الأمم المتحدة وملف الصحراء

الأمم المتحدة وملف الصحراء

المغرب اليوم -

الأمم المتحدة وملف الصحراء

بقلم محمد الأشهب

لم تتسلم الأمم المتحدة ملف الصحراء إلا بعد انحسار مساعي منظمة الوحدة الأفريقية أمام مأزق حرج، لم يعد في الإمكان مواصلة السير على حواشيه. وإذا كان صحيحاً أن النزاع مسجل على أجندة الأمم المتحدة منذ خمسينات القرن الماضي، ثم اللجنة الرابعة في وقت لاحق، فمبعث ذلك أنه كان يتعلق بتصفية الاستعمار الذي يعتبر من صميم مسؤوليات المنظمة الدولية.
بيد أنه منذ إبرام اتفاق مدريد الذي أفضى إلى انسحاب الإدارة والجيش الإسباني من الصحراء، لم يعد هناك مبرر للإبقاء على الملف ضمن خانة آليات الأمم المتحدة، فقد انتقل أوتوماتيكياً من مسألة تصفية الاستعمار إلى توتر إقليمي دخلت على خطه أطراف أخرى، لم تكن لها أي مطالب رسمية في الصحراء. بدليل أنه لا يوجد ضمن وثائق الأمم المتحدة الرسمية، إلى حدود العام 1975، تاريخ انسحاب المستعمر السابق من الإقليم، أي تنظيم كان ينازع مدريد في خطتها لناحية فرض الأمر الواقع.
عملياً رأت الرباط وقتذاك أن أي اتجاه إلى تدويل النزاع لن يقود إلى حصر تداعياته. وعندما رغب الأمين العام السابق للأمم المتحدة كورت فالدهايم اقتراح وساطته، كان الأمر يتعلق فقط بالسعي إلى تطويق أي مضاعفات محتملة على واقع الأمن والسلم، نتيجة تنظيم المغرب «المسيرة الخضراء» التي تطوع فيها 350 ألف مواطن للزحف على ما كان يوصف بالحدود الوهمية بين المغرب والأقاليم الصحراوية الخاضعة وقتذاك للنفوذ الإسباني.
أثير جدل في مجلس الأمن وآليات الأمم المتحدة في شأن الأخطار التي يمكن أن تنجم في حال إطلاق الجيش الإسباني الرصاص على المتطوعين المغاربة الذين كانوا يحملون المصاحف والأعلام. وردت الرباط بأن المسيرة ستكون سلمية لن تسيل فيها قطرة دم واحدة. ولم تحدث أي مواجهة عسكرية بين المغرب وإسبانيا. بل على عكس ذلك تواجهت قوات من الجيشين المغربي والجزائري في معركة «أمغالا» داخل إقليم الصحراء في شباط (فبراير) 1976 مرتين على الأقل.
تلك أحداث تعود إلى الماضي. وبسبب تزايد أشكال التوتر الإقليمي في منطقة الشمال الأفريقي، دعيت منظمة الوحدة الأفريقية إلى التعاطي وإشكالات النزاع. وكادت تصل إلى حل سلمي ونهائي مقبول، لولا أن انعطافاً قانونياً وسياسياً تسبب فيه الأمين العام السابق للمنظمة الأفريقية آدم كودجو أدى إلى انسحاب المغرب من المنظمة القارية، احتجاجاً على ضمها ما يُعرف بـ «الجمهورية الصحراوية» إلى عضويتها. وكان لذلك الانعطاف أثره البالغ في مسار المنظمة التي اضمحلت ليستنسخها «الاتحاد الأفريقي» لاحقاً.
على أنقاض تلك الخلافات الجوهرية أفلحت الأمم المتحدة، بعد استلام الملف، في إقرار خطة تسوية بديلة، شملت وقف النار ووضع معالم تسوية سلمية مطلع العام 1991. لكنها واجهت صعوبات حقيقية في تحديد هوية المؤهلين للمشاركة في التسوية النهائية التي كان الأمين العام بيريز ديكويار مهندسها الرئيس.
بيد أن أهم تطور سياسي عرفه الملف، على عهد الأمين العام كوفي أنان أن الوسيط الدولي جيمس بيكر اقترح أكثر من صيغة لإنهاء المشكل، كان من بينها التهديد بانسحاب الأمم المتحدة أو البحث في حل بديل عبر الحكم الذاتي أو العودة إلى الاستفتاء، لينتهي الأمر عند التزام مجلس الأمن الدولي تصوراً بديلاً وواقعياً تحت يافطة «الحل السياسي». ومع أنه كان في وسعه أن يحدد معالم الحل، فقد اهتدى إلى تركه لخلاصات المفاوضات وقبول الأطراف كافة بالمعايير التي أقرتها الأمم المتحدة، ضمن مسلسل المفاوضات التي لا تكون كاملة، إلا عند شمولها الجوانب كافة.
اليوم يبدو الأمر أقرب إلى السير باتجاه العلامات الممنوعة، وتعكس الأزمة القائمة بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مأزق انعدام الثقة. ليس فقط لأن مسؤولياته تتحدد في التزام الحياد، ولكن لأن وصف «الاحتلال» الذي أطلقه على المغرب يناقض مرجعيات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن كافة. أقله أنه يتجاوز مبدأ حرية التعبير في أي اختيار يقره سكان المحافظات الصحراوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمم المتحدة وملف الصحراء الأمم المتحدة وملف الصحراء



GMT 08:17 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

معنى استعادة سرت من «داعش»

GMT 08:15 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

لغة الإشارات بين المغرب والجزائر

GMT 08:14 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

عن التناوب الحكومي في المغرب

GMT 08:13 2016 الثلاثاء ,30 آب / أغسطس

التحالف الإسلامي ومواجهة «داعش»

GMT 07:17 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

بن كيران والاستحقاق الانتخابي

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya