بقلم : أمينة خيري
حان وقت الاحتفاء بالنهاية والاستعداد لبداية جديدة. وحان وقت تمنِّى أن يكون العام الجديد أحَنَّ وأحلى وأمتع وأيسر وأكرم. والميزة الكبيرة فى العام المنصرم 2020 أن الجميع يتفق أنه ليس كأى عام مضى، لكن ربما يكون شبيهًا بأعوام مقبلة. نصف الكوب الفارغ يخبرنا أن الوباء قرر البقاء معنا لبعض الوقت، ودعوة أشقائه وأبناء عمومته ليحظوا بما يحظى به من اهتمام وأضواء وميزانيات مخصصة وإجراءات موجهة وسياسات مسلطة. أما النصف الملىء فيوجهنا إلى المستقبل، الذى طالما تخبطنا فى التجهيز له، حيث إما اللجوء إلى أفاكين ونصابين ليخبرونا بمَن سيتزوج مَن، ومَن ينفصل عمَّن، ومَن يقتل مَن، أو نكتفى بالدعاء أن يَمُنَّ الله علينا بالخير واليُمن والبركات. ولا تفوتنا بالطبع الإشارة فى هذا الصدد إلى البالوعة التى تم اقتيادنا إليها، حيث إما الدعاء لمَن يشبهوننا فقط والدعاء على الآخرين، أو تحريم الاحتفال من الأصل بالعام الميلادى الجديد.
العام الميلادى الجديد يحمل قدْرين متساويين من المجهول والمعلوم. المجهول هو مصير الوباء معنا، أو بالأحرى مصيرنا مع الوباء. وأما المعلوم فهو أن تفاصيل حياة العمل والترفيه والتعليم والزواج والصحة وغيرها لن تكون كما كانت حتى لو انتهى الوباء. المؤكد أن القادم رقمى بشكل أو بآخر. والمؤكد أن مجالات العمل لن تعتمد على كليات قمة وكليات قاع. سيكون العمل مواكبًا لرقمنة الحياة. حتى لو تظاهرت بعض الأمم بأن الرقمنة لا تعنيها- وأنها ماضية قدمًا فى ضخ العيال إلى سوق العمل، حيث قيادة التكاتك وفرش البضاعة على الأرصفة والانضمام إلى سوق العمل القائم على البلطجة وجمع الإتاوات عنوة من المواطنين، فى غفلة من القوانين- فإن هذا لا يعنى أن هذه الأمم ستمضى إلى العام الجديد ولكن بالحفاظ على خصوصيتها، لكنه يعنى أن هذه الأمم ستمضى إلى العام الجديد وهى تنزلق نحو الهاوية.
العام الميلادى الجديد فرصة ذهبية لتحويل الدفّات وضبط الزوايا لما يصلح أن نحمله معنا من أمتعتنا القديمة، مع وضع دعائم علمية ومنطقية للبناء الجديد. العالم على الجانب الآخر يتحدث عن الإنهاك الذى تسببه ساعات العمل الطويلة على «زووم»، وعن الحرب الضارية بين الشركات التى تمتلك منصات السوشيال ميديا للاستحواذ على بعضها البعض، والثورة الحادثة فى مجال الشراء «أون لاين» بديلًا عن الشراء الفعلى من خلال محال، والسيارات ذاتية القيادة التى تقل الركاب بدون تدخل سائق بشرى، والوجبات المناسبة للعزل والحجر، وتطورات عملية التعلم الرقمى وانعكاساتها على الميزانيات المخصصة للتعليم، وقائمة ما يمكن أن يتوقعه العالم فى 2021 طويلة.
الاختيار لنا. هل نبقى فى دائرة الدعاء على البلاء دون التحرك للحصول على الدواء، أم نعتبر 2021 عام إنهاء الغفلة؟ كل سنة ونحن إلى الواقع أقرب وعن الغفلة أبعد