«العدالة والتنمية» المغربي منطق التدرّج مستمرّ

«العدالة والتنمية» المغربي... منطق التدرّج مستمرّ

المغرب اليوم -

«العدالة والتنمية» المغربي منطق التدرّج مستمرّ

محمد الأشهب

ضاعف «العدالة والتنمية» المغربي نفوذه الحزبي والسياسي في اقتراع البلديات والجهات، في الرابع من الجاري بعدما تصدر اشتراعيات 2011. وعلى رغم الفارق بين الاستحقاقين في الاختصاصات والمجالات بين ما هو محلي وما يطاول منظومة التشريع وانبثاق الحكومة، فإن احتلاله الرتبة الثالثة يظل بكل المعايير إنجازاً سياسياً كبيراً، يتماشى ومنطق التدرج الذي سار عليه الحزب الإسلامي، منذ اختيار الانضمام إلى شرعية العمل السياسي، وقيامه بمراجعات فكرية وسياسية، أدت ضمن بوادرها إلى تصنيفه حزباً سياسياً وليس إسلامياً كما ينعته خصومه.

وتلتقي النتائج في استشراف أفق التغيير، أكان على مستوى السلطة التنفيذية أو في نطاق تدبير المدن والمحافظات، ذلك أنها المرة الأولى التي يمكن توقع انتزاعه عموديات مدن ومجالس جهات، بعدما كان حضوره رمزياً في السابق. والراجح أنه من خلال لجوئه إلى تقديم أكبر عدد من المرشحين، على خلاف تحفظات سابقة للحؤول دون تكريس المخاوف، أراد توجيه رسالة مفادها أنه لاعب محوريّ على الصعيدين الاشتراعي والمحلي.

من تداعيات ما يعرف بـ «الربيع العربي» أنه حمل إسلاميي المغرب المعتدلين إلى الواجهة، عبر تنظيم انتخابات مبكرة لتحقيق الملاءمة بين الدستور الجديد والواقع السياسي، تماماً كما حدث في اقتراع العام 1997 الذي حمل الاتحاد الاشتراكي بزعامة عبدالرحمن اليوسفي إلى رئاسة الوزراء. والحال أن انتخابات البلديات لم تكن مبكرة، بل أرجئ موعدها أكثر من مرة، لكنها رست في نهاية المطاف على منح «العدالة والتنمية» شرعية التدبير المحلي، في ظل الاختصاصات الجديدة التي منحتها الوثيقة الدستورية للبلديات.

لا تقاس النتائج الأولية بأعداد الأصوات والمقاعد فقط، بل تستند إلى معايير سياسية وثقافية، ليس أبعدها أن الاستئثار بالنفوذ السياسي في الحواضر الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأكادير له أكثر من دلالة، بالنظر إلى تراجع عدد سكان الأرياف. إلا أن الأهم في تشخيص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في نطاق توازن المدن والأرياف، أنه يحيل على تراتبية العمل السياسي. ولا يعني حيازة مترشحي الحزب الإسلامي مقاعد مريحة في مدن كبرى، سوى أن التصويت العقابي لم يكن بعيداً من أذهان الناخبين، كون التغيير الذي رفع في مواجهة الفساد في اشتراعيات 2011، انسحب على محليات 2015، وإن بدرجة أقل.

سيكون من أبرز التحديات المترتبة على الأوضاع الجديدة البحث في مآل التحالفات المتوقعة وصيغها، من أجل تأمين تشكيل مجالس الجماعات والجهات على حد سواء. وإذا كانت التجربة أظهرت قابلية «العدالة والتنمية» الذي يقوده رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران للانفتاح على خصوم الأمس، كما حصل في الحكومتين الائتلافيتين الأولى والثانية، فلا شيء يحول دون استنساخ التجربة في النطاق المحلي، خصوصاً أن التدبير المحلي يخضع للبرامج والرؤى ذات الأجندة المدققة في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.

لا خطوط حمراً في تحالفات كهذه. ولئن كان بن كيران أقر بأن محليات العام 2009 شابتها خروق على صعيد تشكيل المكاتب المسيرة للبلديات وعموديات المدن، من دون الالتفات إلى واقع أن خصمه السياسي «الأصالة والمعاصرة» حاز الصدارة في بلديات 2009، أو أن حزب الاستقلال المعارض انسحب من حكومة «العدالة والتنمية»، فإن تحالفات تشكيل مكاتب البلديات والجهات لا تضع في الاعتبار حرفية تحالفات الغالبية والمعارضة في مجلس النواب. يضاف إلى ذلك أن هذا الحضور سينسحب في امتداده على مكانة الحزب في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي كانت تهيمن عليه المعارضة.

اللافت في هذه التطورات أن اقتراع المحليات يمكن أن يؤشر إلى ميول الناخبين، خصوصاً أنه يأتي في نهاية العام الرابع من ولاية الحكومة الحالية التي تفصلها عن اشتراعيات 2016 مسافة طويلة. ولئن كانت المعارضة حققت من خلال «الأصالة والمعاصرة» والاستقلال اختراقاً ملحوظاً في المحليات، فإن حظوظ الائتلاف الحكومي تراجعت إلى حد ما، ما يفسر أن قيادة «العدالة والتنمية» تحصد نتائج استقرار العمل الحكومي، على حساب شركائها، وإن حاولت إرضاءهم أكثر لتأمين استمرار التحالف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العدالة والتنمية» المغربي منطق التدرّج مستمرّ «العدالة والتنمية» المغربي منطق التدرّج مستمرّ



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya