إرهاب «داعش» والإساءة إلى الإسلام

إرهاب «داعش» والإساءة إلى الإسلام

المغرب اليوم -

إرهاب «داعش» والإساءة إلى الإسلام

بقلم : محمد الأشهب

أجهش رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران بالبكاء، على الهواء، وهو يتأمل أخطار الاعتداء الإرهابي الذي استهدف المسجد الشريف في المدينة المنورة. لم يكن موقفه ضعفاً أو استسلاماً، بقدر ما كان يستشعر النفق المظلم الذي يراد زج العالم الإسلامي في براثنه، نتيجة الانزلاقات الخطرة لتنظيمات إرهابية تتدثر بعباءة الإسلام التي هي منها براء.
أهم خلاصة تسطع، أن استهداف الأماكن المقدسة ورموز وقيم الإسلام أضحى مخططاً له مراميه وأدوات تنفيذه وتوقيته، فالحادث الإرهابي المقيت وقع في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، وتحديداً في رحاب المدينة المنورة التي يقصدها المعتمرون من شتى الأرجاء. وبالتالي، فإن وراء التخطيط بواعث ذات صلة مباشرة بأنواع الحملات الموجهة ضد الإسلام والمسلمين. أي أنها تخدم أجندة حاقدة تروم الإساءة إلى العالم الإسلامي، أقله أن أطرافه الشاسعة الممتدة عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا أصبحت مرتعاً للهجمات الإرهابية الانتحارية من بنغلادش إلى ليبيا ومن العراق إلى الصومال، من دون استثناء مراكز التأثير الروحي، والثقل الحضاري الذي تمثله المملكة العربية السعودية ورحابها الطاهرة.
لئن كان هذا الاستهداف مفهوماً في نطاق الانحراف بما اصطلح عليه صراعات الحضارات التي تعود في أصلها إلى التفاعل والتلاقح والحوار الذي أغنى الإنسان، فإن تزايد الشعور بالاختناق وتضييق الطوق أكثر على التنظيمات الإرهابية، دفعها إلى المغامرة بآخر الأوراق. ما يدل في أقرب تقدير على أن التحالف الإسلامي الذي أرست السعودية معالمه وآلياته وتوجهاته أصبح أكثر إزعاجاً، كونه حرر العالم الإسلامي وجعله في طليعة الحرب الكونية على الإرهاب.
يكشف سُعار التنظيمات الإرهابية قوة الضربات التي تلقتها منذ الإعلان عن قيام التحالف الإسلامي. وسواء اتجهت مخططاتها إلى المغامرات الانفرادية والجماعية داخل بلدان أوروبية أو في اتجاه بلدان إسلامية آسيوية وأفريقية، فذاك يعني أن الضربات القوية أصابتها في مقتل تسبقه عادة أوهام ما قبل النهاية، وأخطرها عناد ضرب الرموز والمقدسات. ذلك أن حالة الانكسار التي تعتري هذه التنظيمات تدفعها إلى المقامرة، في ظل إحباط عدد كبير من مخططاتها في بلدان عربية عدة.
لا يماثل اقتراب التنظيمات الإرهابية من حرمة الأماكن المقدسة غير سوابق الكيان الإسرائيلي في انتهاك حرمة المسجد الأقصى واستمرار سياسة التهويد لتغيير معالم القدس الشريف. والقاسم المشترك في الاستهتار بالمشاعر الدينية، مبعثه إثارة الفتن والصراعات الدينية، حين تعجز مخططات الاحتلال والإرهاب عن فرض طروحات الاستسلام. لقد فرض الاستعمار كياناً دخيلاً على العالمين العربي والإسلامي، ضمن استراتيجيته التوسعية، والحال أن ما فعله التنظيم الإرهابي «داعش» من خلال بسط نفوذه على مساحات متوترة في سورية والعراق وليبيا، لا يختلف في شيء عن مخططات التفتيت والتجزئة التي ابتلي بها العالم العربي منذ منتصف القرن الماضي. ودائماً هناك أجزاء غريبة عن الجسد العربي يتعمد مهندسو الفتن زرعها في عمق المكونات الحضارية للأمة.
أن يجهش رئيس حكومة في دولة عربية بالبكاء حيال ما أصاب العالم العربي والإسلامي من محن وتحديات، فالموقف ليس بالضرورة عاطفياً ولا يبعث على القلق، لأنه في جوهره يعكس الترابط القائم بين مشرق العالم العربي ومغربه، رغم بعد المسافات. وهذا في حد ذاته مصدر قوة يفيد بطريقة أو بأخرى بفشل جميع مخططات الفرقة التي واجهها العالم العربي. عدا أن الأسى الذي عبر عنه بن كيران، لجهة استهداف حرمة الأماكن المقدسة في المملكة السعودية، إنما يؤكد إجماع العالم الإسلامي على التصدي لكل ما يستهدف وجوده وكينونته وحضارته ومستقبله. فالخطوط الحمراء في حظر الاقتراب من المحظور تصبح أسواراً شامخة. ولئن كان من ميزات التحالف الإسلامي أنه كرس هذا الشعور الجماعي الذي يشترك فيه أنصار الاعتدال والوسطية ومبادئ التسامح، فالمسألة ترتقي فوق التزامات التضامن، لأن الاستهداف بلغ أوجه. وعلى الذين يترددون في تسمية الأشياء بأسمائها أن يدركوا أن الحرب التي يخوضها العالم العربي والإسلامي على الإرهاب جزء من معارك الدفاع عن الوجود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب «داعش» والإساءة إلى الإسلام إرهاب «داعش» والإساءة إلى الإسلام



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya