نفوذ المال

نفوذ المال

المغرب اليوم -

نفوذ المال

محمد الأشهب
محمد الأشهب

قبل أكثر من عقدين اضطر الزعيم الاشتراكي المغربي عبدالرحمن اليوسفي إلى مغادرة بلاده، احتجاجاً على المؤاخذات التي شابت اقتراع ثلث أعضاء البرلمان الذي كان يشمل ممثلي مجالس البلديات والغرف المهنية والمقاولات والمركزيات النقابية.

 

 

كان من تداعيات قراره السياسي معاودة النظر في تركيبة البرلمان الذي أقر دستور العام 1996 تحويله إلى غرفتين، أطلق على إحداهما مجلس المستشارين الذي يشابه مؤسسات الشيوخ في تجارب غربية. ما أدى إلى التطبيع تدريجياً مع رهان نزاهة الانتخابات وحياد السلطة وشفافية صناديق الاقتراع. وإلى اليوم لم يعد أي تنظيم حزبي في المعارضة أو الموالاة يجاهر بانتقاد حياد الإدارة وتزوير الانتخابات التي أبانت استحقاقاتها في مجملها عن صعوبة وفرة أي حزب على الغالبية.

 

 

غير أن الاطمئنان إلى هذا المسار لم يضع حداً نهائياً لانتقادات تطاول ركام السلبيات. أقربها استخدام المال في استمالة أصوات الناخبين والتأثير على حرية وإرادة الاقتراع. وانبرت فاعليات في المعارضة والغالبية تستنكر «الاستخدام المفرط» للأموال في مناسبة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين الجمعة الماضي. وذهب زعيم «التقدم والاشتراكية» وزير الإسكان نبيل بن عبدالله، إلى التشكيك في جدوى استمرار الغرفة الثانية، في حال الإبقاء على نفوذ المال الذي بات يؤثر في ميول «الناخبين الكبار».

 

 

ثمة إشكالات قانونية وسياسية يطرحها الموقف، وفي الوقت الذي حظر دستور العام 2011 على النواب تغيير انتسابهم خلال فترة الولاية الاشتراعية، ضمن إجراءات احترازية للحد مما يعرف بظاهرة «الترحال الحزبي» لا يوجد مقابل لهذا المنع في القوانين المنظمة للانتخابات المحلية. كونها تخضع بالضرورة لتحالفات من أجل تسهيل تشكيل مكاتب البلديات والجهات، إلا أن التحالفات لم تعد تقتصر على مكونات الغالبية في ما بينها أو المعارضة وشركائها، بل اختلطت الأوراق إلى درجة التناقض.

 

 

لئن كان منطقياً أن الإجراءات القانونية كيفت شروط تقديم الطعون في أنواع التجاوزات التي يمكن أن تنطلي على هكذا انتخابات، فإنها لا تقدم بديلاً إجرائياً أو أخلاقياً حيال هذا التحول المفاجئ في صنع الخرائط. وارتفعت أصوات متسائلة كيف أن حزب «العدالة والتنمية» حاز على المرتبة الأولى في مقاعد اقتراع الجهات «أقرب إلى حكومات محلية»، ولم يحز على أكثر من جهتين. في مقابل أن «الأصالة والمعاصرة» انفرد بخمس جهات مع أنه احتل رتبة أقل. لكن المفاجأة في انتخابات أعضاء مجلس المستشارين أن الاستقلال تصدر قائمة الفائزين، في وقت من المستبعد فيه أن يحوز رئاسة المجلس، جراء التحالفات المتوقعة التي قد تمنح غريمه الجديد «الأصالة والمعاصرة» أصواتاً أكبر، في حال صوت تجمع الأحرار والحركة الشعبية لفائدته.

 

 

أول اختبار لفكرة «المساندة النقدية» التي لوح بها الاستقلال لمعاودة الدفء إلى علاقاته و«العدالة والتنمية» تتجسد عبر انتخاب رئيس مجلس المستشارين، ومن المفارقات أن كل التوقعات تفيد باحتمال اقتصار المنافسة على شخصين متحدرين من أصول صحراوية، محمد الشيخ بيد الله عن الأصالة والمعاصرة، وأحمد الخريف عن الاستقلال.

ولا تفرغ التحالفات مهما كانت جاذبيتها، المشهد السياسي من حقيقة أنه صار حكراً أو يكاد على ثلاثة أحزاب تتصدر المراتب الأولى، الأصالة والمعاصرة والاستقلال والعدالة والتنمية، ما قد يدفع باقي الشركاء إلى دعم هذا الطرف أو ذاك، لكن هذه الأقطاب وإن بدت أقرب إلى منطق المنافسات التي بدأت تلغي حظوظ أحزاب كبرى وصغرى، وأقل من رهان قطبية ثنائية. ما قد يفسح في المجال أمام توقعات لناحية تأثر اشتراعيات العام المقبل بهذه التوازنات التي لا يفسدها شيء غير اعتلاء نبرة استخدام الأموال، التي باتت عائقاً حقيقياً أمام اكتمال المشهد السياسي في المغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفوذ المال نفوذ المال



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

GMT 12:34 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الشخصية اللبنانية كمزحة

GMT 12:32 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لماذا يكره المتطرفون الفنانين؟

GMT 12:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

ارفع معنوياتك!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya