عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي

عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي

المغرب اليوم -

عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي

بقلم : محمد الأشهب

أهم من تغيير الاسم أن «الاتحاد الأفريقي» تأسس بخلفية تجاوز المأزق الذي تردت فيه منظمة الوحدة الأفريقية. وما كان له أن يخرج إلى الوجود لولا أن قادة الدول الأفريقية اقتنعوا بأن ليس في الإمكان تحميل هياكل قديمة طموحات وتطلعات جديدة. ليس أقلها أن المنظمة القارية تأثرت مثل غيرها من التجمعات الإقليمية بتداعيات الحرب الباردة والخلافات الأيديولوجية التي كانت سائدة.
كانت البداية من تأسيس «تجمع دول الساحل والصحراء» نتيجة خصوصيات طبيعية وأخرى لها علاقة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تشترك فيها دول الساحل، ثم صارت ملاحقة الإرهابيين والتصدي لآفة التطرف والعنف والهجرة غير الشرعية الناجمة عن عدم الاستقرار وقسوة المناخ من أبرز تلك التحديات.
وجاء «الاتحاد الأفريقي» امتداداً لنقاش أفريقي طاول البحث في أنجع الوسائل المتاحة لإسماع صوت القارة السمراء، وقد تحولت إلى مركز استقطاب منافسات أميركية وأوروبية ويابانية وصينية وروسية. وكان لا بد من استبدال مقاربات متجاوزة بأخرى أكثر انسجاماً مع التطلعات الأفريقية، من دون إغفال سريان مفعول خلافات وأزمات، تشمل نزاعات الحدود وأنواع الصراعات العرقية والطائفية وإهدار فرص الإقلاع الاقتصادي والانتساب إلى نادي الديموقراطية والتنمية.
لقد أفلحت منظمة الوحدة الأفريقية في المراحل الأولى لاستحداثها، في تجسيد الهموم والانشغالات الأفريقية، بخاصة على صعيد دعم حركات التحرير والتصدي لنزعات التفرقة وتجزئة كيانات الدول الأفريقية. ساعدها في ذلك زخم الحماسة والاندفاع الذي اتخذ من مواجهة الأطماع الاستعمارية القديمة والجديدة التزامات مبدئية، لولا أن خلافات من نوع آخر هيمنت على الساحة، في ظل تباين الطروحات والاختيار بين الموالين للمعسكر الغربي أو الشرقي. وانسحبت هكذا خلافات على التعاطي مع مفاهيم الوحدة ومسألة احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار وإشكالات تقرير المصير.
بالنتيجة تعرضت منظمة الوحدة الأفريقية للتصدع بين أكثر من جناح، على غرار ما شهده العالم العربي من انقسامات بين التيارات المعتدلة ونقيضها. وبعد أن هددت عواصم أفريقية بالانسحاب من المنظمة، في حال بقاء الأوضاع على حالها، جاء تأسيس «الاتحاد الأفريقي» كحل وسط. لكنه لم يتخلص من التركة الثقيلة. لذا فإن اصطفاف 28 دولة أفريقية إلى جانب المغرب في سعيه الى استعادة مكانته في الاتحاد، والدعوة إلى تعليق عضوية ما يعرف بـ «الجمهورية الصحراوية» يظل تعبيراً عن حال من التململ، يأمل حكماء القارة السمراء بألا يتجاوز نطاق تصحيح أخطاء قديمة.
كانت قضية الصحراء دائماً مثار جدل وحساسيات في المؤتمرات الأفريقية، وجاهر زعماء أفارقة أنهم يرفضون سياسة ترحيل الخلافات بين دول عربية أعضاء في المنظمة القارية إلى الساحة الأفريقية. وشكلت هذه المواقف نداءات عاقلة تحض على تسوية ملف الصحراء في إطاره الإقليمي، بدل إغراق المشهد الأفريقي بأعباء إضافية.
قرار المغرب الانضمام إلى «الاتحاد الأفريقي» يستند إلى مرجعيات ومواقف والتزامات. ومع أن العلاقات بين الرباط والعواصم الأفريقية زادت انفتاحاً ومتانة، على رغم غيابه عن منظمة الوحدة الأفريقية، فإن تفعيل هذا المحور سيكون أجدى عبر العمل في إطار مؤسساتي. لأنه مهما كانت المبادرات الفردية أو الثنائية أو المتعددة الأطراف وجيهة ومؤثرة، فإن العمل من داخل «الاتحاد الأفريقي» ليس مثل العمل من خارجه.
يوم انسحب المغرب من منظمة الوحدة الأفريقية، ساد اعتقاد أنه لن يكون أول أو آخر المنسحبين. لكن المغرب تمنى على أصدقائه وداعمي موقفه الاستمرار في مسؤولياتهم، بهدف إحداث التغيير المنشود من الداخل، ولئن استمر غيابه لأكثر من ثلاثة عقود، فإن عودته إلى «الاتحاد الأفريقي» تؤشر إلى الانضمام في تحديات المرحلة، فبعض القرارات لا تقاس بقساوتها وألمها، لكن بفاعليتها ونظرتها المستقبلية، إذ تتجاوز كل الحساسيات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya