بان والمغرب واستعادة الثقة

بان والمغرب واستعادة الثقة

المغرب اليوم -

بان والمغرب واستعادة الثقة

محمد الأشهب

يتعذر الذهاب إلى نهاية الشهر الحالي، من دون حد أدنى من الوفاق في علاقة المغرب والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. أقله أن محوري قرارات مجلس الأمن المتوقع صدورها، لناحية تمديد ولاية «المينورسو» في الصحراء والدعوة إلى تسريع المفاوضات العالقة بين الأطراف المعنية، يواجهان مأزقاً كبيراً، وكما في إمكان المغرب أن يدعي أن الإخلال بشروط الحياد أثر في مسار التعاطي مع الملف، يكون في وسع بان كي مون أن يعرض في تقريره لما يعتبره تعاوناً ناقصاً مع الأمم المتحدة.
فالعلاقة بين المغرب وبعثة «المينورسو» يمكن أن تعود إلى سابق عهدها، لكن في نطاق الحرص على رقابة وقف النار الذي يسري مفعوله منذ ربع قرن، مع إيلاء الوضع الملتبس للمنطقة العازلة، شرق الجدار الأمني عناية خاصة، بما يوافق قرار حظر أي نشاط عسكري أو مدني على امتدادها. والأزمة الناشئة بين الرباط وبان كي مون لم تقتصر على تصريحاته التي أبدى الأسف حيال «سوء فهمها»، مع أن «الاحتلال» لا يحتمل غير منطوقه. وإنما كان مبعثها زيارته المنطقة العازلة، وسط أجواء ينتفي فيها الحياد المطلوب. وفهم من توضيحات الناطق باسمه أن بان لم يقصد استفزاز مشاعر المغاربة.
غير أن الخطوة الكفيلة بمعاودة بعض الثقة وليس كلها لم تتبلور بعد، ويحتاج الأمر إلى جهود مضاعفة للعودة بالمواقف إلى ما قبل نشوب الخلافات التي غطت على غيرها من الإشكالات المتعلقة بصعوبة إحراز تقدم حقيقي على المستويات كافة.
كذلك هي حال المفاوضات التي لا يمكن أن تنطلق من نقطة الصفر، وتصعب رعايتها من طرف الأمم المتحدة في ظروف متأزمة يشوبها الحذر وغياب الثقة. يضاف إلى ذلك أن التقرير السنوي الذي دأب بان على تقديمه إلى مجلس الأمن سيكون هذه المرة ناقصاً، من منطلق أن زيارته الأخيرة إلى المنطقة استبعدت الرباط، بسبب خلافات على أجندة التوقيت.
ولئن كان الأصل في مساعي الأمم المتحدة أنها تقرب بين وجهات النظر المتباينة حيال أي نزاع إقليمي، فلا أقل من ألا يكون الأمين العام نفسه طرفاً في أي خلاف أو سوء فهم، لأن الوساطة المطلوبة في ملابسات كهذه تحتم ألا يكون مسانداً لهذا الطرف أو ذاك. ولا يمكن مجلس الأمن الدولي، سيد قراراته، أن يتخذ أي مبادرة جديدة، من دون أن يضع في الاعتبار ما يعرضه المغرب في سياق التطورات المتلازمة، بخاصة أن الحل السياسي الذي يشكل سقف الإطار المحدد في التسوية السلمية لنزاع الصحراء يركز على البعد الوفاقي، إذ لا حل ولا مبادرة إلا ويتعين أن يقبلها الأطراف كافة.
من حيث الإطار القانوني والسياسي لمخططات التسوية، يبدو جلياً أنها لا تطاول الشكل بل تنسحب على الجوهر، وعندما أثير النقاش حول صيغة الاستفتاء تأكدت الأمم المتحدة أن نتائجها لا بد من أن تكون لفائدة طرف على حساب الآخر. إذا رجحت الغالبية فكرة الانضمام النهائي إلى المغرب فستكون هناك أقلية معارضة، لا يعرف كيف يجب التعاطي معها، وفي حال مالت الكفة للطرف الآخر، سيكون هناك وضع مماثل. ولعل هذه الإشكالات القانونية والسياسية والميدانية حتى، هي ما دفعت إلى البحث في صيغة ما يعرف بالحل الثالث الذي اصطلح عليه باسم «الحل السياسي» الذي يكون مقبولاً في منطلقه ونتائجه.
لم يكن نزاع الصحراء الذي طال أمده في حاجة إلى ركام زائد من الخلافات. فباستثناء القرار الملموس الذي يطاول وقف النار الذي صمد رغم كل الهزات والارتدادات، لم يحدث تطور هائل يسمح بالاعتقاد بأن النزاع في طريقه إلى النهاية. صحيح أنه لم يعد يشكل أخطاراً حقيقية على أوضاع السلم والأمن في الشمال الأفريقي، إلا أن التهديدات بإمكان انفلاته قد تصبح جدية. فثمة نزاعات لا يفصلها عن الشرارة الأولى غير خيط رفيع لا تراه العين المجردة. وعندما تهدد جبهة «بوليساريو» بمعاودة حمل السلاح أو يطرح المغرب وضع المنطقة العازلة بحدة لا تقبل التساهل، فذاك يعني أن جميع عناصر التوتر تكاد تجتمع في سلة واحدة.
مسؤولية الأمم المتحدة أن تحول دون انتقال التوتر إلى تدهور. وفي متناول يدها تجارب وتطورات كرست التعايش مع الواقع الراهن. إلا أنه يبقى تعايشاً يلغي حظوظ المنطقة المغاربية في أن تنعم بالسلم والأمن والاستقرار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بان والمغرب واستعادة الثقة بان والمغرب واستعادة الثقة



GMT 18:11 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

«حكاية مدينتين» أيضاً

GMT 19:09 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تباً للكفاح السلمي... تباً للهند

GMT 08:21 2020 الأحد ,27 أيلول / سبتمبر

فوق الكرسي... لا تحته

GMT 08:52 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

المسيرتان

GMT 20:34 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya