذلك موقفاً عقلانياً وواقعياً وجريئاً، منطلقه حماية أمن الخليج، ومن خلاله صون الأمن العربي الذي بات مهدداً بإرهاب الداخل وهيمنة الخارج. لا فارق في الأطماع والآليات وإن اختلفت المواقع.
بيد أن اختزال تباعد المساحات الجغرافية بين مشرق العالم العربي ومغربه، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن التهديدات واحدة والمخاطر متعددة. وما تواجهه منطقة الخليج العربي وجوارها الأقرب لا ينفصل عن مجمل التحديات التي تستهدف زرع بذور الفتن ومظاهر الانقسام المذهبي والطائفي في شتى أجزاء المنطقة العربية. ذلك أن رمزية مشاركة قوات عربية في أقصى الجناح الغربي للعالم العربي في معركة دعم الشرعية في اليمن، تفوق أثرها المادي نحو بلورة معالم تضامن عربي فعّال في السلم كما الحرب.
لا يوازي هذه المبادرة التي سلكت طريق الحزم والحسم، سوى معاودة التأكيد على استقلالية القرار العربي، كلما تعلق الأمر بملامسة أزمات خانقة، لا تحتمل سياسة الانتظار وفرض الأمر الواقع. فالموقف يتجاوز التعاطي الصارم مع أزمة اليمن نحو بعث رسائل واضحة، مفادها أن هناك خطوطاً حمراً لا يمكن الاقتراب منها، وأن العبث بأوضاع الدول والشعوب بلغ حدا لا يطاق من الازدراء.
لأن الأسلوب يعكس روح المبادرات الإيجابية، فإن «عاصفة الحزم» استندت بالدرجة الأولى إلى قواعد الشرعية الدولية، ومحورها أن دولاً عربية التقت عند موقف موحد حيال رفض سياسة الأمر الواقع التي كان يجري تجريبها في اليمن، بعد تعرض دول عربية إلى مخاطر مماثلة. والأقرب إلى ذلك أن قوات «درع الجزيرة» العربية فرضت منطق التضامن حيال ما كان يستهدف أمن ووحدة البحرين. وبالتالي فالموقف ذاته ينسحب بنفس القوة والصلابة على تطورات الأوضاع في اليمن.
الأمن العربي مترابط الأجزاء، وما يهدد منظومة التعاون الخليجي، لن تسلم منه دول الشمال الإفريقي او باقي امتدادت العالم العربي. فثمة ظاهرة واحدة بوجوه عدة تهيمن على المشهد اسمها غياب الاستقرار وتزايد التهديدات الإرهابية، ولعل أهم رسالة عميقة تعكسها مشاركة المغرب إلى جانب دول التحالف العربي والإسلامي، أن الانخراط في مواجهة تحديات الأمر الواقع أصبح مسؤولية جماعية لا تستثني أي طرف.
عندما تأسس الاتحاد المغاربي في ظل إرهاصات الحرب الباردة، بدا أنه سيكون محاوراً ودرعاً موازياً لنظيره مجلس التعاون الخليجي في المشرق. لكن تأثيرات سلبية عمقت الشرخ بين مكوناته، وإلا لكان اتخذ موقفاً جماعياً وملموساً إزاء أزمة الشرعية في اليمن. غير أن دول المنظومة الخليجية استبقت هذه التطورات بحدس رؤية مستقبلية، يوم طلبت إلى المغرب والأردن الانضمام إلى مجلسها. فقد أظهرت التطورات المتلاحقة أن المبادرة كانت أكبر من توسيع رقعة المنظومة، وإنما توخت بلورة معالم سياسة تضامن عربي ذات مردود فعال.
من حسن الطالع أن «عاصفة الحزم» مهدت عملياً للقمة العربية في منتجع الشيخ، وأظهرت الإمكانات الهائلة المتاحة أمام انتقال القرار العربي من القول إلى الفعل، كلما تعلق الأمر بحماية السيادة العربية التي لا تتجزأ في كلياتها الروحية والسياسية والاقتصادية والأمنية، ومن جهة ثانية أقرت منهجية جديدة في التعاطي مع الشرعية الدولية، من دون انتظار تردد وانكفاء المجتمع الدولي، ما يحمل على الاعتقاد بأن قمة شرم الشيخ يفترض أن تستلهم من «عاصفة الحزم» قرارات أكثر حزماً في مواجهة التحديات المصيرية.
الأهم أن القطار أقلع في موعده هذه المرة، ولن ينتظر من سيلحق بالركب، لأنه قطع أهم شوط، ألا وهو صون قرارات السيادة العربية التي لا تقبل أي تساهل أو التفاف. وقد أصبح في الإمكان التأريخ للقمم العربية باستقراء عواصف الحزم التي بدأت وتلك القادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب شريك في التحالف المغرب شريك في التحالف



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya